موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ الظُّلمِ


(الظُّلمُ ثَلاثةٌ:
 الأوَّلُ: ظُلمٌ بَينَ الإنسانِ وبَينَ اللهِ تعالى، وأعظَمُه: الكُفرُ، والشِّركُ، والنِّفاقُ؛ ولذلك قال: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13] ، وإيَّاه قَصدَ بقَولِه: أَلَا لَعْنةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمينَ [هود: 18] ، وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإنسان: 31] ، في آيٍ كثيرةٍ، وقال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ [الزمر: 32] ،  وَمَنْ أَظْلَمَ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [الأنعام: 93] .
 والثَّاني: ظُلمٌ بَينَه وبَينَ النَّاسِ، وإيَّاه قَصدَ بقَولِه: وَجَزَاءُ سَيِّئةٍ سَيِّئةٌ مِثْلُهَا إلى قَولِه: إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ الآية، وبقَولِه: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ [الشورى: 42] ، وبقَولِه: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا [الإسراء: 33] .
والثَّالثُ: ظُلمٌ بَينَه وبَينَ نَفسِه، وإيَّاه قَصدَ بقَولِه: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ [فاطر: 32] ، وقَولُه: ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل: 44] ، إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ [النساء: 64] ، فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [البقرة: 35] ، أي: مِن الظَّالمينَ أنفُسَهم وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة: 231] . وكُلُّ هذه الثَّلاثةِ في الحَقيقةِ ظُلمٌ للنَّفسِ؛ فإنَّ الإنسانَ في أوَّلِ ما يَهُمُّ بالظُّلمِ فقد ظَلمَ نَفسَه، فإذًا الظَّالمُ أبَدًا مُبتَدِئٌ في الظُّلمِ؛ ولهذا قال تعالى في غَيرِ مَوضِعٍ: وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل: 33] ، وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة: 57] ، وقَولُه: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82] ) [4584] ((مفردات ألفاظ القرآن)) للراغب الأصفهاني (537، 538). .
وقال ابنُ رَجَبٍ في أقسامِ الظُّلمِ: (وهو نَوعانِ: أحَدُهما: ظُلمُ النَّفسِ، وأعظَمُه الشِّركُ، كما قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13] ؛ فإنَّ المُشرِكَ جَعل المَخلوقَ في مَنزِلةِ الخالقِ، فعَبدُه وتَألهَه، فهو وضعُ الأشياءِ في غَيرِ مَوضِعِها... ثُمَّ يليه المَعاصي على اختِلافِ أجناسِها مِن كبائِرَ وصَغائِرَ. والثَّاني: ظُلمُ العَبدِ لغَيرِه) [4585] ((جامع العلوم والحكم)) (2/ 36). .

انظر أيضا: