موسوعة التفسير

سورةُ الكَهفِ
الآيات (103-106)

ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ

غريب الكلمات:

فَحَبِطَتْ: أي: بَطَلتْ وذَهَبتْ، من الحَبَطِ: وهو فَسادٌ يَلحَقُ الماشيةَ في بُطونِها لأكلِ الكَلأِ حتى تَنتَفِخَ أجوافُها، وأصلُ (حبط): يدُلُّ على بُطلانٍ [1544] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 82)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 186)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/129)، ((البسيط)) للواحدي (4/144)، ((المفردات)) للراغب (ص: 216)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 127).   .

مشكل الإعراب:

قولُه تعالى: ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا
في توجيهِه أوجُهٌ، أحدُها: أَنْ يكونَ ذَلِكَ خبرَ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: الأمرُ ذلك، وجَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ جملةً اسميَّةً برأسِها. الثاني: أن يكونَ ذَلِكَ مبتدأً أولَ، وجَزَاؤُهُمْ مبتدأً ثانيًا، وجَهَنَّمُ خبَرَه، وهو وخَبرُه خبرَ الأوَّلِ. والعائدُ محذوفٌ، أي: جزاؤُهم به. الثالثُ: أن يكونَ ذَلِكَ مبتدأً، وجَزَاؤُهُمْ بدلًا منه، و جَهَنَّمُ خبرَه. الرَّابعُ: أن يكونَ ذَلِكَ مبتدأً، وجَزَاؤُهُمْ خبَرَه،  وجَهَنَّمُ بدَلًا منه، أو خبَرَ مبتدأٍ محذوفٍ. وقيل غيرُ ذلك [1545] يُنظر: ((التبيان)) للعكبري (2/863)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (7/555)، ((الجدول)) لمحمود صافي (16/262).   .

المعنى الإجمالي:

يأمرُ الله تعالى نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم أن يبينَ للناسِ مَن هم الأخسرونَ أعمالًا، فيقول: قُلْ -يا مُحمَّدُ-: هل نُخبِرُكم بأخسَرِ النَّاسِ أعمالًا؟ إنَّهم الذين بطَل عمَلُهم في الحياةِ الدُّنيا مِن المُشرِكين والضالِّين عن سَواءِ السَّبيلِ، وهم يظنُّونَ أنَّهم مُحسِنونَ في أعمالِهم ولا يَعلَمونَ أنَّها باطِلةٌ، أولئك هم الذين كَفَروا بآياتِ رَبِّهم وكذَّبوا بها، وأنكَروا البعثَ، فبَطَلت أعمالُهم بسَبَبِ كُفرِهم، فلا نُثَقِّلُ موازينَهم يومَ القيامةِ؛ لأنَّه ليس لهم حَسَناتٌ، ذلك جزاؤُهم نارُ جهنَّمَ؛ بسَبَبِ كُفرِهم باللهِ واتِّخاذِهم آياتِه ورُسُلَه استهزاءً وسُخريةً.

تفسير الآيات:

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّه لَمَّا تبيَّنَ بما لا مِريةَ فيه أنَّ الكافرينَ خَسِروا خَسارةً لا رِبحَ معها، وخاب ما كانوا يُؤمِّلونَ؛ أمَرَ تعالى نبيَّه أن ينَبِّهَهم على ذلك، فقال [1546] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (١٢/147).   :
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103).
أي: قُلْ -يا مُحمَّدُ [1547] قيل: المرادُ: قل لهؤلاء الذين يَبغُونَ عَنَتَك، ويجادِلونك بالباطِلِ، ويُحاوِرونَك بالمسائِلِ مِن أهلِ الكتابَينِ: اليهودِ، والنصارى. وممن قال بذلك: ابن جرير. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/423). وقيل: المرادُ: قُل للنَّاسِ. وممَّن قال بذلك: السعدي. يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 488). وقال ابنُ عثيمين: (قُلْ أي: يا محمدُ للأمةِ كلِّها). ((تفسير ابن عثيمين - سورة الكهف)) (ص: 142). : هل نُخبِرُكم بأخسَرِ النَّاسِ أعمالًا وأضيَعِها، فلا ينتَفِعون بها [1548] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/423)، ((تفسير ابن كثير)) (5/202)، ((تفسير السعدي)) (ص: 488). عن مُصعَبِ بنِ سعدِ بنِ أَبي وقَّاص قال: (سألتُ أبي: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا: هم الحَروريَّة؟ قال: لا، هم اليهودُ والنَّصارى؛ أمَّا اليهودُ فكَذَّبوا محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم، وأمَّا النصارى فكَفَروا بالجنَّة وقالوا: لا طعامَ فيها ولا شرابَ! والحروريَّةُ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة: 27] )، وكان سَعدٌ يُسَمِّيهم الفاسقينَ). رواه البخاري (4728). قال ابنُ جرير: (الصوابُ مِن القَولِ في ذلك عندنا أن يُقالَ: إنَّ الله عزَّ وجلَّ عنى بقَولِه: هُلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا [الكهف: 103] كلَّ عاملٍ عَمَلًا يَحسَبُه فيه مصيبًا، وأنَّه لله بفِعلِه ذلك مُطيعٌ مُرضٍ، وهو بفِعلِه ذلك لله مُسخِطٌ، وعن طريقِ أهل الإيمان به جائِرٌ، كالرَّهابنة والشَّمامسة وأمثالِهم مِن أهلِ الاجتهادِ في ضلالتِهم، وهم مع ذلك مِن فِعلِهم واجتهادِهم باللهِ كَفرةٌ مِن أهلِ أيِّ دينٍ كانوا). ((تفسير ابن جرير)) (15/427). وقال ابنُ كثير: (هذه الآيةُ مكيَّةٌ قبل خِطابِ اليَهودِ والنَّصارى، وقبل وجودِ الخوارجِ بالكُلِّيَّة، وإنَّما هي عامَّةٌ في كلِّ مَن عبد اللهَ على غيرِ طريقةٍ مُرضيةٍ، يحسَبُ أنَّه مصيبٌ فيها، وأنَّ عَمَله مَقبولٌ، وهو مُخطئٌ، وعَمَلُه مردودٌ). ((تفسير ابن كثير)) (5/202). وقال الشنقيطي: (التحقيقُ: أنَّ الآيةَ نازلةٌ في الكُفَّارِ الذين يعتَقِدونَ أنَّ كُفرَهم صوابٌ وحَقٌّ، وأنَّ فيه رضا ربِّهم؛ فقَولُ من قال: إنَّهم الكُفَّارُ، وقَولُ مَن قال: إنهم الرُّهبانُ، وقَولُ مَن قال: إنَّهم أهلُ الكتاب الكافرونَ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كُلُّ ذلك تشمَلُه هذه الآيةُ... وما رُوي عن عليٍّ رَضِيَ الله عنه مِن أنَّهم أهلُ حَروراءَ معناه أنهم يكونُ فيهم من معنى الآيةِ بقَدرِ ما فَعَلوا؛ لأنَّهم يرتَكِبونَ أمورًا شَنيعةً مِن الضَّلالِ، ويعتقدون أنَّها هي معنى الكتابِ والسُّنَّة؛ فقد ضَلَّ سَعيُهم وهم يَحسَبونَ أنَّهم يُحسِنونَ صُنعًا، وإن كانوا في ذلك أقَلَّ مِن الكُفَّار المجاهرينَ؛ لأنَّ العبرةَ بعُمومِ الألفاظِ لا بخُصوصِ الأسبابِ). ((أضواء البيان)) (3/350). ؟
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104).
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
أي: هم الذين بَطَلت أعمالُهم التي عَمِلوها في الدُّنيا واضمحلَّتْ؛ لفَسادِ اعتقادِهم، ومخالفتِهم شَريعةَ ربِّهم [1549] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/428)، ((جامع المسائل)) لابن تيمية (5/264)، ((تفسير ابن كثير)) (5/202)، ((تفسير السعدي)) (ص: 488)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (3/349، 350).   .
كما قال سُبحانَه: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان: 23] .
وقال عزَّ وجلَّ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية: 2-4] .
وعن عائِشةَ رَضِيَ الله عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((مَن عَمِلَ عَمَلًا ليس عليه أمْرُنا، فهو رَدٌّ )) [1550] رواه مسلم (1718).   .
وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا.
أي: والحالُ أنَّهم يظُنُّونَ أنَّهم يُحسِنونَ في أعمالِهم، وسيَنتَفِعونَ بآثارِها، ولا يَدرونَ أنَّها باطِلةٌ [1551] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/428، 429)، ((تفسير ابن كثير)) (5/202)، ((تفسير الشوكاني)) (3/372، 373)، ((تفسير السعدي)) (ص: 488).   .
كما قال تعالى: وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الأعراف: 30] .
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105).
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ.
أي: أولئك هم الذين كَفَروا بحُجَجِ رَبِّهم وأدِلَّتِه [1552] قال السعدي: (جَحَدوا الآياتِ القُرآنيَّةَ والآياتِ العِيانيَّة، الدَّالَّةَ على وجوبِ الإيمانِ به، وملائكتِه، ورُسُلِه وكُتُبِه واليومِ الآخِرِ). ((تفسير السعدي)) (ص: 488).   وكذَّبوا بالبَعثِ بعد الموتِ، فأبطلَ اللهُ أعمالَ الخيرِ التي عَمِلوها، فلا يُثابونَ عليها في الآخرةِ؛ لعَدَمِ بِنائِها على أساسٍ مِن الإيمانِ [1553] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/429)، ((تفسير ابن عطية)) (3/545)، ((تفسير ابن كثير)) (5/202)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (12/148)، ((تفسير السعدي)) (ص: 488).   .
فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا.
أي: فلا نُثقِّلُ مَوازينَهم يومَ القيامةِ؛ لأنَّه ليس لهم حَسَناتٌ [1554] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/429)، ((الهداية الى بلوغ النهاية)) لمكي (6/4479)، ((تفسير ابن كثير)) (5/202). وممَّن اختار هذا المعنى المذكور: ابن جرير، ومكي، وابن كثير. يُنظر: المصادر السابقة. وممن اختار أيضًا نحوَ هذا المعنى، وأنَّه لا حسنةَ لهم تُوزنُ؛ لأن أعمالهم قد حَبِطَتْ: الثعالبي، والقرطبي، وابنُ جزي. يُنظر: ((تفسير الثعالبي)) (3/545)، ((تفسير القرطبي)) (11/66)، ((تفسير ابن جزي)) (1/475). قال السعدي: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا لأنَّ الوزنَ فائدتُه مقابلةُ الحسناتِ بالسيئاتِ، والنظرُ في الراجحِ منها والمرجوحِ، وهؤلاء لا حسنات لهم؛ لعدمِ شرطِها، وهو الإيمانُ، كما قال تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا [طه: 112] ، لكن تعدُّ أعمالُهم وتُحصَى، ويُقرَّرون بها، ويُخزون بها على رؤوسِ الأشهادِ، ثم يعذَّبون عليها). ((تفسير السعدي)) (ص: 488). ويُنظر الخلافُ في مسألةِ وزنِ أعمالِ الكفارِ في: ((التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة)) للقرطبي (ص: 715)، ((فتح الباري)) لابن حجر (13/538)، ((لوائح الأنوار السنية)) للسفاريني (2/203). وقيل: المراد: أنَّهم لا يُعتَدُّ بهم، ولا يكونُ لهم عند الله قَدرٌ ومَنزِلةٌ. وممَّن اختار هذا المعنى: الواحدي، والبغوي، والعليمي، والشوكاني، والقاسمي، وابنُ عثيمين. يُنظر: ((البسيط)) للواحدي (14/166- 167)، ((تفسير البغوي)) (3/221)، ((تفسير العليمي)) (4/225)، ((تفسير الشوكاني)) (3/373)، ((تفسير القاسمي)) (7/80)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة الكهف)) (ص: 146). قال الشنقيطي: (وقولُه في هذه الآيةِ الكريمةِ: فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا، فيه للعلماءِ أوجهٌ: أحدُها: أنَّ المعنَى أنَّهم ليسَ لهم حسناتٌ تُوزَنُ في الكِفَّةِ الأُخرى في مقابلةِ سيِّئاتِهم، بل لم يكُنْ إِلَّا السَّيِّئَاتُ، ومَنْ كانَ كذلك فهو في النَّارِ، كما قالَ تعالَى: وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ* تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ، [المؤمنون: 103 - 104] ، وقالَ: وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ الْآيَةَ [الأعراف: 8 - 9] ، وقالَ: وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ [القارعة: 8 - 11] ، إلى غيرِ ذلك مِنَ الآياتِ. وقالَ بعضُ أهلِ العلمِ: معنَى فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا: أنَّهم لا قدرَ لهم عندَ اللَّهِ لحقارَتِهم، وهو أنَّهم بسببِ كفرِهم، وذلك كقولِه عنهم: سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر: 60] ، أي: صاغرينَ أذِلَّاءَ حقيرينَ، وقولِه: قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ [الصافات: 18] ، وقولِه: قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون: 108] ، إلى غيرِ ذلك مِنَ الآياتِ الدَّالَّةِ على هوانِهم وصغارِهم وحقارتِهم). ((أضواء البيان)) (3/352). ويُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (3/545). .
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّه لَيأتي الرجُلُ العَظيمُ السَّمينُ يومَ القيامةِ لا يَزِنُ عند الله جَناحَ بَعوضةٍ، وقال: اقرؤوا: فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا)) [1555] رواه البخاري (4729) واللفظ له، ومسلم (2785).   .
  ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) .
  ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا.
أي: إنما جازينا أولئك الكافرين بجهنم بسَبَبِ كُفرِهم [1556] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/430)، ((تفسير ابن كثير)) (5/203). وقال ابنُ عاشور: (الإشارةُ إما إلى ما تقَدَّم من وعيدِهم... وإمَّا إلى مقدَّرٍ في الذِّهنِ دَلَّ عليه السياقُ، يبَيِّنُه ما بعده، على نحوِ استعمالِ ضميرِ الشأنِ مع تقديرِ مبتدأٍ محذوفٍ. والتقديرُ: الأمرُ والشأنُ ذلك جزاؤُهم جهنَّمُ). ((تفسير ابن عاشور)) (16/48). وقال البقاعي: (ذَلِكَ أي: الأمرُ العَظيمُ الذي بيَّنَّاه من وعيدِهم جَزَاؤُهُمْ لكِنْ لَمَّا كان حاكمًا بضلالِهم وغباوتِهم، بيَّن الجزاءَ بقَولِه: جَهَنَّمُ، وصَرَّح بالسببيَّةِ بقَولِه: بِمَا كَفَرُوا). ((نظم الدرر)) (12/149). .
وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا.
أي: وبسَبَبِ استِهزائِهم، واستِخفافِهم بالحُجَجِ والدَّلائِلِ ورُسُلِ اللهِ، وسُخريتِهم منهم [1557] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/430)، ((تفسير القرطبي)) (11/67)، ((تفسير ابن كثير)) (5/203).   .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ الله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا لَمَّا كانت أعمالُ الكافرينَ مُختَلِفةً؛ فمنهم من يعبُدُ الملائِكةَ، ومنهم مَن يَعبُدُ النُّجومَ، ومنهم من يَعبُدُ بعضَ الأنبياءِ، ومنهم مَن يعبُدُ الأوثانَ، ومنهم من يكفُرُ بغير ذلك- جمع الممَيِّزَ فقال: أَعْمَالًا [1558] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (12/147).   ؛ لأنَّ أعْمالَهم في الضَّلالِ مُختلِفةٌ، ولَيْسوا مُشتَرِكين في عمَلٍ واحدٍ [1559] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (7/230)، ((تفسير أبي السعود)) (5/249).   .
2- قَولُ اللهِ تعالى: الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا فيه دَلالةٌ على أنَّ مِن النَّاسِ مَن يعمَلُ العَمَلَ وهو يَظُنُّ أنَّه مُحسِنٌ، وقد حَبِطَ سَعيُه، والذي يُوجِبُ إحباطَ السَّعيِ إمَّا فَسادُ الاعتقادِ أو المُراءاة [1560] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (11/65).   .
3- قال الله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ... هذا مِن أدَلِّ الدَّلائِلِ على خطأِ قَولِ مَن زعَمَ أنَّه لا يَكفُرُ باللهِ أحَدٌ إلَّا مِن حيثُ يَقصِدُ إلى الكُفرِ بعد العِلمِ بوحدانيَّتِه؛ وذلك أنَّ الله -تعالى ذِكْرُه- أخبر عن هؤلاء الذين وَصَف صِفَتَهم في هذه الآيةِ: أنَّ سَعْيَهم الذي سَعَوا في الدنيا ذهب ضلالًا، وقد كانوا يَحسَبونَ أنَّهم مُحسِنونَ في صُنعِهم ذلك، وأخبَرَ عنهم أنَّهم هم الذين كفَروا بآياتِ رَبِّهم، ولو كان القَولُ كما قال الذين زعموا أنَّه لا يَكفُرُ بالله أحَدٌ إلَّا مِن حيث يعلَمُ، لوجب أن يكونَ هؤلاء القَومُ في عمَلِهم الذي أخبر اللهُ عنهم أنَّهم كانوا يَحسَبون فيه أنَّهم يُحسِنون صُنعَه، كانوا مُثابين مأجورين عليها، ولكِنَّ القَولَ بخلافِ ما قالوا، فأخبر جلَّ ثناؤه عنهم أنَّهم بالله كَفَرةٌ، وأنَّ أعمالهم حابِطةٌ [1561] يُنظر: ((تفسير الطبري)) (15/428-429).   .
4- في قوله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا دلالةٌ على أنَّ الإنسانَ يُوزَنُ مع عمَلِه [1562] يُنظر: ((النُّكَتُ الدالة على البيان)) للقَصَّاب (2/368). قال حافظ حكمي: (والذي استُظهِرَ من النصوصِ -والله أعلم- أنَّ العاملَ وعمَلَه وصَحيفةَ عَمَلِه: كُلُّ ذلك يُوزَنُ؛ لأنَّ الأحاديثَ التي في بيانِ القُرآنِ قد وردت بكُلٍّ من ذلك، ولا منافاةَ بينها). ((معارج القبول)) (2/848-849). ويُنظر أيضًا: ((شرح الطحاوية)) لابن أبي العز الحنفي (2/610- 613). ومِن أهلِ السنة مَن ذهَب إلى أنَّ الذي يُوزنُ هو العملُ؛ لأنَّ أكثرَ النصوصِ تدلُّ على ذلك، وأجاب عن هذه الآيةِ بأنَّه لا دلالةَ فيها على وزنِ العاملِ، وأنَّ المرادَ: أنَّهم لا قيمةَ لهم ولا اعتبارَ، أو: أنَّ بعضَ الناسِ يُخصُّ فيُوزنُ هو نفسُه، أو صحيفةُ عملِه، والله أعلم. يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (3/389)، ((شرح العقيدة السفارينية)) لابن عثيمين (1/473)، ((شرح العقيدة الواسطية)) لابن عثيمين (2/143). .

بلاغة الآيات:

1- قوله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا
     - قولُه: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا اعتراضٌ باستئنافٍ ابتدائيٍّ أَثاره مَضمونُ جُملةِ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا...، وافْتِتاحُ الجُمْلةِ بالأمرِ بالقَوْلِ قُلْ؛ للاهْتِمامِ بالمقولِ بإصغاءِ السَّامِعين؛ لأنَّ مِثلَ هذا الافْتِتاحِ يُشعِرُ بأنَّه في غرَضٍ مهمٍّ، وكذلك افْتِتاحُه باستِفْهامِهم عن إنبائِهم استفهامًا مُستعمَلًا في العَرْضِ؛ لأنَّه بمَعْنى: أتُحِبُّون أن نُنبِّئَكم بالأخسَرين أعمالًا؟ وهو عرضُ تَهكُّمٍ؛ لأنَّه مُنبِّئُهم بذلك دونَ توقُّفٍ على رِضاهم [1563] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/45-46).   ، هذا على أن المقولَ لهم: هم المشرِكون، قاله لهم؛ تَوبيخًا لهم، وتَنْبيهًا على ما غَفَلوا عنه مِن خَيبةِ سَعيِهم [1564] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (5/248-249)، ((تفسير ابن عاشور)) (16/46).   .
     - وفي قولِه: نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الْتِفاتٌ؛ حيث عدَل فيه عن طريقةِ الخِطابِ بأن يُقالَ لهم: هل نُنبِّئُكم بأنَّكم الأخْسَرون أعمالًا؟ إلى طريقةِ الغَيْبةِ؛ بحيث يَستشرِفون إلى مَعرِفةِ هؤلاء الأخْسَرينَ فما يَروعُهم إلَّا أن يَعلَموا أنَّ المخبَرَ عَنهم هم أنفُسُهم [1565] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/46).   ، هذا على أنَّ المقولَ لهم هم المشركون. ونونُ المتكلِّمِ المشارِكِ في قولِه: نُنَبِّئُكُمْ يَجوزُ أن تَكونَ نونَ العظَمةِ راجِعةً إلى ذاتِ اللهِ، على طَريقةِ الالْتِفاتِ في الحِكايةِ. ومُقْتضى الظَّاهرِ أن يُقالَ: هل يُنبِّئُكم اللهُ، أي: سيُنبِّئُكم. ويَجوزُ أن تَكونَ للمُتكلِّمِ المشارِكِ، راجِعةً إلى الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم وإلى اللهِ تعالى؛ لأنَّه يُنبِّئُهم بما يُوحَى إليه مِن ربِّه. ويجوزُ أن تكونَ راجِعةً للرَّسولِ وللمسلمينَ [1566] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/46).   .
2- قولُه تعالى: الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا
     - في قولِه: الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بعدَ قولِه: بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا: إطنابٌ؛ لزيادةِ التَّشويقِ إلى مَعرِفةِ هؤلاءِ الأخْسَرين؛ حيث أجْرى عليهِم مِن الأوصافِ ما يَزيدُ السَّامِعَ حِرْصًا على مَعرِفةِ الموصوفينَ بتلك الأوصافِ والأحوالِ [1567] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/46).   .
     - قولُه: الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فيه تشبيه سَعْيِهم غيرِ المثمِرِ بالسَّيرِ في طريقٍ غيرِ مُوصِّلةٍ [1568] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/46).   .
3- قولُه تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا
     - قولُه: أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا كلامٌ مُستأنَفٌ مِن جَنابِه تعالى، مَسوقٌ لِتَكميلِ تَعريفِ الأخسَرين، وتَبْيينِ سببِ خُسْرانِهم وضَلالِ سَعْيِهم وتَعْيينِهم؛ بحيث يَنطبِقُ التَّعريفُ على المخاطَبين، غيرَ داخِلٍ تحتَ الأمرِ [1569] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (5/249).   .
     - قولُه: الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فيه: التَّعرُّضُ لِعُنوانِ الرُّبوبيَّةِ؛ لزِيادةِ تَقْبيحِ حالِهم في الكُفْر المذكورِ [1570] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (5/249).   .
     - قولُه: أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ جيءَ باسْمِ الإشارةِ أُولَئِكَ؛ لِتَمييزِهم أكمَلَ تَمييزٍ؛ لِئلَّا يَلتَبِسوا بغَيرِهم، وللتَّنبيهِ على أنَّ المشارَ إليهم أحْرِياءُ بما بعدَ اسْمِ الإشارةِ مِن حُكْمٍ؛ بِسبَبِ ما أُجْرِي عليهم مِن الأوصافِ [1571] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/47).   .
     - وقولُه: أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فيه إظهارٌ في مَقامِ الإضمارِ، ومُقتَضى الظَّاهرِ أن يُقالَ: (أولَئِك الَّذين كفَروا بآياتِنا) [1572] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/47). وهذا الوجهُ على القَولِ بأنَّ النُّونَ في قولِه: هَلْ نُنَبِّئُكُمْ نونُ العظَمةِ. وأما على القولِ بأنَّها للمُتكلِّمِ المشارِكِ راجعةٌ إلى الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم، وإلى اللهِ تعالى؛ لأنَّه يُنبِّئُهم بما يُوحَى إليه مِن ربِّه، أو على أنَّها راجِعةٌ للرَّسولِ وللمُسلِمين؛ فيَكونَ على مُقْتَضى الظَّاهِرِ، وليس فيه هذا الوجهُ البَلاغيُّ.   .
     - قولُه: فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا نَفيُ إقامةِ الوَزْنِ مُستعمَلٌ في عدَمِ الاعْتِدادِ بالشَّيءِ، وفي حَقارتِه؛ لأنَّ النَّاسَ يَزِنونَ الأشياءَ المتنافَسَ في مَقاديرِها، والشَّيءَ التَّافِهَ لا يُوزَنُ -على أحدِ القولينِ في التفسيرِ-. وجعَلَ عدَمَ إقامةِ الوزنِ مُفرَّعًا على حَبْطِ أعمالِهم؛ لأنَّهم بحَبْطِ أعمالِهم صاروا مُحقَّرين لا شيءَ لهم مِن الصَّالحاتِ [1573] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/47).   .
4- قوله تعالى: ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا  بَيانٌ لِمَآلِ كُفرِهم، وسائِرِ مَعاصيهم، إثْرَ بيانِ مآلِ أعْمالِهم المحبَطةِ [1574] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (5/250).   .
     - وقولُه: ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا... قولُه: جَهَنَّمُ بدَلٌ مِن جَزَاؤُهُمْ بدَلًا مُطابِقًا؛ لأنَّ إعدادَ جهَنَّمَ هو عَينُ جَهنَّم، وإعادةُ لفظِ (جَهَنَّمَ) أكْسَبه قوَّةَ التَّأكيدِ، والباءُ للسَّببيَّةِ، و(ما) مَصْدريَّةٌ، أي: بسبَبِ كُفرِهم [1575] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/48-49).   .
     - قولُه: بِمَا كَفَرُوا تَصريحٌ بأنَّ ما ذُكِر: جَزاءٌ لكُفرِهم المتضمِّنِ لِسائرِ القبائحِ الَّتي أنبَأ عنها قولُه تعالى: وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا [1576] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (5/250).   .
     - قولُه: وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (الرُّسُلُ) يَجوزُ أن يُرادَ به حَقيقةُ الجَمْعِ؛ فيَكونَ إخْبارًا عن حالِ كُفَّارِ قُريشٍ ومَن سبَقَهم مِن الأمَمِ المكذِّبين، ويَجوزُ أن يُرادَ به الرَّسولُ الَّذي أُرسِلَ إلى النَّاسِ كُلِّهم، وأطلَق عليه اسْمَ الجَمْعِ تَعظيمًا؛ كما في قولِه: نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ [1577] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/49).   [إبراهيم: 44] .
     - والهُزُؤُ -بضَمَّتَينِ- مَصْدرٌ بمَعْنى المفعولِ، وهو أشَدُّ مُبالَغةً مِن الوَصفِ باسْمِ المفعولِ، أي: كانوا كَثيري الهزُؤِ بهِم [1578] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (16/48).   .