موسوعة الفرق

المَطلَبُ الرَّابعُ: رأيُ الخَوارِجِ في إمامةِ المفضولِ


اختلف الخَوارِجُ في صِحَّةِ إمامةِ المفضولِ مع وجودِ الفاضِلِ إلى فريقَينِ مُتقابِلَينِ:
الفريقُ الأوَّلُ: يرى عَدَمَ الجوازِ، وأنَّ إمامةَ المفضولِ تكونُ غيرَ صحيحةٍ مع وجودِ الأفضَلِ.
الفريقُ الثَّاني: يرى صِحَّةَ ذلك، وأنَّه تنعَقِدُ الإمامةُ للمفضولِ مع وجودِ الأفضَلِ.
قال ابنُ حَزمٍ: (ذهَبَت طوائِفُ من الخَوارِجِ، وطوائِفُ من المُعتَزِلةِ، وطوائِفُ من المُرجِئةِ، منهم محمَّدُ بنُ الطَّيِّبِ الباقِلَّانيُّ ومَن اتَّبَعه، وجميعُ الرَّافضةِ مِن الشِّيعةِ إلى أنَّه لا يجوزُ إمامةُ مَن يوجَدُ في النَّاسِ أفضَلُ منه. وذهبت طائفةٌ من الخَوارِجِ، وطائفةٌ من المُعتَزِلةِ، وطائفةٌ من المُرجِئةِ، وجميعُ الزَّيديَّةِ من الشِّيعةِ، وجميعُ أهلِ السُّنَّةِ؛ إلى أنَّ الإمامةَ جائزةٌ لِمن غيرُه أفضَلُ منه) [664] ((الفصل)) (4/ 163). .
والإباضيَّةُ من هذا الفريقِ الثَّاني الذي يُجَوِّزُ إمامةَ المفضولِ مع وجودِ الفاضِلِ.
قال الثَّعاريتيُّ الإباضيُّ عن الإباضيَّةِ: (تجوزُ إمامةُ المفضولِ مع وجودِ الفاضِلِ، خِلافًا لقومٍ كالإماميَّةِ، هذا ما عليه أصحابُنا، وهو بعَينِه مَذهَبُ الأشاعِرةِ) [665] نقلًا عن ((الإباضية بين الفرق)) لمعمر (ص: 462). .
ومِن هنا فإنَّ الطَّالبيَّ لم يكُنْ وَصفُه دقيقًا عِندَما أطلَق الحُكمَ بأنَّ الخَوارِجَ بصِفةٍ عامَّةٍ لا يُجيزون إمامةَ المفضولِ مع وُجودِ الفاضِلِ، فقال: (ولا يجوزُ عِندَ الخَوارِجِ أن يتولَّى الإمامةَ شخصٌ مفضولٌ إذا وُجِد مَن هو أفضَلُ منه) [666] ((آراء الخوارج)) (ص: 128). . فقد تبيَّن ممَّا سَبَق من كلامِ ابنِ حَزمٍ والثَّعاريتيِّ أنَّ بعضَهم يُجيزُ ذلك.

انظر أيضا: