موسوعة الفرق

المَطلَبُ الخامِسُ: رأيُ الخَوارِجِ في إمامةِ المرأةِ


أخبر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن المرأةِ بأنَّها ناقِصةُ عَقلٍ ودِينٍ [667] لفظه: عن أبي سعيد الخدري قال: (خرج رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أضحى أو فِطرٍ إلى المُصَلَّى، فصَلَّى وانصَرَف فقال: يا مَعْشَرَ النِّساءِ تصَدَّقْنَ، ما رَأيتُ من ناقِصاتِ عَقلٍ ودِينٍ أذهَبَ للُبِّ الرَّجُلِ الحازِمِ مِن إحداكُنَّ يا مَعْشَرَ النِّساءِ! فقُلْنُ له: ما نُقصانُ عَقْلِنا ودِينِنا يا رَسولَ اللهِ؟ قال: أليس شَهادةُ المرأةِ مِثْلَ نِصفِ شَهادةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بلى. قال: فذاك مِن نُقصانِ عَقْلِها، وأليست إذا حاضت المرأةُ لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟ قال: فذاك من نُقصانِ دِينِها) أخرجه البخاري (304) واللَّفظُ له، ومُسلِم (80). ، فكيف يجوزُ إلقاءُ مَصيرِ الأمَّةِ على عاتِقِ امرأةٍ واحِدةٍ لا تُقبَلُ شهادتُها بمُفرَدِها؟
وقد ورَد في الحديثِ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لن يُفلِحَ قَومٌ وَلَّوا أمْرَهم امرأةً )) [668] رواه البخاري (4425) من حديثِ أبي بَكرةَ نُفَيعِ بنِ الحارثِ رَضِيَ اللهُ عنه. .
وقد نقل ابنُ حزمٍ اتِّفاقَ جميعِ المُسلِمين على عَدَمِ جوازِ تَوَلِّي المرأةِ الإمامةَ العُظمى، فقال: (جميعُ فِرَقِ أهلِ القِبلةِ ليس منهم أحدٌ يُجيزُ إمامةَ المرأةِ) [669] ((الفصل)) (4/ 110). .
ولكِنَّ فِرقةَ الشَّبيبيَّةِ من الخَوارِجِ التي كان لها تأثيرٌ بالغٌ في محاربةِ جَيشِ الخلافةِ وانتصارِهم عليه مرَّاتٍ عديدةً، تذهَبُ إلى جوازِ توَلِّي المرأةِ الإمامةَ العُظمى، وذلك أنَّ شَبيبَ بنَ يَزيدَ الشَّيبانيَّ زعيمَ هذه الطَّائفةِ كان في جيشِ صالحِ بنِ مُسَرَّحٍ الذي ثار على الخِلافةِ الأُمَويَّةِ في زَمَنِ عَبدِ المَلِكِ بنِ مَروانَ، فقابَلَه جيشُ الخِلافةِ على بابِ حِصنِ جَلُولا، فانهزم صالحٌ جَريحًا، فلمَّا أشرَفَ على الموتِ استخلَفَ شبيبًا هذا، فأحدث في زَمَنِه القولَ بجوازِ توَلِّي المرأةِ الإمامةَ العُظمى، فذكَرَ عنه البَغداديُّ: (أنَّه مع أتباعِه أجازوا إمامةَ المرأةِ منهم إذا قامت بأمورِهم وخرَجت على مُخالِفيهم، وزَعَموا أنَّ غزالةَ أمَّ شَبيبٍ كانت الإمامَ بَعدَ قتلِ شَبيبٍ إلى أن قُتِلت، واستدَلُّوا على ذلك بأنَّ شبيبًا لَمَّا دخل الكوفةَ أقام أمَّه على مِنبَرِ الكوفةِ حتَّى خَطَبت) [670] ((الفَرْق بين الفِرَق)) (ص: 110 – 111). .
وقد سجَّل العُلَماءُ على هذه الفِرقةِ تناقُضَهم في انتقادِهم أمَّ المُؤمِنين عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها حينَ خَرَجت تطالِبُ بدَمِ عُثمانَ أوَّلَ الأمرِ مجتَهِدةً، فتأوَّلوا عليها قولَ اللهِ تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب: 33] ، فقالوا: إنَّها خالفَت ما أمَرَها اللهُ به من السَّترِ والحِجابِ والقرارِ في البيتِ، فإذا كانوا ينتَقِدون خُروجَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ تعالى عنها، وهي مع مَحْرَمِها محجَّبةً تقيَّةً، فكيف أجازوا لنِسائِهم توليةَ الإمامةِ العُظمى والخُروجَ على الحُكَّامِ يحارِبْنَ معهم في ميادينِ القتالِ؟ فقد كانت نساؤُهم يتقَلَّدْنَ السُّيوفَ، ويَرْكَبنَ ظهورَ الخَيلِ، ويَحضُرْنَ المعارِكَ، ويبارِزْنَ الشُّجعانَ، حتَّى اشتَهَرْنَ بتلك الصِّفاتِ. وعائشةُ رَضيَ اللهُ عنها خرَجَت مع جُندِها وهي أمٌّ لجميعِ المُؤمِنين بنَصِّ القرآنِ، ولم تخرُجْ لطَلَبِ الإمامةِ العُظمى.

انظر أيضا: