موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- نماذِجُ من التَّعاوُنِ عندَ الأنبياءِ والمُرسَلينَ


- أمر اللهُ سُبحانَه وتعالى إبراهيمَ عليه السَّلامُ ببناءِ الكعبةِ، فقام إبراهيمُ عليه السَّلامُ استجابةً لأمرِ اللَّهِ، وطلب من ابنِه إسماعيلَ أن يساعِدَه على تنفيذِ هذا الأمرِ الإلهيِّ، ويعينَه في بناءِ الكعبةِ، فقال له: ((يا إسماعيلُ، إنَّ اللهَ أمرني بأمرٍ، قال: فاصنَعْ ما أمرَك ربُّك، قال: وتعينُني؟ قال: وأعينُك، قال: فإنَّ اللهَ أمرني أن أبنيَ هاهنا بيتًا، وأشار إلى أَكَمةٍ [1800] الأكَمةُ: الموضِعُ الذي يكونُ أشَدَّ ارتفاعًا ممَّا حوله، وهو غليظٌ لا يبلُغُ أن يكونَ حَجَرًا. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (31/223). مرتَفِعةٍ على ما حولَها، قال: فعندَ ذلك رفعَا القواعِدَ من البيتِ، فجعَل إسماعيلُ يأتي بالحجارةِ وإبراهيمُ يبني، حتى إذا ارتَفَع البناءُ جاء بهذا الحَجَرِ فوضَعَه له فقام عليه، وهو يبني وإسماعيلُ يناوِلُه الحجارةَ، وهما يقولانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127] ، قال: فجعلا يبنيانِ حتَّى يدورا حولَ البيتِ وهما يقولانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) [1801] أخرجه البخاري (3364) مطوَّلًا من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما. .
- عندما أرسل اللهُ سُبحانَه وتعالى موسى عليه السَّلامُ إلى فرعونَ وكَلَّفه بأن يدعوَ فرعونَ إلى عبادةِ اللهِ وَحدَه، طلب موسى عليه السَّلامُ من ربِّه سُبحانَه وتعالى المُعينَ والمساعِدَ على هذا الأمرِ العظيمِ، فطلب منه أن يجعَلَ له أخاه هارونَ معاوِنًا ومساعِدًا في دعوتِه فِرعَونَ، فقال: وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه: 29 - 32] ، فقال اللهُ له: قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه: 36] ، وجعَل هارونَ معاوِنًا ومساعِدًا لموسى عليه السَّلامُ في دعوتِه إلى اللَّهِ، وآتاه النُّبُوَّةَ استجابةً لدعوةِ موسى [1802] يُنظَر: ((جامع البيان)) للطبري (18/300)، ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (11/192)، ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (5/83). . (وهذا من وجاهتِه عندَ رَبِّه عزَّ وجَلَّ، حين شَفَع أن يوحيَ اللهُ إلى أخيه، فأوحى إليه، وهذا جاهٌ عظيمٌ؛ قال اللهُ تعالى: وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب: 69] ، وقال تعالى: وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا [مريم: 53] . وقد سمِعَتْ أمُّ المؤمِنين عائشةُ رجلًا يقولُ لأناسٍ وهم سائِرون في طريقِ الحَجِّ: أيُّ أخٍ أمَنُّ على أخيه؟ فسكت القومُ، فقالت عائشةُ لمن حولَ هَودَجِها: هو موسى بنُ عِمرانَ حينَ شَفَع في أخيه أن يكونَ نبيًّا يوحى إليه! قال اللهُ تعالى: وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا [مريم: 53] ) [1803] ((البداية والنهاية)) لابن كثير (2/ 60). .

انظر أيضا: