موسوعة التفسير

سورةُ الأحزابِ
الآيات (69-71)

ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ

غَريبُ الكَلِماتِ:

وَجِيهًا: أي: ذا مَنزلةٍ عاليةٍ عندَ اللهِ، وشَرَفٍ وكرامةٍ؛ يقال: وَجُهَ الرَّجُلُ وَجاهةً، فهو وَجيهٌ، وهذا الفِعلُ مُشتَقٌّ مِن الوَجهِ الَّذي للإنسانِ [1401] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 105)، ((تفسير ابن جرير)) (5/410)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 479)، ((المفردات)) للراغب (ص: 856)، ((تفسير ابن عاشور)) (22/121). .
سَدِيدًا: أي: مستقيمًا، صَوابًا، حَقًّا غيرَ باطِلٍ، والسَّدادُ: القصدُ في القولِ، وأصلُ (سدد): يدُلُّ على رَدْمِ شَيءٍ ومُلاءَمَتِه، ومِن ذلك السَّديدُ: ذو السَّدادِ، أي: الاستقامةِ؛ كأنَّه لا ثُلْمَةَ فيه [1402] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (1/121)، ((تفسير ابن جرير)) (19/195)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (1/259)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/66)، ((تفسير السمعاني)) (4/310)، ((المفردات)) للراغب (ص: 403)، ((تفسير ابن كثير)) (6/487)، ((التبيان)) لابن الهائم (1/136)، ((الكليات)) للكفوي (1/519). .

المعنى الإجماليُّ:

يَنهَى الله تعالى عن التَّشبُّهِ ببني إسرائيلَ في إيذائِهم لنبيِّهم موسَى عليه السَّلامُ، فيقولُ: يا أيُّها الَّذين آمَنوا لا تكونوا كالَّذينَ رَمَوا موسى بالعَيبِ كَذِبًا وآذَوه، فبَرَّأه اللهُ تعالى ممَّا رماه به بنو إسرائيلَ كَذِبًا، وكان موسى عندَ اللهِ ذا قدْرٍ وجاهٍ عالٍ.
ثمَّ يأمُرُ سبحانَه بتَقْواه والقولِ الموافقِ للصَّوابِ، فيقولُ: يا أيُّها الَّذين آمَنوا اتَّقوا اللهَ، وقولوا قَولًا حَقًّا صوابًا مستقيمًا، يُصلِحْ لكم أعمالَكم ويَتقبَّلْها منكم، ويَغفِرْ لكم ذُنوبَكم، ومَن يُطِعِ اللهَ ورَسولَه فقد فاز فوزًا عَظيمًا.

تَفسيرُ الآياتِ:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا تقضَّى وعيدُ الَّذين يُؤْذُون الرَّسولَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- بالتَّكذيبِ، ونحوِه مِن الأذى المنبَعِثِ عن كُفرِهم؛ مِنَ المُشرِكينَ والمُنافِقينَ، مِن قَولِه: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ [الأحزاب: 57] - حذَّر المؤمِنينَ ممَّا يُؤذي الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، بتنزيهِهم عن أن يكونوا مِثلَ قَومٍ نَسَبوا إلى رَسولِهم ما هو أذًى له، وهم لا يَعبَؤونَ بما في ذلك من إغضابِه الَّذي فيه غَضَبُ اللهِ تعالى [1403] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/119). .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى.
أي: يا أيُّها الذين آمَنوا باللهِ ورَسولِه، لا تكونوا كالَّذين آذَوا موسى، فاتَّهَموه أو رَمَوه بالعَيبِ كَذِبًا، فتُؤذوا محمَّدًا صلى الله عليه وسلم بقَولٍ أو فِعلٍ يَكرَهُه [1404] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/190، 194)، ((معاني القرآن)) للزجاج (4/237)، ((تفسير السعدي)) (ص: 673). .
عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ الله عنه، قال: ((قَسَم رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَسْمًا، فقال رجُلٌ: إنَّها لَقِسْمةٌ ما أُريدَ بها وَجْهُ اللهِ! قال: فأتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسارَرْتُه، فغَضِبَ مِن ذلك غَضَبًا شَديدًا، واحمَرَّ وَجهُه حتَّى تمنَّيتُ أنِّي لم أذكُرْه له! قال: ثمَّ قال: قد أُوذِيَ موسى بأكثَرَ مِن هذا فصبَرَ !!)) [1405] رواه البخاري (3150)، ومسلم (1062) واللَّفظُ له. .
فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا.
أي: فأظهَرَ اللهُ براءةَ موسى ممَّا اتَّهَمه ورماه به بنو إسرائيلَ كَذِبًا وباطِلًا [1406] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/190)، ((تفسير السعدي)) (ص: 673)، ((تفسير ابن عاشور)) (22/121). .
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه، قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ موسى كان رَجُلًا حَيِيًّا ستيرًا [1407] «سَتِيرًا» -بالتخفيفِ- على وزنِ فَعيلٍ، بمعنى فاعلٍ، أي: مِن شأنِه وإرادتِه حُبُّ السترِ والصَّونِ، ويُقالُ: «سِتِّيرًا» -بالتَّشديدِ-، مبالغةُ ساترٍ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (6/436)، ((عمدة القاري)) للعيني (15/301)، ((مرقاة المفاتيح)) لملا القاري (9/3642). لا يُرَى مِن جِلْدِه شَيءٌ؛ استِحياءً منه، فآذاه مَن آذاه مِن بني إسرائيلَ، فقالوا: ما يَستتِرُ هذا التَّسَتُّرَ إلَّا مِن عَيبٍ بجِلْدِه: إمَّا بَرَصٍ، وإمَّا أُدْرَةٍ [1408] الأُدْرَةُ: نَفخٌ في الخُصيَتينِ. يُنظر: ((شرح القسطلاني)) (5/385). ، وإمَّا آفةٍ! وإنَّ اللهَ أراد أن يُبَرِّئَه ممَّا قالوا لموسى، فخَلا يومًا وَحْدَه، فوضَعَ ثيابَه على الحَجَرِ ثمَّ اغتسَلَ، فلمَّا فَرَغ أقبَلَ إلى ثيابِه لِيَأخُذَها، وإنَّ الحَجَرَ عَدا بثَوبِه، فأخَذَ موسى عصاه وطلَبَ الحَجَرَ، فجعل يقولُ: ثَوبي حَجَرُ! ثوبي حَجَرُ! حتَّى انتهى إلى ملأٍ مِن بني إسرائيلَ، فرأوه عُريانًا أحسَنَ ما خَلَق اللهُ وأبرَأَه ممَّا يقولونَ، وقام الحَجَرُ، فأخَذَ ثَوبَه فلَبِسَه، وطَفِقَ بالحَجَرِ ضربًا بعَصاه! فوالله إنَّ بالحَجَرِ لَنَدَبًا [1409] لَنَدَبًا: أي: أثرًا وعَلامةً باقيةً مِن أثَرِ ضربِه، وأصلُ النَّدَبِ: أثَرُ الجُرحِ إذا لم يرتفِعْ عن الجِلدِ، فشُبِّهَ به أثَرُ الضَّربِ بالحَجَرِ. يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (9/3643). مِن أثَرِ ضَرْبِه: ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا! فذلك قَولُه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا)) [1410] رواه البخاري (3404) واللفظ له، ومسلم (339). وما رواه أبو هُرَيرةَ رضيَ الله عنه هنا عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيما أُوذيَ به موسَى عليه أكثَرُ أهلِ التَّفسيرِ، كما ذكَر السَّمْعانيُّ في ((تفسيره)) (4/309). وقال ابنُ جرير-بعدَما حكَى أقوالَ المفسِّرينَ في ذلك-: (أَوْلى الأقوالِ في ذلك بالصَّوابِ أن يُقالَ: إنَّ بني إسرائيلَ آذَوْا نبيَّ اللهِ ببَعضِ ما كان يَكرَهُ أن يُؤذَى به، فبَرَّأه اللهُ ممَّا آذَوْه به، وجائزٌ أن يكونَ ذلك ما ذُكِر أنَّهم قالوا: إنَّه آدَرُ، وجائزٌ أن يكونَ قِيلَهم إنَّه أبرَصُ، وجائزٌ أن يكونَ ادِّعاءَهم عليه قَتْلَ أخيه هارونَ، وجائزٌ أن يكونَ كُلَّ ذلك؛ لأنَّه قد ذُكِر كُلُّ ذلك أنَّهم قد آذَوْه به، ولا قولَ في ذلك أَوْلى بالحَقِّ ممَّا قال اللهُ إنَّهم آذَوْا موسى، فبَرَّأه اللهُ ممَّا قالوا). ((تفسير ابن جرير)) (19/194، 195). .
وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا.
أي: وكان موسى عندَ الله عظيمًا ذا قَدْرٍ ومَنزلةٍ عاليةٍ وجاهٍ، وقَبولٍ واستِجابةٍ لِدُعائِه [1411] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/190)، ((تفسير القرطبي)) (14/252)، ((تفسير ابن كثير)) (6/487)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (15/421)، ((تفسير ابن عاشور)) (22/121). .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
بعدَ أنْ نهَى الله المُسلِمينَ عمَّا يُؤذي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وربَأَ بهم عن أن يَكونوا مِثلَ الَّذين آذَوا رَسولَهم؛ وجَّه إليهم بعدَ ذلك نِداءً بأن يَتَّسِمُوا بالتَّقوى وسَدادِ القَولِ؛ لأنَّ فائدةَ النَّهيِ عن المَناكِرِ التَّلَبُّسُ بالمحامِدِ، والتَّقْوى جِماعُ الخَيرِ في العَمَلِ والقَولِ، والقَولُ السَّديدُ مبثُّ الفضائِلِ [1412] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/121، 122). .
وأيضًا فهذه الآيةُ مُقرِّرةٌ للَّتي قبْلَها مِن قولِه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى الَّتي بُنِيَتْ على النَّهيِ عمَّا يُؤذَى به رسولُ اللهِ، بيْنَما هذه الآيةُ بُنِيَتْ على الأمرِ باتِّقاءِ اللهِ في حِفظِ اللِّسانِ؛ لِيَترادَفَ عليهم النَّهيُ والأمرُ، مع إتْباعِ النَّهيِ ما يَتضمَّنُ الوعيدَ مِن قِصَّةِ موسى، وإتْباعِ الأمرِ الوعْدَ البليغَ، فيَقْوى الصَّارِفُ عن الأذى، والدَّاعي إلى تَركِه [1413] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (3/564). .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ.
أي: يا أيُّها الَّذين آمَنوا باللهِ ورَسولِه، اتَّقوا سَخَطَ اللهِ وغَضَبَه وعَذابَه؛ بفِعلِ أوامِرِه، واجتِنابِ نواهيه [1414] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/195)، ((تفسير ابن كثير)) (6/487)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (15/421، 422)، ((تفسير القاسمي)) (8/123)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 531). .
وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا.
أي: وقولوا في الرَّسولِ والمؤمِنينَ وفي جميعِ كلامِكم قَولًا حقًّا صوابًا، مُستقيمًا لا انحِرافَ فيه [1415] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/195)، ((تفسير القرطبي)) (14/253)، ((تفسير ابن كثير)) (6/487)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (15/422). قال ابن كثير: (قال عكرمةُ: القولُ السَّديدُ: لا إلهَ إِلَّا اللَّهُ. وقال غيرُه: السَّديدُ: الصِّدْقُ. وقال مجاهدٌ: هو السَّدادُ. وقال غيرُه: هو الصَّوابُ. والكلُّ حقٌّ). ((تفسير ابن كثير)) (6/488). وقال السعدي عن القَولِ السَّديدِ: (وهو القَولُ الموافِقُ للصَّوابِ، أو المقارِبُ له عندَ تعَذُّرِ اليَقينِ؛ مِن قراءةٍ، وذِكرٍ، وأمرٍ بمعروفٍ، ونَهيٍ عن مُنكَرٍ، وتعلُّمِ عِلمٍ وتَعليمِه، والحِرصِ على إصابةِ الصَّوابِ في المسائِلِ العِلميَّةِ، وسلوكِ كُلِّ طريقٍ يُوصِلُ لذلك، وكلِّ وَسيلةٍ تُعِينُ عليه). ((تفسير السعدي)) (ص: 673). وقال القرطبي: (ظاهِرُ الآيةِ يُعطي أنَّه إنَّما أشار إلى ما يكونُ خِلافًا للأذى الَّذي قيلَ في جِهةِ الرَّسولِ وجِهةِ المؤمِنينَ). ((تفسير القرطبي)) (14/253). .
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71).
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ.
أي: يُوفِّقْكم اللهُ في أعمالِكم، فيَجعَلْها صالِحةً، ويَتقَبَّلْها منكم [1416] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/196)، ((تفسير ابن كثير)) (6/487)، ((تفسير الشوكاني)) (4/353)، ((تفسير السعدي)) (ص: 673). .
كما قال تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27] .
وقال سُبحانَه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق: 4] .
وقال الله عزَّ وجلَّ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [الليل: 5 - 7] .
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ.
أي: ويَغفِرِ اللهُ لكم ذُنوبَكم، فيَستُرْها عليكم، ويَتجاوَزْ عن مُؤاخَذتِكم بها [1417] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/196)، ((تفسير ابن كثير)) (6/487)، ((تفسير السعدي)) (ص: 673)، ((تفسير ابن عاشور)) (22/123). .
كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق: 5] .
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال: 29] .
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا.
أي: ومَن يُطِعِ اللهَ ورَسولَه فقد فاز فوزًا عَظيمًا؛ بالنَّجاةِ مِن النَّارِ، ودُخولِ الجنَّةِ [1418] يُنظر: ((تفسير يحيى بن سلام)) (2/741)، ((تفسير ابن جرير)) (19/196)، ((الوسيط)) للواحدي (3/484)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 532). .
كما قال تعالى: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران: 185] .

الفَوائِدُ التَّربَويَّةُ:

1- قَولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا يدُلُّ على وُجوبِ توقيرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وتجنُّبِ ما يُؤذيه، وتلك سُنَّةُ الصَّحابةِ والمُسلِمينَ [1419] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/120). .
2- في قَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ أنَّ مَن لم يَتَّقِ اللهَ ويَقُلْ قَولًا سديدًا فإنَّه حَرِيٌّ بألَّا يُصلِحَ اللهُ له أعمالَه، ولا يَغْفِرَ له ذَنْبَه؛ ففيه الحَثُّ على تَقْوى اللهِ، وبيانُ فوائِدِها [1420] يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (1/516). .
3- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ أرشَدَهم إلى ما ينبغي أن يَصدُرَ منهم مِن الأفعالِ والأقوالِ؛ أمَّا الأفعالُ فالخَيرُ، وأمَّا الأقوالُ فالحَقُّ؛ لأنَّ مَن أتَى بالخيرِ وتَرَك الشَّرَّ فقد اتَّقَى اللهَ، ومَن قال الصِّدقَ قال قَولًا سَديدًا [1421] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (25/186). .
4- في قَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ دَليلٌ على أنَّ خيرَ الدُّنيا والآخرةِ جميعًا يُستَنزَلُ بالتَّقوى والصِّدقِ والطَّاعةِ للهِ جلَّ وتعالى، وهو نظيرُ قَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال: 29] ، وقَولِه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [1422] يُنظر: ((النكت الدالة على البيان)) للقَصَّاب (3/684). [الطلاق: 2، 3].

الفَوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائِفُ:

1- قَولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى ناداهم بـ الَّذِينَ آَمَنُوا؛ لِما فيه مِن الإيماءِ إلى أنَّ الإيمانَ يَقتَضي ما سيُؤمَرونَ به [1423] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/122). .
2- في قَولِه تعالى: لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى تحريمُ أذِيَّةِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، والأصلُ في النَّهيِ التَّحريمُ [1424] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 529). .
3- لَمَّا كان قد خَصَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أوَّلِ السُّورةِ بالأمرِ بالتَّقْوى، عَمَّ في آخِرِها بالأمرِ بها، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ [1425] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (15/421). .

بلاغةُ الآياتِ:

1- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا
قولُه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى تَنبيهٌ مِن اللهِ للمُؤمِنينَ؛ كيْ لا يَقَعوا في مِثلِ تلك العُنْجهيَّةِ الَّتي وقَعَ فيها بنو إسرائيلَ، وآذَوْا موسى عليه السَّلامُ؛ لأنَّ مَدارِكَ العُقلاءِ في التَّنبيهِ إلى مَعاني الأشياءِ ومُلازماتِها مُتفاوِتةُ المقاديرِ؛ فكانت حَرِيَّةً بالإيقاظِ والتَّحذيرِ. وفائدةُ التَّشبيهِ: تَشويهُ الحالةِ المُشَبَّهةِ؛ لأنَّ المُؤمِنينَ قد تَقرَّرَ في نُفوسِهم قُبْحُ ما أُوذيَ به مُوسى عليه السَّلامُ بما سبَقَ مِن القُرآنِ، كقولِه: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف: 5] ، فكان تَوجيهُ الخِطابِ للمُؤمِنينَ مِن أُمَّةِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُراعًى فيه المُشابَهةُ بيْنَ الحالينِ في حُصولِ الإذايةِ [1426] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/119، 120). .
ونِداؤهم بـ الَّذِينَ آَمَنُوا فيه تعريضٌ بأنَّ الَّذين يَصدُرُ منهم ما يُؤذي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَصدًا: ليسوا مِنَ المؤمِنينَ في باطِنِ الأمرِ، ولكِنَّهم مُنافِقونَ [1427] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/122). .
وقولُه: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا إدْماجٌ [1428] الإدماجُ: أنْ يُدمِجَ المتكلِّمُ غرَضًا في غَرضٍ، أو بديعًا في بديعٍ، بحَيثُ لا يَظهرُ في الكلامِ إلَّا أحدُ الغرَضينِ أو أحدُ البَديعينِ، بمعنى: أن يَجعلَ المتكلِّمُ الكلامَ الَّذي سِيق لمعنًى -مِن مَدحٍ أو غيرِه- مُتضَمِّنًا معنًى آخَرَ، كقولِه تعالى: لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ [القصص: 70] ؛ فهذا مِن إدماجِ غرَضٍ في غَرَضٍ؛ فإنَّ الغرَضَ منها تَفرُّدُه تعالى بوصْفِ الحَمدِ، وأُدمِجَ فيه الإشارةُ إلى البعثِ والجزاءِ، وقيل: أُدمِجتِ المبالَغةُ في المطابقةِ؛ لأنَّ انفرادَه بالحمدِ في الآخِرَةِ -وهي الوقتُ الَّذي لا يُحمَدُ فيه سِواه- مُبالَغةٌ في الوَصفِ بالانفرادِ بالحَمْدِ. يُنظر: ((التبيان في البيان)) للطِّيبي (ص: 225)، ((الإتقان)) للسيوطي (3/298)، ((تفسير ابن عاشور)) (1/339)، ((علوم البلاغة)) للمراغي (ص: 344)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن حَبَنَّكَة الميداني (2/427). ، وانتِهازٌ للمَقامِ بذِكْرِ بَراءةِ مُوسى ممَّا قالوا [1429] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/120). .
وجُملةُ وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا مُعترِضةٌ في آخِرِ الكلامِ، وأفادتْ بَيانَ سَبَبِ عِنايةِ اللهِ بتَبرئةِ مُوسى عليه السَّلامُ. وذِكرُ فِعلِ (كان) دالٌّ على تَمكُّنِ وَجاهتِه عندَ اللهِ تَعالى، وهذا تَسفيهٌ للَّذِينَ آذَوْه بأنَّهم آذَوْه بما هو مُبرَّأٌ منه، وتَنويهٌ وتَوجيهٌ لِتَنزيهِ اللهِ إيَّاه بأنَّه مُستأهِلٌ لتلك التَّبرئةِ؛ لأنَّه وَجيهٌ عندَ اللهِ، وليس بخاملٍ [1430] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/121). .
وقَدَّمَ عِنْدَ اللَّهِ على قَولِه تعالى: وَجِيهًا؛ إشارةً أنَّ المُهِمَّ أنْ تكونَ وجيهًا عندَ اللهِ تعالى [1431] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 530). .
2- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
قولُه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ابتِداءُ الكلامِ هنا بنِداءِ الَّذين آمَنوا؛ للاهتِمامِ به، واستِجلابِ الإصْغاءِ إليه. وتَقديمُ الأمرِ بالتَّقْوى مُشعِرٌ بأنَّ ما سيُؤمَرونَ به مِن سَديدِ القَولِ هو مِن شُعَبِ التَّقْوى، كما هو مِن شُعَبِ الإيمانِ [1432] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/122). .
3- قولُه تعالى: يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
قولُه: يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ قيل: فيه نَشْرٌ على عَكسِ اللَّفِّ [1433] اللَّفُّ والنَّشْرُ: هو أن يُذكَرَ شيئانِ أو أشياءُ؛ إمَّا تفصيلًا -بالنَّصِّ على كلِّ واحدٍ، أو إجمالًا -بأن يُؤتى بلَفظٍ يَشتملُ على متعدِّدٍ- ثم يُذكرَ أشياءُ على عدَد ذلك، كلُّ واحدٍ يرجِعُ إلى واحدٍ مِنَ المتقدِّمِ، ويُفوَّض إلى عقلِ السَّامعِ ردُّ كلِّ واحدٍ إلى ما يَليقُ به. فاللَّفُ يُشار به إلى المتعدِّدِ الَّذي يُؤتى به أوَّلًا، والنَّشرُ يُشارُ به إلى المتعدِّدِ اللَّاحقِ الَّذي يتعلَّقُ كلُّ واحدٍ منه بواحدٍ مِن السَّابقِ دونَ تعيينٍ؛ مِثلُ قولِه تعالى: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى [البقرة: 111]، أي: وقالت اليهودُ: لن يَدخُلَ الجنَّةَ إلَّا اليهودُ، وقالت النَّصارى: لن يدخُلَ الجنَّةَ إلَّا النَّصارى. وهذا لفٌّ ونَشْرٌ إجماليٌّ. واللَّفُّ والنَّشرُ إمَّا مُرتَّبٌ، وإمَّا غيرُ مُرتَّبٍ؛ فاللَّفُّ والنَّشرُ المُرتَّبُ هو: أن يأتيَ النَّشرُ على وَفْقِ ترتيبِ اللَّفِّ؛ فيُؤتَى بما يُقابِلُ الأشياءَ المذكورةَ ويُضافُ إلى كلٍّ ما يَليقُ به على التَّرتيبِ، كما في قولِه تعالى هنا: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. وغيرُ المرتَّب -وقد يُعَبَّرُ عنه بـ «اللَّفِّ والنَّشرِ المُشَوَّشِ»، أو «المعكوس»-: هو أن يأتيَ النَّشرُ على غَيرِ ترتيبِ اللَّفِّ؛ مثالُه قولُه تعالى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى [الضحى: 6 - 8]، فهذه الجُمَلُ لفٌّ مُفَصَّلٌ، وجاء بعْدَها نَشْرٌ غَيرُ مُرَتَّب؛ فجُملةُ: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ملائمةٌ للجملةِ الأُولى ومتعلِّقةٌ بها، وجملةُ: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ملائمةٌ للجملةِ الثَّالثةِ ومُتعلِّقةٌ بها، وجملةُ: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ملائمةٌ للجملةِ الثَّانيةِ ومتعلِّقةٌ بها. يُنظر: ((مفتاح العلوم)) للسكاكي (ص: 425)، ((الإتقان في علوم القرآن)) للسيوطي (3/320)، ((علوم البلاغة)) للمراغي (ص: 330، 331)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة الميداني (2/403- 406). ؛ فإصلاحُ الأعمالِ جَزاءٌ على القَولِ السَّديدِ؛ لأنَّ أكثرَ ما يُفيدُه القولُ السَّديدُ إرشادُ النَّاسِ إلى الصَّلاحِ، أو اقتِداءُ النَّاسِ بصاحبِ القَولِ السَّديدِ، وغُفرانُ الذُّنوبِ جَزاءٌ على التَّقوى؛ لأنَّ عَمودَ التَّقوى اجتنابُ الكبائِرِ، وقد غفَرَ اللهُ للنَّاسِ الصَّغائرَ باجتنابِ الكبائِرِ، وغفَرَ لهم الكبائِرَ بالتَّوبةِ، والتَّحوُّلُ عن المعاصي بعدَ الهَمِّ بها ضَرْبٌ مِن مَغفرتِها [1434] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/123). وقيل: وعَدَهم على التقوى بإصلاحِ الأعمالِ؛ فإنَّ بتَقْوى اللهِ يَصلُحُ العمَلُ، والعملُ الصَّالحُ يُرفَعُ ويَبقَى، فيَبقَى فاعِلُه خالِدًا في الجنَّةِ؛ ووعَدَهم على القَولِ السَّديدِ بمَغفرةِ الذُّنوبِ. يُنظر: ((تفسير الرازي)) (25/186). وقيل: يترتبُ على التقوَى، والقولِ السديدِ: إصلاحُ الأعمالِ والمغفرةُ. يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/487)، ((تفسير السعدي)) (ص: 673). .
وذِكرُ لَكُمْ مع فِعْلَيْ يُصْلِحْ، وَيَغْفِرْ؛ للدَّلالةِ على العِنايةِ بالمُتَّقينَ أصحابِ القَولِ السَّديدِ [1435] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/123). .
وقولُه: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا عطْفٌ على جُملةِ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وإنَّما صِيغَتِ الجُملةُ في صِيغةِ الشَّرطِ وجَوابِه؛ لإفادةِ العُمومِ في المُطيعينَ، وأنواعِ الطَّاعاتِ؛ فصارتِ الجُملةُ بهَذينِ العُمومَينِ في قُوَّةِ التَّذييلِ، وهذا نَسجٌ بَديعٌ مِن نَظْمِ الكلامِ؛ وهو إفادةُ غَرَضينِ بجُملةٍ واحدةٍ [1436] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (22/123، 124). .