موسوعة التفسير

سُورَةُ آل عِمْرانَ
الآيات (185-186)

ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ

المَعنَى الإجماليُّ:

يُخبر تَعالى أنَّ كلَّ نفْسٍ لا بُدَّ أنْ يكونَ مصيرُها الموت، وأنَّه لا يُجزَى أحدٌ كامِلَ جزائِه على ما عمِلَ مِن خيرٍ أو شرٍّ إلَّا يومَ القيامة؛ فمَن جُنِّب النَّارَ، وأُدخِلَ الجنَّةَ فقد أفلَحَ، وما الحياةُ الدنيا إلَّا متعةٌ زائلةٌ تَغرُّ صاحبَها وتَخدعُه.
ثمَّ يُخبر اللهُ المؤمنين أنَّهم سيُبتَلَوْن في أموالهم، وفي أنفسِهم، وأنَّهم سيَسمعون كثيرًا ما يُؤذيهم مِن أعدائِهم مِن أهلِ الكتابِ والمشركين، فإنْ يَصبروا على ما يُصيبهم مِن ذلك ويتَّقوا، فإنَّ ذلك من الأمورِ التي يُعزَم عليها، وتَحتاج إلى هِمَّةٍ عاليةٍ لِتحقيقِها.

تفسير الآيات:

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا ذَكَر اللهُ تعالى أولئك المفترِين عليه من اليهود المكذِّبين برسولِه، الذين وصَف صِفتَهم، وأخْبَر عَن جراءتِهم على ربِّهم، ذَكر أنَّ مصيرَهم ومصيرَ غيرِهم إليه؛ لأنَّه قد حتَّم الموتَ على جميعِهم، وفي هذا تَسليَةٌ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/288). .
وأيضًا فيها تسليةُ المؤمنين على ما أصابَهم يومَ أُحُد، وتفنيدُ مَزاعِم المنافقين: أنَّ الناسَ لو استشاروهم في القِتال، لَأَشاروا بما فيه سَلامتُهم؛ فلا يَهلِكوا يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/187). ، قال تعالى:
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ
أَيْ: إنَّ كلَّ نفْسٍ لا بُدَّ أنْ يُدركَها الموتُ، فتَنتقلَ بذلك مِن عالَم الفناءِ إلى عالمِ البَقاء يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/288)، ((تفسير ابن كثير)) (2/177)، ((تفسير السعدي)) (ص: 159)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/511). .
قال تعالى: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء: 34-35] .
وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَيْ: لا يُؤدَّى إليكم كامِلُ الجزاءِ على أعمالِكم- خيرِها وشرِّها- إلَّا في يومِ القيامة يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/288)، ((تفسير ابن كثير)) (2/177)، ((تفسير السعدي)) (ص: 159)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/511-512). .
فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
أَيْ: فمَن نُحِّي عن النارِ وجُنِّبها وأُدخِلَ الجنَّة، فقد نجَا وظَفِرَ بعظيمِ كرامةِ الله تعالى يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/288)، ((تفسير ابن كثير)) (2/178)، ((تفسير السعدي)) (ص: 159-160)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/512). .
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
أَيْ: ليستْ هذه الحياةُ الدُّنيا بما فيها مِن لذَّاتٍ وشهواتٍ إلَّا مُجرَّد مُتْعَةٍ زائلةٍ تخدع صاحبَها؛ فلا يَنبغي لعاقلٍ أنْ يَركنَ إليها يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/288-289)، ((تفسير ابن كثير)) (2/178-179)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/512-513). .
قال تعالى: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى [القصص: 60] .
عن أبي هُرَيرَةَ رضِي اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((إنَّ مَوْضِعَ سَوْطٍ في الجنةِ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، اقرؤوا إنْ شِئْتُم فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ، وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الغُرُورِ)) أخرجه الترمذيُّ (3013) واللفظ له، والدارمي (2820)، والنسائي في ((السُّنن الكبرى)) (11085)، وابن حبَّان (7417). قال الترمذيُّ: حسنٌ صحيح، وحسَّنه الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (3013). .
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا سلَّى الرسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقوله: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، زادَ في تسليَتِه بهذه الآية؛ فبيَّنَ أنَّ الكفَّار بعدَ أنْ آذَوُا الرَّسولَ والمسلمين يومَ أُحُد، فسيُؤذونهم أيضًا في المستقبَل بكلِّ طريقٍ يُمكِنهم: مِن الإيذاءِ بالنَّفس والإيذاءِ بالمالِ، والغرضُ مِن هذا الإعلامِ أَنْ يُوَطِّنوا أنفُسَهم على الصَّبْر وترْك الجزَع يُنظر: ((تفسير الرازي)) (9/453). قال ابن عاشور عن هذه الآية: (استئنافٌ؛ لإيقاظ المؤمنين إلى ما يَعترض أهل الحق وأنصار الرسل من البلوى، وتنبيهٌ لهم على أنَّهم إنْ كانوا مِمَّن تُوهِنهم الهزيمةُ، فليسوا أحرياءَ بنصْر الحقِّ) ((تفسير ابن عاشور)) (4/189). ؛ لذا قال تعالى:
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
أَيْ: لَتُختَبرُنَّ في أموالِكم بوقوعِ المصائِب فيها: كتَلفِها، أو حُصولِ النقْص مِنْها، ولَتُمتحَنُنَّ أيضًا في أنفُسِكم: كأمرِكم بالجهادِ في سبيلِ الله، وما يَحصُل فيه مِن خوْفٍ وجِراحٍ وأسْرٍ وقتْلٍ، أو بإصابتِكم بمرَضٍ في أبدانِكم، أو موْتِ أحدِ أبنائِكم يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/290)، ((تفسير ابن كثير)) (2/179)، ((تفسير السعدي)) (ص: 160)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/218)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/516-517). .
قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ [البقرة: 155] .
وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا
أَيْ: إنَّ أعداءَكم مِن المشركين وأهْل الكتاب لا بدَّ أنْ يؤذوكم كثيرًا بألْسنتِهم، ومن ذلك تَكَرُّرُ طعْنِهم في دِينِكم، والنُّطْق بمعتقداتِهم الباطِلة يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/290)، ((تفسير السعدي)) (ص: 160)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/517-518). .
وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
أَيْ: إذا تسلَّحتُم- أيُّها المؤمنون- بسِلاح الصَّبرِ على ما يُصيبكم مِن بلاءٍ في أموالِكم وأنفسِكم، وعلى ما تَسمعونه مِن أذًى في دِينِكم مِن المشركين وأهْل الكِتاب، واستعملتُم التَّقوى بفِعْلِ أوامرِ اللهِ تعالى واجتنابِ نواهِيه- فإِنَّ ذلك الصَّبرَ والتقوى مِن الأمورِ التي تَحتاج إلى هِمَّة عالية، ويَنبغي التصميمُ عليها يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/290)، ((تفسير السعدي)) (ص: 160)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/218)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/518-521). والجمهورُ على أنَّ الآية مُحْكَمة. يُنظر: ((نواسخ القرآن)) لابن الجوزيِ (ص: 334). وقال ابنُ تيميَّة: (إنَّ الأمر بالصَّبر على أذاهم وبتقوى اللهِ لا يَمنعُ قتالَهم عندَ المُكْنة، وإقامة حدِّ الله عليهم عند القُدْرة؛ فإنَّه لا خِلافَ بين المسلمين أنَّا إذا سمِعنا مُشْرِكًا أو كتابيًّا يُؤذي اللهَ ورسولَه، فَلا عَهْدَ بيننا وبينه، وجَبَ علينا أنْ نُقاتِلَه ونجاهِدَه إذا أمكن ذلك... وذلك: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا قَدِم المدينةَ كان بها يهودٌ كثير ومشركون، وكان أهْلُ الأرض إذْ ذاك صِنفَين: مُشرِكًا أو صاحِبَ كتابٍ، فهادَن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مَن بها من اليهود وغيرِهم، وأمرَهم الله إذْ ذاك بالعَفْو والصفْح كما في قوله تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ؛ فأمرَه الله بالعفْو والصفْح عنهم إلى أنْ يُظهِر الله دينَه، ويُعِزَّ جُنْدَه، فكان أوَّلَ العزِّ وقعَةُ بدْرٍ؛ فإنَّها أذلَّت رِقابَ أكثرِ الكفَّار الذين بالمدينة، وأرهبَت سائرَ الكفَّار). ((الصارم المسلول)) (ص:216-217). قال الزركشيُّ: (وبهذا التحقيقِ تَبيَّن ضعْفُ ما لهَجَ به كثيرٌ من المفسِّرين في الآياتِ الآمِرَةِ بالتخفيفِ أنَّها منسوخةٌ بآية السيف، وليستْ كذلك، بل هي مِن المُنسأ، بمعنى: أنَّ كلَّ أمرٍ ورَدَ يجب امتثالُه في وقتٍ ما لعِلَّة تُوجِبُ ذلك الحُكم، ثم يَنتقل بانتقالِ تلك العِلَّة إلى حُكمٍ آخَر، وليس بنسخٍ إنَّما النسخُ الإزالةُ حتى لا يجوز امتثالُه أبدًا) ((البرهان في علوم القرآن)) (2/42). .
قال تعالى: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران: 120] .
عنْ أسامةَ بن زيْدٍ رضِي اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ركِبَ على حِمارٍ، على قَطِيفةٍ فَدَكِيَّةٍ قَطِيفة فَدَكيَّة: القطيفة دِثارٌ مُخمل، أو كِساءٌ غَلِيظ، وجمعها: قطائف. وفدَكيَّة نِسبة إلى فَدَك، وهي بلدةٌ أو قرية بالحِجازِ. يُنظر: ((معجم البلدان)) لياقوت (4/238)، ((شرح النووي على مسلم)) (12/157)، ((فتح الباري)) لابن حجر (8/231). ، وأَرْدَفَ أسامةَ بنَ زيدٍ وراءَه، يعودُ سعدَ بنَ عبادةَ في بني الحارثِ ابنِ الخَزْرَجِ، قبْلَ وقعةِ بَدْر، قال: حتَّى مرَّ بمجلسٍ فيه عبدُ اللهِ بنُ أبيٍّ ابنُ سَلولَ، وذلك قبلَ أن يُسْلِمَ عبدُ اللهِ بنُ أُبيٍّ، فإذا في المجلسِ أخلاطٌ مِن المسلمين والمشركين عَبَدةِ الأوثانِ، واليهودِ والمسلمين، وفي المجلسِ عبدُ اللهِ بنُ رَواحَةَ، فلَمَّا غَشِيَتِ المجلسَ عَجاجَةُ الدَّابَّةِ أَيْ: غُبَارُهَا الذي تثيره. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/232). ، خمَّرَ خَمَّرَ: أَي: غَطَّى. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/232). عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ أَنفَه برِدائِه، ثمَّ قال: لا تُغَبِّروا علينا، فسَلَّم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليهم ثمَّ وقَفَ، فنزَلَ فدَعاهم إلى اللهِ، وقرَأَ عليهم القرآنَ، فقال عبدُ اللهِ بنِ أبيٍّ ابنُ سَلولَ: أيُّها المرءُ، إنَّه لا أحسنَ ممَّا تقولُ، إنْ كان حقًّا، فلا تُؤْذِنا به في مجالسِنَا، ارجِعْ إلى رَحْلِك، فمَن جاءَكَ فاقصُصْ عليه. فقال عبدُ اللهِ ابنُ رَواحةَ: بلى يا رسولَ اللهِ، فاغْشنَا به في مجالسِنَا؛ فإنَّا نُحِبُّ ذلك. فاستَبَّ المسلمون والمشرِكون واليهودُ حتَّى كادوا يَتَثاورون يَتَثَاوَرُونَ: أَي: يَتواثَبون، أي: قاموا بسرعة وانزعاج، وقاربوا أن يثبَ بعضُهم على بعض فيَقتَتِلوا. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/232). ، فَلَمْ يَزَلِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخفِّضُهم حتَّى سَكَنوا، ثمَّ ركِبَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دابَّتَه، فسارَ حتَّى دخَلَ على سَعْدِ بنِ عُبادةَ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا سعدُ، ألَمْ تَسْمَعْ ما قال أبو حُبَابٍ- يُريدُ عبدَ اللهِ بنَ أُبيٍّ- قال: كذا وكذا؟! قال سعدُ بنُ عُبادةَ: يا رسولَ اللهِ، اعفُ عنه، واصفَحْ عنه، فوالذي أنزَلَ عليك الكتابَ، لقد جاءَ اللهُ بالحقِّ الذي أنزَلَ عليك، ولقدِ اصطَلَحَ أهلُ هذه البُحَيْرَةِ البُحَيْرة- بضمِّ الباء مصغَّرة، ويروى بفَتْحها مُكبَّرة-: أصلُها القريةُ، والمقصودُ بها هنا: مدينةُ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. ((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (6/173)، ((شرح النووي على مسلم)) (12/158). على أنْ يُتَوِّجُوه فيُعَصِّبُوه بالعِصابةِ العصابة: العمامة، ويُعصِّبوه بالعصابة، أي: يُرئِّسوه ويُسوِّدوه، وكانوا يُسمُّون السيِّد المطاع مُعصَّبا؛ لأنَّه يُعصَّب بالتَّاج، أو يعصَّب به أمور الناس، ولما يعصب برأسه من الأمور، أو لأنَّهم يُعصبون رؤوسهم بعصابةٍ لا تنبغي لغيرهم فيمتازون بها. يُنظر: ((المعلم بفوائد مسلم)) (3/40)، ((فتح الباري)) لابن حجر (8/232). ، فلمَّا أبَى اللهُ ذلك بالحقِّ الذي أعْطاك اللهُ شرِقَ شَرِقَ: أي: غُصَّ، وهو كناية عن الحسَد، كأنَّه شيء لم يقدِرْ على إساغته وابتلاعه، فغُصَّ به. يقال غص بالطعام وشرق بالماء، إذا اعترض شيءٌ من ذلك في الحَلْق فمنعه الإساغة. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/466)، ((فتح الباري)) لابن حجر (8/232). بذلك؛ فَذلِك فَعَلَ به ما رأيتَ، فعَفَا عنه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابُه يَعْفُون عن المشركينِ وأهلِ الكتابِ كما أمرَهم اللهُ، ويَصْبِرون على الأذى، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا الآيةُ، وقال اللهُ: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ إلى آخِرِ الآيةِ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَأْوَّلُ يتأوَّل العَفوَ: التأويل تفسيرُ ما يؤولُ إليه الشَّيء، ويَعني هنا: يأخُذ العفوَ مِن قولِ اللهِ تعالى: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ *المائدة: 13*، ويمتثِلُ به. ((عمدة القاري)) للعيني (22/217)، ((نخب الأفكار)) للعيني (14/260)، ((شرح القسطلاني)) (9/119). العفْوَ ما أمَرَه اللهُ به، حتَّى أَذِنَ اللهُ فيهم، فلمَّا غزَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بدْرًا، فقَتَلَ اللهُ به صَناديدَ صَنَادِيد: جمع صنديد، وَهُوَ السَّيِّد الكَبِير فِي القَوم. يُنظر: ((عمدة القاري)) للعيني (18/157). كفَّارِ قُرَيشٍ، قال ابنُ أبيٍّ ابنُ سَلولَ وَمن مَعَه مِن المشركين وعَبدةِ الأوثانِ: هذا أمرٌ قد تُوجِّهَ، فبَايَعوا الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الإسلامِ فأَسْلَمُوا )) رواه البخاري (4566) واللفظ له، ومسلم (1798). .

الفوائد التربوية:

1- قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ المقصودُ من هذه الآيةِ: تأكيدُ تسليَةِ الرَّسولِ عليه الصَّلاة والسَّلام، والمبالغةُ في إزالةِ الحزْن مِن قلْبِه، وذلك من وَجهينِ: أحدهما: أنَّ عاقِبةَ الكلِّ الموتُ، وهذه الغمومُ والأحزانُ تَذهبُ وتزولُ ولا يَبقى شيءٌ منها، والحزنُ متى كان كذلك لمْ يَلتفتِ العاقلُ إليه. والثاني: أنَّ بعدَ هذه الدارِ دارًا يَتميَّز فيها المحسِنُ عن المسيءِ، ويَتوفَّر على عملِ كلِّ واحدٍ ما يليقُ به من الجزاء، وكلُّ واحدٍ من هذينِ الوجهين في غايةِ القوَّةِ في إزالةِ الحُزْنِ والغَمِّ عن قلوبِ العُقلاء يُنظر: ((تفسير الرازي)) (9/451). .
2- في قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ حثُّ الإنسانِ على المبادرةِ للعملِ الصَّالح؛ لأنَّه إذا كان ميِّتًا ولا مَحالَةَ وهو لا يَدري متى يموت، فعليه أنْ يُبادرَ، ولا سِيَّما في قضاءِ الواجباتِ والتخلِّي عن المظالم والسيِّئات يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/513). .
3- قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ فيه التزْهيدُ في الدُّنيا بفنائِها وعدمِ بَقائِها، وأنَّها متاعُ الغُرور، تَفتِنُ بزُخْرُفِها، وتَخدَع بغُرورِها، وتَغرُّ بمَحاسِنها، ثمَّ هي مُنتقِلةٌ، ومُنتقَلٌ عنها إلى دارِ القرارِ، التي تُوفَّى فيها النُّفوسُ ما عمِلَت في هذه الدَّارِ، مِن خيرٍ وشرٍّ يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 159). .
4- فسادُ الدُّنيا مِن وجوه: أوَّلُها: أنَّه لو حصَل للإنسانِ جَميعُ مُراداتِه، لَكان غمُّه وهمُّه أزيدَ مِن سُرورِه؛ لِأجْل قِصَرِ وقْتِه، وقلَّة الوثوقِ به، وعدَمِ عِلْمِه بأنَّه: هَلْ يَنتَفِعُ به أمْ لا؟ وثانيها: أنَّ الإنسانَ كُلَّما كان وِجدانُه بمُرادات الدنيا أكثرَ، كان حرصُه في طلَبِها أكثَرَ، وكُلَّما كان الحرْصُ أكثرَ، كان تألُّم القلْبِ بسببِ ذلك الحرْصِ أشدَّ؛ فإنَّ الإنسانَ يَتوهَّم أنَّه إذا فازَ بمَقصودِه سَكنَتْ نفسُه، وليس كذلك، بلْ يَزدادُ طلَبُه وحِرْصُه ورغبَتُه. وثالثها: أَنَّ الإنسانَ بِقدْرِ ما يجدُ من الدُّنيا يَبقى محرومًا عَن الآخِرةِ التي هي أعظمُ السَّعاداتِ والخيرات، ومتَى عَرَفْتَ هذه الوجوهَ الثلاثةَ عَلِمْتَ أنَّ الدنيا متاعُ الغُرور، كما قال تعالى: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ يُنظر: ((تفسير الرازي)) (9/453). .
5- في قوله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ أنَّه يَنبغي للإنسان أنْ يَتفطَّن لِمَا فيه مِن خير وشرٍّ؛ لِيعلمَ أنَّه ابتلاءٌ مِن الله؛ ففي الخيرِ يُبتلى؛ لِيشكر، وفي ضِدِّه يُبتلى؛ لِيصبر يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/522). .
6- قوله تعالى: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا في إخْبارِه لعباده المؤمنين بذلك عدَّةُ فوائد: منها: أنَّ حِكمتَه تعالى تقتضِي حصولَ ذلك؛ لِيتميَّزَ المؤمِنُ الصادِق مِن غيره، ومنها: أنَّه تعالى يُقدِّر عليهم هذه الأمور؛ لِما يُريده بهم من الخير؛ لِيُعليَ دَرجاتِهم، ويُكفِّرَ مِن سيِّئاتهم، ولِيزدادَ بذلك إيمانُهم، ويُتِمَّ به إيقانَهم؛ فإنَّه إذا أخبرَهم بذلك، ووقَع كما أخبر، قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا، ومنها: أنَّه أَخبرَهم بذلك؛ لِتتوطَّنَ نفوسُهم على وقوعِ ذلك، والصَّبرِ عليه إذا وقَعَ؛ لأنَّهم قد استعدُّوا لوقوعِه؛ فيهونُ عليهم حِمْلُه، وتخِفُّ عليهم مُؤنتُه، ويَلجؤون إلى الصَّبرِ والتقوى يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 160). .
7- التنبيهُ على فضيلةِ العزْمِ في الأمورِ؛ لِقوله: فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ، وكلَّما كان الإنسانُ عازِمًا في أمورِه، كان ذلك أَنجحَ له وأحسَنَ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/523). .

الفَوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائِف:

1- قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ يدلُّ على أنَّ المقتولَ يُسمَّى بالميِّت يُنظر: ((تفسير الرازي)) (9/341). .
2- في قوله سبحانه: وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيَّن تعالى أنَّ تمامَ الأجْرِ والثواب لا يصِلُ إلى المكلَّف إلَّا يومَ القيامة؛ لأنَّ كلَّ مَنفَعةٍ تصلُ إلى المكلَّف في الدُّنيا فهي مُكدَّرةٌ بالغُمومِ والهُمومِ وبخوفِ الانقطاعِ والزَّوال، والأجرُ التامُّ والثواب الكامِل إنَّما يصلُ إلى المكلَّفِ يومَ القيامة؛ فهناك يَحصُلُ السُّرورُ بلا غمٍّ، والأمْنُ بلا خوْفٍ، واللذَّةُ بلا ألَمٍ، والسَّعادة بلا خَوفِ الانقطاعِ، وكذا القولُ في جانبِ العِقاب؛ فإنَّه لا يَحصُل في الدُّنيا ألَمٌ خالِصٌ عن شَوائبِ اللذَّة، بل يمتزجُ به راحاتٌ وتخفيفات، وإنَّما الألمُ التامُّ الخالِصُ الباقي هو الذي يكون يومَ القيامةِ، نعوذُ بالله مِنْه يُنظر: ((تفسير الرازي)) (9/341). .
3- في قوله تعالى: وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إشارةٌ لطيفةٌ إلى نعيمِ البَرْزَخِ وعذابِه، وأنَّ العامِلين يُجزَون فيه بعضَ الجزاء ممَّا عمِلوه، ويُقدَّم لهم أنموذجٌ ممَّا أسلَفوه، يُفهم هذا مِن قوله: وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ: تَوفِية الأعمالِ التامَّة، إنَّما يكونُ يومَ القيامَة، وأمَّا ما دون ذلك فيكونُ في البَرْزَخ، بل قد يكونُ قبل ذلك في الدُّنيا، كقوله تعالى: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 150). .
4- إنَّما جمَعَ بين زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ؛ مع أنَّ في الثاني غُنْيةً عن الأوَّل؛ قيل: ليُعلِّق الفوزَ- وهو نيلُ الحظِّ مِن الخيرِ والنجاةُ من الشرِّ- على التنحيةِ من النارِ ودُخولِ الجنة يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (2/350- 351). . وقيل: للدَّلالةِ على أنَّ دُخولَ الجنَّةِ يَشتملُ على نِعمتَينِ عظيمتينِ: النَّجاةِ مِن النار، ونعيمِ الجنَّة يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (3/188). .
5- قال تعالى: وَلَتَسْمَعُنَّ... أَذًى ولم يقُلْ ضررًا؛ لأنَّ هذا الذي يَسمُعه المؤمنون يُؤذيهم، ولكن لا يَضرُّهم يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/418). .
6- الصَّبرُ عبارةٌ عن احتمالِ المكروه، والتقوى عبارةٌ عن الاحترازِ عمَّا لا ينبغي، وفِعلِ ما يَنبغي فِعلُه؛ فقَدَّم ذِكرَ الصَّبر ثمَّ ذَكَر عَقِبَه التقوى في قولِ الله تبارَك وتعالَى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا؛ قيل: لأنَّ الإنسانَ إنَّما يُقدِمُ على الصَّبر؛ لأنَّه يُريدُ الاتِّقاءَ عمَّا لا يَنبغي. وفيه وجهٌ آخر: وهو أنَّ مُقابَلةَ الإساءةِ بالإساءةِ تُفضِي إلى ازديادِ الإساءة، فأَمرَ بالصَّبْر؛ تقليلًا لمضارِّ الدُّنيا، وأمَر بالتقوى؛ تقليلًا لمضارِّ الآخِرة، فكانتِ الآيةُ على هذا التأويلِ جامعةً لآداب الدُّنيا والآخِرة يُنظر: ((تفسير الرازي)) (9/343). .

بلاغة الآيات:

1- قوله: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ خبرٌ فيه وعْدٌ للمُصدِّق، ووعيد للمُكذِّب [5666] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (2/52)، ((تفسير أبي السعود)) (2/123). .
- وقوله: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ فيه: تشبيهٌ بَليغٌ؛ فقد شبَّه الدنيا بالمتاعِ الذي يُدلِّس به بائعُه على طالِبه؛ حتَّى يَنخدعَ ويَشتريَه، وخرَجَ هذا التَّشبيهُ مَخرجَ الإنكارِ على مَن جَعَل دَيْدَنَه الاغترارَ بالدُّنيا، وهي في الواقعِ لا نَفْعَ فيها ولا طائِل تحتَها [5667] يُنظر: ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/125)، ((دليل البلاغة القرآنية)) للدبل (ص: 596). .
- وفيه: تأكيدُ الخبرِ باسميَّة الجُملة، والقصْر بـ(مَا) و(إلَّا) [5668] يُنظر: ((دليل البلاغة القرآنية)) للدبل (ص: 596). .
2- قوله: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَذًى كَثِيرًا أكَّد الفِعلين (لتبلونَّ- ولتسمعنَّ) بلامِ القَسم، وبنونِ التوكيدِ الشَّديدة؛ لِإفادةِ تحقيقِ الابتلاءِ؛ إذْ نونُ التوكيدِ الشديدةُ أقْوَى في الدَّلالةِ على التوكيدِ مِن الخفيفةِ [5669] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/189). .
- وفيه: تقديمُ الأموالِ؛ لِكثرة وقوعِ الهلَكةِ فيها [5670] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/124). .
- وقوله: مِنْ قَبْلِكُمْ فيه التصريحُ بالقَبْليَّة؛ لِتأكيدِ الإشعارِ، وتقويَةِ المدار؛ فَإِنَّ قِدَمَ نُزولِ كتابِهم ممَّا يُؤيِّد تمسُّكَهم به [5671] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/124). .
3- قوله: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ ذَلِك اسمُ الإشارةِ ذَلِكَ إشارةٌ إلى الصَّبر والتَّقوى، وما فيه مِن معنى البُعد؛ لِلإيذانِ بعُلُوِّ درجتِهما وبُعدِ مَنزِلَتِهما [5672] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/124). .
وتوحيدُ حَرْفِ الخِطاب؛ إمَّا باعتبارِ كلِّ واحدٍ من المخاطَبين، وإمَّا لأنَّ المرادَ بالخِطاب مُجرَّدُ التنبيهِ مِن غيرِ مُلاحَظةِ خُصُوصِيَّةِ أحوالِ المخاطَبين [5673] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/124). .