موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- نماذِجُ من حُسنِ العِشْرةِ والجِوارِ عِندَ الأنبياءِ والمُرسَلينَ


صَحِب النَّبيُّون عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ أقوامَهم بحُسنِ العِشْرةِ، فصَبَروا على أذاهم، وبذَلوا لهم المعروفَ، قال تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ [هود: 75] ، وقال قومُ شُعَيبٍ له: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ [هود: 87] ، والحليمُ: بطيءُ الغَضَبِ عمَّن سَفِه عليه، لا يحمِلُه الغَضَبُ أن يفعلَ ما لم يكُنْ يفعَلُه في حالِ الرِّضا [3317] ((جامع البيان)) لابن جرير الطبري (12/ 493، 545). .
- وفي شأنِ إبراهيمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ مع أبيه، قال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ [مريم: 41 - 47] ، أي: لا أُصيبك بمكروهٍ [3318] ((معالم التنزيل)) للبغوي (5/ 235). ، فكلَّم أباه بحُسنِ أدَبٍ ولطيفِ عبارةٍ؛ قال القُرطبيُّ: (لم يعارِضْه إبراهيمُ عليه السَّلامُ بسُوءِ الرَّدِّ) [3319] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (11/ 111). .
- وقال تعالى: فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا [الكهف: 62] ، فكان يوشَعُ بنُ نونٍ يخدُمُ موسى عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ؛ قال النَّوويُّ: (لا بأسَ على العالِمِ والفاضِلِ أن يخدُمَه المفضولُ، ويقضيَ له حاجةً، ولا يكونُ هذا من أخذِ العِوَضِ على تعليمِ العِلمِ والآدابِ، بل من مروءاتِ الأصحابِ وحُسنِ العِشْرةِ) [3320] ((شرح مسلم)) للنووي (15/ 146). .

انظر أيضا: