الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الرَّابِعُ: دَلالةُ العَقلِ

إنَّ النَّظَرَ في آياتِ اللهِ للاستِدلالِ بها على رُبوبيَّتِه من النَّاحيةِ العَقْليَّةِ يُمكِنُ تَقسيمُه إلى نوعَينِ:
النَّوعُ الأوَّلُ: النَّظَرُ في آياتِ اللهِ في خَلْقِ النَّفسِ البَشَريَّةِ
قال اللهُ تعالى: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات: 21].
وهذا ما يُعرَفُ بـدَلالةِ الأنفُسِ؛ فالنَّفسُ آيةٌ من آياتِ اللهِ العَظيمةِ الدَّالَّةِ على تفرُّدِ اللهِ وَحْدَه بالرُّبوبيَّةِ لا شَريكَ له، فإذا تفكَّر الإنسانُ في نَفْسِه وما فيها مِن عَجائِبَ، أيقَنَ أنَّ له ربًّا خالِقًا حَكيمًا خَبيرًا قَديرًا رَحيمًا.
النَّوعُ الثَّاني: النَّظَرُ في آياتِ اللهِ في خَلقِ الكَونِ
قال اللهُ تعالى: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ [الأعراف: 185] .
وهذا ما يُعرَفُ بـدَلالةِ الآفاقِ.
فكلُّ مخلوقٍ كَبيرٍ أو صغيرٍ هو آيةٌ من آياتِ اللهِ العظيمةِ الدَّالَّةِ على رُبوبيَّتِه.
وقال اللهُ سُبحانَه: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ [يونس: 101] .
أي: قُلْ -يا مُحَمَّدُ- للمُشرِكينَ الذين يسألونَك الآياتِ: انظُروا ماذا في السَّمواتِ مِن الشَّمسِ والقَمَرِ والنُّجومِ والسَّحابِ، وفي الأرضِ مِن الجِبالِ والبِحارِ، والأنهارِ والأشجارِ، والثِّمارِ والدوابِّ وغيرِ ذلك من المخلوقاتِ الصَّغيرةِ والكبيرةِ، فتفَكَّروا فيها واعتَبِروا؛ فإنَّها دالَّةٌ على وحدانيَّةِ اللهِ في ربوبيَّتِه وأُلُوهيَّتِه، وعلى كمالِ قُدرتِه وعظيمِ صِفاتِه، فتُغنيكم عن طلَبِ الآياتِ [415] يُنظر: ((التفسير المحرر - سورة يونس)) (ص: 393). .
وقال اللهُ عزَّ وجلَّ: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت: 53] .
فمن تأمَّل الآفاقَ وما في هذا الكونِ من عجائِبَ، دَلَّه ذلك على أنَّ هناك خالقًا لهذا الكَونِ، ومُدَبِّرًا لشُؤونِه [416] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) لابن عثيمين (1/56)، ((أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة)) لنخبة من العلماء (ص: 12). .
قال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ قَولِ اللهِ تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [العنكبوت: 19] : (أرشَدَهم إلى الاعتبارِ بما في الآفاقِ مِن الآياتِ المشاهَدةِ مِن خَلْقِ اللهِ الأشياءَ: السَّمَواتِ وما فيها من الكواكِبِ النَّيِّرةِ الثَّوابتِ والسَّيَّاراتِ، والأرَضِين وما فيها من مِهادٍ وجبالٍ، وأوديةٍ وبِرارٍ وقِفارٍ، وأشجارٍ وأنهارٍ، وثمارٍ وبحارٍ، كُلُّ ذلك دالٌّ على حُدوثِها في أنفُسِها، وعلى وجودِ صانِعِها الفاعِلِ المختارِ، الذي يقولُ للشَّيءِ: كُنْ، فيكونُ) [417])) يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/270). .
قال ابنُ رَجَبٍ: (أخبَرَ سُبحانَه أنَّه إنَّما خَلَق السَّمواتِ والأرضَ، ونزَّل الأمرَ؛ لنعلَمَ بذلك قُدرتَه وعِلْمَه، فيكونَ دليلًا على مَعرِفتِه، ومَعرِفةِ صِفاتِه) [418] يُنظر: ((مجموع رسائل ابن رجب)) (1/40). .
وقد حكى اللهُ تعالى استِدلالَ موسى عليه السَّلامُ بالآياتِ المشهودةِ في الأنفُسِ والآفاقِ للرَّدِّ على فِرعَونَ الذي كان يَقولُ لِقَومِه: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص: 38] ، فتابعه قومُه على ذلك، كما قال تعالى: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ [الزخرف: 54] ، فسأل فرعونُ موسى فقال له: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [الشعراء: 23] أي: مَن هذا الذي تزعُمُ أنَّه رَبُّ العالَمينَ غَيري؟ -كما قال تعالى: قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى [طه: 49] - فأجابه موسى عليه السَّلامُ: قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [الشعراء: 24] أي: خالِقُ جميعِ ذلك ومالكُه والمتصَرِّفُ فيه، وهو الذي خَلَق الأشياءَ كُلَّها؛ العالَمَ العُلْويَّ وما فيه من الكواكِبِ، والعالَمَ السُّفْليَّ وما فيه من عجائِبِ المخلوقاتِ، كالجِبالِ والبِحارِ والأشجارِ، وهذا الردُّ على فِرعَونَ واضِحٌ؛ لأنَّه لا يمكِنُ أن يدَّعيَ مُلْكَه لكُلِّ هذه الأشياءِ، وإنَّما كان له نوعُ مُلكٍ، وهو محدودٌ على مِصْرٍ، فعندما سَمِعَ هذه الحُجَّةَ التفت إلى من حولَه من الملأِ قائلًا: أَلَا تَسْتَمِعُونَ [الشعراء: 25] ؟! على سَبيلِ التهَكُّمِ! ثمَّ زاد موسى عليه السَّلامُ الحُجَجَ فقال: رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ [الشعراء: 26] أي: خالِقُكم وخالِقُ آبائِكم الأوَّلينَ الذين كانوا قبل فِرعَونَ وزمانِه، فكيف تَصِحُّ منه دعوى الرُّبوبيَّةِ إذَن؟ فما كان من فِرعَونَ إلَّا أنْ وَصَف موسى بالجُنونِ، فقال: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ [الشعراء: 27] إمعانًا في تضليلِ قَومِه، فأجاب موسى بقَولِه: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [الشعراء: 28] أي: هو الذي جَعَل المشرِقَ مَشرِقًا تَطلُعُ منه الشَّمسُ والكواكِبُ، والمغرِبَ تَغرُبُ فيه الشَّمسُ والكواكِبُ بنِظامٍ دَقيقٍ لا يتغيَّرُ على حَسَبِ تقديره. وتقريرُ الحُجَّةِ: إن كان فِرعَونُ صادِقًا في دعواه الرُّبوبيَّةَ فليعكِسْ الأمرَ، فغُلِبَ وانقَطَع وعَدَل إلى استِعمالِ قُوَّتِه [419] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/138)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/116)، ((منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى)) لخالد عبد اللطيف (1/276). .
وتلك الآياتُ -سواءٌ المتعلِّقةُ منها بالنَّفسِ البَشَريَّةِ أو غَيِرها مِنَ الكائِناتِ المخلوقةِ في الكَونِ- يمكِنُ الاستِدلالُ بها عَقْلًا على رُبوبيَّةِ اللهِ تعالى بعِدَّةِ طُرُقٍ؛ منها:
أولًا: الاستِدلالُ باستحالةِ صُدورِ الوُجودِ مِن عَدَمٍ
قال اللهُ تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ [الطور: 35-36].
فإمَّا أنَّهم خَلَقوا أنفُسَهم، وهذا باطِلٌ؛ لأنَّه يَستلزِمُ وُجودَهم قَبْلَ الخَلْقِ؛ إذ لا يَصدُرُ الوُجودُ مِنَ العَدَمِ.
وإمَّا أنَّه لا خالِقَ لهم أصلًا، فيكونُ العدمُ هو الذي أوجَدَهم، وهذا باطِلٌ أيضًا.
وإما أنَّ لهم خالِقًا، وهو اللهُ سُبحانَه وتعالى [420] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (7/437)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/67)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (3/495). .
ثانيًا: الاستدلالُ بما في العالَمِ من التغيُّرِ المانِعِ مِن قِدَمِه
وُقوعُ التغيُّرِ الطَّارِئِ على المخلوقاتِ دالٌّ على حُدوثِهم ونُشوئِهم.
قال اللهُ تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ [فاطر: 11] .
وقال اللهُ سُبحانَه: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ [النور: 43-44] .
وقال اللهُ عزَّ وجلَّ: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 75 - 79] .
ثالثًا: أنَّ الكونَ مُمكِنُ الوُجودِ وما كان كذلك فهو مَخلوقٌ
إمكانُ العَدَمِ والوُجودِ على الكَونِ يَنفي وُجوبَ حُدوثِه بنَفْسِه.
قال اللهُ تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ [إبراهيم: 19] .
وقال اللهُ سُبحانَه: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [الإنسان: 1، 2].
رابعًا: أنَّ الكَونَ وُجِدَ على سَبيلِ الإتقانِ مِمَّا يَمنَعُ كَونَه وُجِدَ مِن غَيرِ مُوجِدٍ
قال اللهُ تعالى: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ  فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ *الملك: 3-4*.
وقال سُبحانَه: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل: 88].
خامِسًا: استِحالةُ وُجودِ مُشارِكٍ للهِ في رُبوبيَّتِه
قال اللهُ تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [المؤمنون: 19] .
قال ابنُ أبي العِزِّ: (فتأمَّلْ هذا البُرهانَ الباهِرَ بهذا اللَّفظِ الوَجيزِ الظَّاهِرِ؛ فإنَّ الإلهَ الحقَّ لا بدَّ أن يكونَ خالِقًا فاعِلًا، يُوصِلُ إلى عابِدِه النَّفعَ، ويَدفَعُ عنه الضُّرَّ، فلو كان معه سُبحانَه إلهٌ آخَرُ يَشرَكُه في مُلكِه، لكان له خَلقٌ وفِعلٌ، وحينَئذٍ فلا يرضى تلك الشَّرِكةَ، بل إنْ قَدَر على قَهرِ ذلك الشَّريكِ وتفَرُّدِه بالمُلْك والإلهيَّةِ دُونَه، فَعَل، وإن لم يقدِرْ على ذلك انفَرَد بخَلْقِه وذَهَب بذلك الخَلْقِ، كما ينفَرِدُ ملوكُ الدُّنيا بعضُهم عن بعضٍ بممالِكِه، إذا لم يَقدِرِ المنفَرِدُ منهم على قَهرِ الآخَرِ والعُلُوِّ عليه، فلا بدَّ من أحَدِ ثلاثةِ أُمورٍ:
- إمَّا أن يَذهَبَ كُلُّ إلهٍ بخَلْقِه وسُلطانِه.
- وإمَّا أن يَعْلوَ بَعضُهم على بَعضٍ.
- وإمَّا أن يكونوا تحتَ قَهرِ مَلِكٍ واحدٍ، يتصَرَّفُ فيهم كيف يَشاءُ، ولا يتصرَّفون فيه، بل يكونُ وَحْدَه هو الإلهَ، وهم العبيدُ المربوبونَ المقهورونَ مِن كلِّ وَجهٍ.
وانتِظامُ أمرِ العالَمِ كُلِّه وإحكامُ أمرِه: مِن أدَلِّ دليلٍ على أنَّ مُدَبِّرَه إلهٌ واحِدٌ، ومَلِكٌ واحِدٌ، ورَبٌّ واحِدٌ، لا إلهَ للخَلقِ غيرُه، ولا ربَّ لهم سِواه... فالعِلمُ بأنَّ وجودَ العالَمِ عن صانِعَينِ مُتماثِلَينِ ممتَنِعٌ لِذاتِه، مُستقِرٌّ في الفِطَر، معلومٌ بصَريحِ العَقلِ بُطلانُه) [421] يُنظر: ((شرح الطحاوية)) (1/39). .

انظر أيضا: