موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ السَّابِعُ: المَولى العِصامُ (945هـ) وقيل: (951هـ)


عِصامُ الدِّينِ، إبراهيمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرَبشاه، الإِسْفَرَايِينيُّ السَّمرقَنديُّ.
مَولِدُه:
وُلِد سَنةَ ثلاثٍ وسبعين وثَمان مِائةٍ.
مِن مشايخِه:
المولى عبد الرَّحمنِ الجامي.
مَنزِلتُه ومكانتُه:
الإمامُ العَلَّامةُ المُحَقِّقُ المُدَقِّقُ، وكان أبوه قاضيًا بإسفِرائين، وجَدُّه صدرًا في أيَّامِ أولادِ تيمور، وهو مِن بَيتِ عِلمٍ، ونَشَأ طالِبًا لِلعِلمِ، فحَصَّلَ، وبَرعَ وفاقَ أقرانَه، وصارَ مُشارًا إلَيه بالبَنانِ، وكان بَحرًا في العُلومِ، وهو مِن سُلالةِ أبي إسحاقَ الإسفرايينيِّ، خَرَج في أواخِرِ عُمرِه مِن بُخارَى إلَى سَمَرقَندَ لِزيارةِ الشَّيخِ العارِفِ خَواجَه عُبَيدِ اللهِ النَّقَشَبنديِّ، فمَرِضَ بها مُدَّة اثنَينِ وعِشرينَ يَومًا، ثُمَّ قَضَى نَحْبَه، وازدَحَمَ النَّاسُ لِلصَّلاةِ عليه.
عَقيدتُه:
ظهَرَ مِن كلامِ عِصامِ الدِّينِ في مُؤَلَّفاتِه أنَّه كان على اعتقادِ الأشعَريِّ في تأويلِ الصِّفاتِ، وأنَّه كان كثيرًا ما يُعارِضُ المُعتَزِلةَ ويُفَنِّدُ أقوالَهم. يَشهَدُ لهذا قَولُه: ((ونحوُ قَولِه تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64] ؛ فإنَّ معناه: بل هو جَوَادٌ، من غيرِ تصَوُّرِ يدٍ ولا بَسْطٍ لها؛ لأنَّها وقَعَت عبارةً عن الجُودِ، لا يَقصِدون شيئًا آخَرَ، حتى إنَّهم استعمَلوها فيمَن لا يَدَ له، وكذلك يُستعمَلُ هذا فيمَن له مِثْلٌ ومَن لا مِثْلَ له)) [715] ينظر: ((الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم)) لعصام الدين الحنفي (2/ 339). .
وقال في التَّوريةِ: ((وهي ضَربانِ: مجرَّدةٌ، وهي التي لا تجامِعُ شيئًا ممَّا يلائِمُ المعنى القريبَ؛ القِسْمةُ العَقليَّةُ تقتضي ضروبًا ثلاثةً، ثالِثُها ما يجامِعُ سببًا ممَّا يلائِمُ المعنى البعيدَ، لكِنَّه لم يلتَفِتْ إليه؛ لأنَّه لا ينافي التَّوريةَ، بل لا توريةَ إلَّا فيها شَيءٌ ممَّا يلائِمُ المعنى البعيدَ أو أقَلُّه القَريبة، نحوُ قَولِه تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] فإنَّ معناه الظَّاهِرَ الاستقرارُ، وليس هناك ما يلائِمُه. وفيه بحثٌ؛ لأنَّ العَرشَ يلائِمُ الاستقرارَ، ومُعَدٌّ للاستِقرارِ لا للاستيلاءِ، وإنما يلائِمُ الاستيلاءَ المُلْكُ، والمرادُ البعيدُ هو الاستيلاءُ على العَرْشِ، بإجراءِ الأحكامِ وإنزالِ الأسبابِ منه، حَسَبَما تَقْتَضيه الحِكمةُ)) [716] ينظر: ((الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم)) لعصام الدين الحنفي (2/ 396). . فجَعَل الآيةَ تَوريةً؛ المعنى القريبُ هو ما يفيدُه الاستواءُ مِنَ الاستقرارِ والعُلُوِّ، وهو غَيرُ مُرادٍ، والمعنى البعيدُ: الاستيلاءُ، وهو المقصودُ.
وفي ردِّه على المعتَزِلةِ مَثَلًا يقولُ في مسألةِ لامِ التعريفِ في: «الحَمْدُ للهِ»: ((وقد جعَلَه العلَّامةُ الزَّمخشريُّ علامةَ تعريفِ الجِنسِ ولا يوثَقُ به؛ لأنَّه صَرَّح بأنَّ في هذا النَّظْمِ دَلالةٌ على اختِصاصِ الحمدِ به تعالى، فهو لا يتحاشى عن إفادةِ الاختصاصِ، وإن يتحاشَ فبِناءً على قاعِدةِ الاعتزالِ مِن أنَّ العبادَ هم الخالِقون لأفعالِهم؛ فالحَمدُ على أفعالِهم ليس حمدًا له تعالى، ونحن -معاشِرَ أهلِ السُّنَّةِ- ونخالِفُهم بناءً على أنْ لا مؤثِّرَ إلَّا اللهُ، فالمحامِدُ ترجِعُ إليه ولا تتعَلَّقُ في الحقيقةِ بما سِواه)) [717] ينظر: ((الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم)) لعصام الدين الحنفي (1/ 136). .
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((شرح كافية ابن الحاجب))، وكتاب: ((حاشية على شرْح الجامي على الكافية))، وَكتاب: ((شرح على تلخيص المِفتاح للقزويني))، وكتاب: ((ميزان الأدَب)).
وفاتُه:
تُوفِّي في سَنةَ خمسٍ وأربعين وَتِسع مِائةٍ، وقيل: إحدى وخمسين وَتِسع مِائةٍ [718] يُنظَر: ((سلم الوصول إلى طبقات الفحول)) لحاجي خليفة (1/ 55)، ((شذرات الذهب في أخبار من ذهب)) (10/ 417)، ((ديوان الإسلام)) لشمس الدين ابن الغزي (3/ 292)، ((الأعلام)) للزركلي (1/ 66)، ((الفوائد الشافية على إعراب الكافية لزيني زاده)) تحقيق: رضا جمال (1/ 187). .

انظر أيضا: