موسوعة اللغة العربية

المبحث الأوَّلُ: الإبْدالُ


ذكَر ابنُ فارِسٍ في فِقْهِ اللُّغةِ أنَّ مِن سَنَنِ العَربِ إبْدالَ الحُروفِ، وإقامةَ بعضِها مَقامَ بعضٍ [455] يُنظَر: ((الصاحبي في فقه اللغة)) لابن فارس (ص154). .
وليس المُرادُ بالإبْدالِ أنَّ العَربَ تَتَعمَّدُ تَعْويضَ حَرْفٍ مِن حَرْفٍ، وإنَّما هي لُغاتٌ مُختلِفةٌ لمَعانٍ مُتَّفقةٍ، تَتقارَبُ اللَّفظتانِ في لُغتَين لمَعْنًى واحِدٍ حتَّى لا يَخْتلِفا إلَّا في حَرْفٍ واحِدٍ، والدَّليلُ على ذلك أنَّ القَبيلةَ الواحِدةَ لا تَتكلَّمُ مرَّةً بحَرْفٍ ومرَّةً بحَرْفٍ آخَرَ [456] يُنظَر: ((المزهر في علوم اللغة)) للسيوطي (1/356). .
هو إبْدالُ صامِتٍ مَكانَ صامِتٍ دون تَغيُّرٍ في المَعْنى. وهو على ثَلاثةِ أنْواعٍ:
الأوَّلُ: إبْدالُ صامِتٍ مَكانَ صامِتٍ دون تَأثيرٍ بينَهما، مِثالُه (فَلَقُ الصُّبحِ - وفَرَقُه)، ومِن أمْثِلتِه أيضًا: الحُثالةُ والحُفالةُ: وهو الرَّديءُ مِن كلِّ شيءٍ.
والثَّاني: إبْدالُ صامِتٍ مَكانَ صامِتٍ مُماثِلٍ لصَوتٍ مُجاوِرٍ له، وهذا الإبْدالُ للمُخالَفةِ بَينَ المُتماثِلَين، ويُطلِقُ عليه بعضُ المُعاصِرين مُصْطلَحَ «المُخالَفةِ».
ومِن أمْثِلتِه: قَصيَّتُ أظْفاري، بمَعْنى: قَصَصْتُ.
والسَّببُ في هذا الإبْدالِ هو التَّخلُّصُ مِن تَوالي المِثْلَينِ.
والثَّالِثُ: المُماثَلةُ الصَّوتيَّةُ، وهو ناتِجٌ عن تَأثُّرِ الأصْواتِ اللُّغويَّةِ بعضِها ببعضٍ عند النُّطْقِ بها في الكَلِماتِ، فتَتغيَّرُ مَخارِجُ بعضِ الأصْواتِ أو صِفاتُها.
مِثلُ: اطَّلع وأصْلُها اطْتَلَع؛ حيثُ تَأثَّرتِ التَّاءُ المُرقَّقةُ بالطَّاءِ المُفخَّمةِ، فأُبْدِلتِ التَّاءُ طاءً، وأُدْغِمتْ في الطَّاءِ. ومِثلُه أيضًا: اصْطَبر – اصْتَبر.
والإبْدالُ في الواقِعِ اللُّغويِّ نَوعانِ: الأوَّلُ هو المَوجودُ نُطقًا وكِتابةً، مِثلُ الأمْثِلةِ السَّابِقةِ؛ حيثُ تَغيَّرتِ الأصْواتُ وكِتابتُها معًا.
والنَّوعُ الثَّاني هو المَوجودُ نُطْقًا لا كِتابةً، مِثلُ: (عَنْبر) حيثُ تُنطَقُ (عَمْبر)، ونَحْوُ قولِه تعالى: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ [المطففين: 14] [457] يُنظَر: ((دِراسة في علم الأصوات)) لخالد علي كمال الدِّين (ص107 وما بعدها). .

انظر أيضا: