موسوعة اللغة العربية

المبحث الثَّالِثُ: الإدْغامُ


وهو مَصدَرُ أدْغَم، أي: أدْخَلَ الشَّيءَ في الشَّيءِ.
وهو في الاصْطِلاحِ: وَصْلُ حَرْفٍ ساكِنٍ بحَرْفٍ مِثلِه مُتحرِّكٍ مِن غيرِ وَصْلٍ بينَهما ولا وَقْفٍ [463] يُنظَر: ((الأصول في النَّحو)) لابن السراج (3/405). .
وقد ذكَره سِيبَوَيهِ في غيرِ مَوضِعٍ، فقال في أحدِها: (والتَّضْعيفُ أن يكونَ آخِرَ الفِعلِ حَرْفانِ مِن مَوضِعٍ واحِدٍ، وذلك نَحْوُ: رَدَدتُ وَوَدتُ … فإذا تَحرَّك الحَرْفُ الآخَرُ فالعَربُ مُجْمِعون على الإدْغامِ) [464] ((الكتاب)) لسيبويه (3/530). .
فشَرْطُ الإدْغامِ أن يَلتقي حَرْفانِ مُتماثِلان؛ الأوَّلُ منْهما ساكِنٌ، والثَّاني مُتحرِّكٌ، فإذا كان الحَرْفُ الأوَّلُ مُتحرِّكًا امْتَنع الإدْغامُ؛ لأنَّ الحَرَكةَ فصَلتْ بَينَ الصَّوتَين فتَعذَّر الاتِّصالُ.
فإذا كان الصَّوتُ الأوَّلُ مُتحرِّكًا فيُسمَّى الإدْغامُ في هذه الحالةِ بالإدْغامِ الكَبيرِ، وهو الَّذي اشتَهر به أبو عَمْرِو بنُ العَلاءِ في قَراءتِه السَّبْعيَّةِ، وهو مَنْقولٌ عنِ العَربِ أيضًا. ويَجبُ في هذا الإدْغامِ تَسْكينُ المُتحرِّكِ الأوَّلِ لتَزولَ الحَرَكةُ الحاجِزةُ بَينَ الصَّوتَينِ [465] يُنظَر: ((المدخل إلى علم الأصوات)) لغانم قدوري (ص215-216). .
أنْواعُ الإدْغامِ في العَربيَّةِ:
يَنْقسِمُ الإدْغامُ في العَربيَّةِ بحسَبِ نَوعِ العَلاقةِ بَينَ الصَّوتَين إلى ثَلاثةِ أقْسامٍ: إدْغامِ مُتَماثِلَين، وإدْغامِ مُتَجانِسَين، وإدْغامِ مُتقارِبَين.
فالمِثلانِ: ما اتَّفقا مَخرَجًا وصِفةً، مِثلُ: الباءِ والباءِ، والتَّاءِ والتَّاءِ، واللَّامِ واللَّامِ. ومِثالُ ذلك قولُه تعالى: اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا [النمل: 28] فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ [البقرة: 16] .
والمُتجانِسانِ: ما اتَّفقا مَخرَجًا واخْتَلفا صِفةً، كالتَّاءِ معَ الدَّالِ، والذَّالِ معَ الظَّاءِ، ومِثالُ ذلك قولُه تعالى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس: 89] ، إِذْ ظَلَمُوا [النساء: 64] .
والمُتقارِبانِ: ما تَقارَبا في المَخرَجِ أوِ الصِّفةِ، كاللَّامِ والرَّاءِ، والدَّالِ معَ السِّينِ، والثَّاءِ والتَّاءِ، ومِثالُه قولُه تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ [النساء: 158] ، وقولُه: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ [المرسلات: 20] .
وهذا التَّقْسيمُ الثُّلاثيُّ يَسْتندُ إلى أصْلِ الصَّوتَين المُدغَمَين قبل حُصولِ الإدْغامِ، وليس إلى ما يَؤولُ إليه الصَّوتان عند الإدْغامِ؛ لأنَّهما يَتحوَّلان إلى مُتماثِلَين عند الإدْغامِ [466] يُنظَر: ((المدخل إلى علم الأصوات)) لغانم قدوري (ص221). .
كما يُقسَمُ الإدْغامُ إلى كامِلٍ وناقِصٍ؛ فالكامِلُ هو ما يَتحوَّلُ فيه الصَّوتُ الأوَّلُ إلى مِثلِ الصَّوتِ الثَّاني، والنَّاقِصُ: هو ما يَبقى مِنَ الصَّوتِ الأوَّلِ من شيءٍ.
والصِّفةُ الباقيةُ مِنَ الحَرْفِ قد تكونُ غُنَّةً، ويَحصُلُ ذلك في إدْغامِ النُّونِ السَّاكِنةِ والتَّنوينِ معَ الواوِ والياءِ، ومِثالُه قولُه تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ [الأنبياء: 94] ، وقد تكونُ الصِّفةُ إطْباقًا، وذلك في إدْغامِ الطَّاءِ المُهمَلةِ في التَّاءِ المُثنَّاةِ، كقَولِه تعالى: أَحَطْتُ [النمل: 22] . أو تكونُ الصِّفةُ اسْتِعلاءً، كما في إدْغامِ القافِ في الكافِ، ومِثالُه: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ [المرسلات: 20] .

انظر أيضا: