موسوعة اللغة العربية

المبحث الخامِسُ: الإظْهارُ


إذا وقَع بعد النُّونِ السَّاكِنةِ أوِ التَّنْوينِ حَرْفٌ مِن حُروفِ الحَلْقِ السِّتَّةِ، وهي: الهَمْزةُ، والهاءُ، والعَينُ، والحاءُ، والغَينُ، والخاءُ وجَب إظْهارُ النُّونِ؛ سَواءٌ كان في كَلمتَينِ، كما في قولِه تعالى: مَنْ آمَنَ [البقرة: 62] ، أو في كَلِمةٍ واحِدةٍ، مِثلُ: وَيَنْهَونَ [آل عمران: 104] .
والعلَّةُ في إظْهارِ ذلك عند هذه الحُروفِ أنَّ النُّونَ والغُنَّةَ بَعُدَ مَخرَجُهما عن مَخارِجِ حُروفِ الحَلْقِ، وإنَّما يَقعُ الإدْغامُ في أكْثَرِ الكَلامِ لتَقارُبِ المَخارِجِ، فإذا تَباعَدتْ وجَب الإظْهارُ، الَّذي هو الأصْلُ [469] يُنظَر: ((الرعاية لتجويد القراءة)) لمكي بن أبي طالب (ص204). .
وقد قسَّم الدَّاني حُروفَ الحَلْقِ بالنِّسبةِ للإظْهارِ إلى قِسْمَين: ما تَظهَرُ معَه النُّونُ بتَعمُّلٍ، وهي الهَمْزةُ والخاءُ والغَينُ، وما تَظهَرُ معَه بغيرِ تَعمُّلٍ، وهي الحاءُ والهاءُ والعَينُ.
والتَّعمُّلُ، أيِ: التَّكلُّفُ في إظْهارِها، وقد بيَّن أنَّ التَّعمُّلَ في النُّونِ السَّاكِنةِ والتَّنْوينِ عند الهَمْزةِ هو لأجْلِ ألَّا تَسقُطَ، وعند الغَينِ والخاءِ خَشيةَ الإخْفاءِ [470] يُنظَر: ((التحديد في الإتقان والتجويد)) لأبي عمرو الداني (ص113). .
إنَّ أصْواتَ الحَلْقِ (لا سيَّما الهَمْزةِ والهاءِ والعَينِ والحاءِ) تَخرُجُ مِن نُقطةٍ أعْمَقَ مِنَ النُّقطةِ الَّتي يُمكِنُ أن يَتَّخِذَ فيها النَّفَسُ مَجْراه عبْرَ الخَيشومِ، وهو ما يَحصُلُ عند النُّطْقِ بالنُّونِ، فلا يُمكِنُ نُطْقُ هذه الحُروفِ بالغُنَّةِ؛ لأنَّها تَتشكَّلُ قبل أن يَصِلَ النَّفَسُ مِنطَقةَ اللَّهاةِ الَّتي تَفتَحُ مَجْرى النَّفَسِ إلى الخَيشومِ لإصْدارِ الغُنَّةِ. أمَّا الخاءُ والغَينُ فإنَّهما أقْرَبُ حُروفِ الحَلْقِ إلى اللِّسانِ (الفَم)؛ ومِن ثَمَّ يُمكِنُ أن تَتأثَّرَ النُّونُ بمُجاوَرتِهما إذا لم يُتكلَّفْ إظْهارُها، فتَخْفى عندَهما كما تَخْفى عند القافِ [471] يُنظَر: ((الدِّراسات الصوتية عند علماء التجويد)) لغانم قدوري (ص364). .

انظر أيضا: