الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الثَّامِنُ والعِشرون: الآثارُ الإيمانيَّةُ لاسمَيِ اللهِ: الغَفورِ والغَفَّارِ

وصَفَ اللهُ سُبحانَه نَفْسَه بأنَّه غَفَّارٌ وغفورٌ للذُّنوبِ صَغيرِها وكبيرِها، وحتى الشِّركُ إذا تاب منه الإنسانُ واستغفر رَبَّه، قَبِلَ اللهُ تَوبتَه وغَفَر له ذَنْبَه.
قال اللهُ تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزُّمر: 53] .
وقال اللهُ سُبحانَه: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء: 110] .
ولكن لا يجوزُ للمُسلِمِ أن يُسرِفَ في الخطايا بحُجَّةِ أنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ، فالمغفرةُ إنما تكونُ للتَّائبين الأوَّابين، كما قال تعالى: إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا [الإسراء: 25] ، وقال سُبحانَه: إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ [النمل: 11] .
فاشترط تبَدُّلَ الحالِ مِن عَمَلِ المعاصي والسَّيِّئاتِ إلى عَمَلِ الصَّالحاتِ والحَسَناتِ؛ لكي تتحَقَّقَ المَغفِرةُ والرَّحمةُ. فقَولُه تعالى إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 48] يُبَيِّن أنَّ المقيمَ على الشِّركِ حتى الوفاةِ لا غُفرانَ لذُنوبِه؛ لأنَّه لم يُبَدِّلْ حُسنًا بعد سوءٍ.
واتِّصافُ الله سُبحانَه بأنَّه (غَفَّارٌ) للذُّنوبِ والسَّيِّئاتِ: فَضلٌ من الله ورحمةٌ عظيمةٌ للعِبادِ؛ لأنَّه غَنيٌّ عن العالَمين، لا ينتَفِعُ بالمغفرةِ لهم، ولا يغفِرُ لهم خوفًا منهم؛ لأنَّه قويٌّ عزيزٌ.
قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر: 28] .
وقال أَلَا هُوَ العَزِيزُ الغَفَّارُ [الزُّمر: 5] فمع عِزَّتِه وقَهْرِه إلَّا أنَّه غفورٌ رحيمٌ [3581] يُنظر: ((مدارج السالكين)) لابن القيم (1/ 223). .

انظر أيضا: