موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- نماذِجُ من التَّفاؤُلِ عِندَ الأنبياءِ والمُرسَلينَ


- تفاؤُلُ موسى عليه السَّلامُ رَغْمَ تآمُرِ الملأِ عليه وخروجِه إلى مَدْيَنَ دونَ طَعامٍ أو كِساءٍ أو صَديقٍ أو بَيتٍ، لكِنَّه أمَلَ في اللهِ سُبحانَه أن يَهدِيَه إلى السَّبيلِ الصَّحيحِ، والطَّريقِ القويمِ.
قال تعالى: فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ [القصص: 21-22] .
- وتفاؤُلُه أيضًا حينَ حاصَره فِرعَونُ وجنودُه وكادوا أن يُدرِكوه ومَن معه حتَّى ظنُّوا أنَّهم مُدرَكونَ، ولم يكُنْ أمامَهم سِوى البَحرِ، فثَبَّتهم موسى بفَألِه الحَسَنِ وحُسنِ ثِقتِه باللهِ سُبحانَه.
قال تعالى: فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 61 - 62] .
- تفاؤُلُ يَعقوبَ عليه السَّلامُ بعَودةِ ابنِه يُوسُفَ وأخيه إليه، فقال اللهُ تعالى حكايةً عنه: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا [يوسف: 83] ، وقال: يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87] .
- تفاؤُلُ نُوحٍ عليه السَّلامُ بإيمانِ قَومِه، وثباتُه على دَعوتِهم حتَّى لَبِث فيهم ألفَ سَنةٍ إلَّا خمسينَ عامًا يأمُلُ في إيمانِهم، ويرجو اللهَ لهم، ويحثُّهم على الاستِغفارِ ويُغريهم بالغُفرانِ والقَبولِ دونَ كَلَلٍ أو إحباطٍ.
قال تعالى: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح: 5 - 12] .
- تفاؤُلُ إبراهيمَ عليه السَّلامُ حينَ عَزَم قومُه على إلقائِه في النَّارِ، فلم يفزَعْ عليه السَّلامُ أو يتردَّدْ في يقينِه برَبِّه، بل أكَّد ثِقتَه به سُبحانَه، وجعَل كامِلَ توكُّلِه عليه، واللهُ عزَّ وجَلَّ لا يُضيعُ عَبدًا توكَّل عليه.       
عن ابنِ عَبَّاسٍ: حَسْبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ (قالها إبراهيمُ عليه السَّلامُ حينَ أُلقِيَ في النَّارِ، وقالها محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ قالوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران: 173] ) [2042] أخرجه البخاري (4563). .
- تفاؤُلُ أيُّوبَ عليه السَّلامُ بشِفاءِ مَرَضِه، مع طولِ زَمانِه، وشِدَّةِ ما عاناه فيه، فلم يجزَعْ، ولم يترُكْ نَفسَه -عليه السَّلامُ- فريسةً للتَّشاؤُمِ واليأسِ في شِفاءِ اللهِ سُبحانَه.
قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء: 83 - 84] .

انظر أيضا: