موسوعة الأخلاق والسلوك

سادسًا: أسبابُ الوُقوعِ في العُدوانِ


1- مخالفةُ أوامِرِ اللَّهِ:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة: 178] .
2- اتِّباعُ الهوى:
قال تعالى: وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ [الأنعام: 119] .
يقول ابنُ كثيرٍ: (بَيَّن تعالى جهالةَ المُشرِكين في آرائِهم الفاسِدةِ، من استحلالِهم المَيتاتِ، وما ذُكِر عليه غيرُ اسمِ اللَّهِ تعالى، فقال: وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ أي: هو أعلَمُ باعتدائِهم وكَذِبِهم وافترائِهم) [4916] ((تفسير القرآن العظيم)) (3/323). .
3- لَعِبُ المَيسِرِ وشُربُ الخَمرِ سَبَبٌ للعداوةِ بَيْنَ النَّاسِ:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة: 90-91] .
قال ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه في سَبَبِ نُزولِ هذه الآيةِ: (نزل تحريمُ الخَمرِ في قبيلتينِ من قبائِلِ الأنصارِ، شَرِبوا حتَّى إذا ثَمِلوا عبَث بعضُهم ببعضٍ، فلمَّا صَحُوا جعل الرَّجُلُ يرى الأثَرَ بوَجهِه وبرأسِه ولحيتِه، فيقولُ: فَعَل بي هذا أخي فُلانٌ، واللَّهِ لو كان بي رؤوفًا رحيمًا ما فعل هذا بي! قال: وكانوا إخوةً ليس في قلوبِهم ضغائِنُ، فوقعت في قلوبِهم الضَّغائِنُ؛ فأنزل اللَّهُ عزَّ وجَلَّ: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة: 90] إلى قَولِه: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة: 91] ، فقال ناسٌ من المتكَلِّفين: هي رِجسٌ، وهي في بَطنِ فُلانٍ قُتِل يومَ بدرٍ، وفلانٍ قُتِل يومَ أحُدٍ! فأنزل اللَّهُ عزَّ وجَلَّ: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا [المائدة: 93] حتى بلغ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134] [4917] رواه النسائي في ((السنن الكبرى)) (11151)، (12/57) (12459)، والحاكم (7219) واللفظ له. صحَّح إسنادَه أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/728)، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (7/1422): على شرطِ مسلمٍ، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/21): رجالُه رجالُ الصَّحيحِ، وقال الوادعيُّ في ((صحيح أسباب النزول)) (100): رجالُه رجالُ الصَّحيحِ إلَّا الحُسَينَ بنَ عليٍّ الصُّدَائيَّ، وهو ثقةٌ. .
فقولُه: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [المائدة: 91] يفيدُ (أنَّ هذه مُوجِبةٌ للعَداوةِ والبغضاءِ بَيْنَ النَّاسِ، والشَّيطانُ حريصٌ على بَثِّها، خصوصًا الخَمرَ والميسِرَ؛ ليُوقِعَ بَيْنَ المُؤمِنين العداوةَ والبغضاءَ؛ فإنَّ في الخمرِ من انغِلابِ العَقلِ وذَهابِ حِجاه ما يدعو إلى البَغضاءِ بَينَه وبَينَ إخوانِه المُؤمِنين، خُصوصًا إذا اقترن بذلك من السِّبابِ ما هو من لوازمِ شاربِ الخَمرِ؛ فإنَّه ربَّما أوصل إلى القتلِ. وما في الميسِرِ من غَلَبةِ أحَدِهما للآخَرِ وأخذِ مالِه الكثيرِ في غيرِ مُقابلةٍ ما هو من أكبَرِ الأسبابِ للعداوةِ والبَغضاءِ) [4918] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 243). .
4- الكراهيةُ والبَغْضاءُ والحِقدُ.

انظر أيضا: