موسوعة الأخلاق والسلوك

رابعًا: آثارُ العُدوانِ


1- العُدوانُ سَبَبٌ للعقوبةِ العاجِلةِ في الدُّنيا:
قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [آل عمران:110-112] .
(هؤلاء اليهودُ بجانِبِ ضَربِ الذِّلَّةِ عليهم حيثما حَلُّوا، قد صاروا في غَضَبٍ من اللَّهِ، وأصبحوا أحقَّاءَ به، وضُرِبَت عليهم كذلك المَسكَنةُ التي تجعَلُهم يُحسُّون بالصَّغارِ مهما ملَكوا من قوَّةٍ ومالٍ. ثمَّ ذكَرَ سُبحانَه الأسبابَ التي جعلَتْهم أحقَّاءَ بهذه العُقوباتِ ... ذلك الذي أصابهم من عُقوباتٍ رادعةٍ سَبَبُه أنَّهم كانوا يَكفُرون بآياتِ اللَّهِ وأدِلَّتِه الدَّالَّةِ على وحدانيَّتِه وعلى صِدقِ رُسُلِه عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ، وتلك هي جريمةُ بني إسرائيلَ الأولى. أمَّا جريمتُهم الثَّانيةُ فقد عبَّرَ عنها سُبحانَه بقولِه: وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ أي: أنَّهم لم يَكتَفوا بالكُفرِ، بل امتدَّت أيديهم الأثيمةِ إلى دُعاةِ الحَقِّ، وهم أنبياءُ اللَّهِ تعالى الذين أرسَلَهم لهدايتِهم، فقَتَلوهم بدونِ أدنى شُبهةٍ تَحمِلُ على الإساءةِ إليهم فضلًا عن قَتْلِهم! وقال سُبحانَه: بِغَيْرِ حَقٍّ مع أنَّ قَتْلَ الأنبياءِ لا يكونُ بحَقٍّ أبدًا؛ لإفادةِ أنَّ قتلَهم لهم كان بغيرِ وَجهٍ مُعتَبَرٍ في شريعتِهم؛ لأنَّها تُحَرِّمُه) [4900] ((التفسير الوسيط)) للطنطاوي (2/222، 223). .
2- توعُّدُ المعتدي بدُخولِ النَّارِ:
قال تعالى: أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ [ق: 24-25] .
(قال لمَن استحَقَّ النَّارَ: أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ أي: كثيرِ الكُفرِ والعنادِ لآياتِ اللَّهِ، المُكثِرِ من المعاصي، المجتَرِئِ على المحارِمِ والمآثمِ. مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ أي: يمنَعُ الخيرَ الذي عندَه الذي أعظَمُه الإيمانُ باللَّهِ وملائكتِه وكُتُبِه، ورُسُلِه، منَّاعٍ لنَفعِ مالِه وبَدَنِه، مُعْتَدٍ على عبادِ اللَّهِ، وعلى حُدودِه مُرِيبٍ أي: شاكٍّ في وَعدِ اللَّهِ ووعيدِه، فلا إيمانَ ولا إحسانَ، ولكِنْ وَصْفُه الكُفرُ والعُدوانُ، والشَّكُّ والرَّيبُ، والشُّحُّ، واتِّخاذُ الآلهةِ من دونِ الرَّحمنِ) [4901] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 806). .
3- المعتَدي بعيدٌ عن محبَّةِ اللَّهِ والقُربِ منه:
قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف: 55] .
قال الطَّبَريُّ: (وأمَّا قولُه: إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف: 55] ، فإنَّ معناه: إنَّ ربَّكم لا يحبُّ مَن اعتدى، فتجاوَزَ حَدَّه الذي حَدَّه لعبادِه في دُعائِه ومسألتِه رَبَّه، ورفْعِه صوتَه فوقَ الحدِّ الذي حَدَّ لهم في دُعائِهم إيَّاه ومسألتِهم، وفي غيرِ ذلك من الأمورِ) [4902] ((جامع البيان)) للطبري (10/249). .
4- المُعتدي على مالِ الغيرِ دَمُه هَدَرٌ:
نقل القُرطبيُّ عن أهلِ العِلمِ قَولَه: (قال عُلَماؤنا: ويناشِدُ اللِّصَّ باللَّهِ تعالى، فإن كَفَّ تُرِك، وإن أبى قُوتِل، فإن أنت قتَلْتَه فشَرُّ قَتيلٍ، ودَمُه هَدَرٌ) [4903] ((الجامع لأحكام القرآن)) (6/156). .
5- العُدوانُ يُسَبِّبُ إيغارَ الصُّدورِ، ونشأةَ الحِقدِ والحَسَدِ والبَغضاءِ.
6- العُدوانُ مِن عوامِلِ تَفَرُّقِ المجتَمَعاتِ، وضَعفِ الرَّوابطِ والعَلاقاتِ.

انظر أيضا: