موسوعة التفسير

سُورَةُ آل عِمْرانَ
الآيات: (110-112)

ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ

غريبُ الكَلِمات:

يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ: يُقال: ولَّاهُ دُبُرَه: إذا انهزَم، والتَّولِّي: الإعراضُ بعدَ الإقبال، وأصْل الدُّبر: آخِرُ الشيءِ وخلْفُه، ضد القُبُل يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/324)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 79)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 28). .
الذِّلَّةُ: الصَّغَار، وأَصْل الذُّلِّ: الخُضُوع، والاستكانة، واللِّين، وهو ضِدُّ العز يُنظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 314)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/345)، ((المفردات)) للراغب (ص: 330)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 78). .
ثُقِفُوا: أُدرِكوا وأُخِذوا، أو وُجِدوا وظُفِر بهم، وأصلُ الثَّقَف: الحِذْقُ في إدراك الشَّيء وفِعله يُنظر: ((المفردات)) للراغب (ص: 173)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 49)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 266). .
الْمَسْكَنَةُ: فَقْرُ النَّفْس، من السُّكون والاستكانة، وأصله: الخُضُوع والتَّذلُّل يُنظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 409)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 78)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 105). .

المَعنَى الإجماليُّ:

يُخاطِب اللهُ أُمَّةَ الإسلام بأنَّهم خيرُ أُمَّة أَخرَجها للنَّاس، وتلك الخيريَّة حازُوها؛ لكونِهم يأمرون بالمعروف ويَنْهون عن المُنكَر، ويُؤمِنون بالله عزَّ وجلَّ.
ولو أنَّ اليهود والنَّصارى آمنوا برسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبما جاء به مِن عند ربِّه تعالى، لكان إيمانُهم خيرًا لهم، لكنَّ مَن آمن منهم قِلَّة، والأكثر استمرُّوا على ما هُمْ عليه، ثمَّ يُخبِر الله أُمَّةَ محمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أهلَ الكتاب مهما بلغتْ عداوتُهم لهم، لكنَّهم لن يَضرُّوهم إلَّا أذًى باللِّسان، وإنْ حصَل بينهم وبين المؤمنين قتالٌ يَلوذون بالفِرار ثم لا يُنصَرون، قد ألْزَمهم الله بالذِّلَّة والصَّغار في أيِّ مكان وُجِدوا فيه، فلا يَستقِرُّون ولا يَطمئنُّون إلَّا بذِمَّة مِن الله، أو بعَهْد من النَّاس، قد استحقُّوا غضَبَ الله، وظهرتْ عليهم الفاقةُ وذُلُّ الحاجة؛ والسببُ كُفْرهم بآيات الله، وقتْلهم الأنبياء ظُلمًا، وما حمَلهم على الكُفْرِ والقتلِ هو عِصيانُهم لله، واعتداؤُهم على حدودِ ما شرَعه.

تفسير الآيات:

كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا كانتِ الآيةُ السَّابقة وهي قوله: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ أمرًا منه تعالى لهذه الأُمَّة، والأمرُ قد يَمتثِله المأمورُ ويقوم به، وقد لا يقوم به؛ أَخبَر في هذه الآية أنَّ هذه الأُمَّة المحمديَّة قد قامتْ بما أمَرها الله بالقيام به، وامتَثلتْ أمرَ ربِّها، واستحقَّتِ الفضلَ على سائر الأمم يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 143). ، فقال تعالى:
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
أي: أنتم- يا أُمَّة الإسلامِ- قد جُعِلتم خيرَ الأمم وأَكرمَها على الله تعالى؛ لأسبابٍ أَنعَم الله بها عليكم، فتميَّزتُم وفُقْتُم مَن سبَقكم، وأنتم أنفع النَّاس للنَّاس يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/675)، ((تفسير ابن كثير)) (2/93-94)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143-972). وكان هنا تامَّة، وذهَب إلى ذلك جمْعٌ من المفسرِّين . ينظر: ((تفسير الرازي)) (8/194)، وقيل: (كان) هنا ليستْ دالَّةً على زمان، وإنَّما هي مُبيِّنةٌ لاتِّصافِ المبتدأ بالخبر، وتَحقُّق وجودِه فيه. ينظر ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/47). .
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
أي: حُزْتم خيريَّتَكم بأمركم النَّاسَ بكلِّ ما يأمر به الشَّرعُ، ونهيِكم لهم عن كلِّ ما ينهى عنه الشَّرعُ، ولأنَّكم تُقِرُّون بالله تعالى وجودًا ورُبوبيَّة وأُلوهيَّة وبما له من أسماء وصفات، وتُتْبِعون ذلك بالانقياد لِما أمَر واجتناب ما نهى سبحانه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/676-677)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143-972)، ((تفسير ابن عثيمين- آل عمران)) (2/48-49). .
فجمَعوا بين تكميلِ الخَلْق، والسَّعيِ في منافعِهم بحسَب الإمكان، وبين تكميلِ النَّفْس بالإيمانِ بالله تعالى، والقيامِ بحقوق الإيمان يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 972). .
عن مُعاويةَ بن حَيْدَةَ رضِي اللهُ عنه أنَّهُ سمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ في قولِهِ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ: ((إنَّكم تُتِمُّون سبعينَ أمَّةً، أنتم خيرُها وأَكرمُها علَى اللَّهِ )) أخرجه الترمذي (3001)، وابن ماجه (4288) بلفظ: ((إنكم وفيتم)) بدلا من: ((أنتم توفون))، وأحمد (20029). حسَّنه الترمذيُّ، وصحَّحه ابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (6/112)، وجوَّده ابن تيمية في ((الجواب الصحيح)) (2/232)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (8/73): حسنٌ صحيحٌ، وله شاهد مرسلٌ رجاله ثقات. وصحَّحه ابن باز في ((مجموع فتاواه)) (5/59)، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3001). .
وعن أَبي هُرَيرَةَ رضِي اللهُ عنه أنَّه قال عن قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ: ((خيرَ النَّاس للنَّاس، تأتون بهم في السَّلاسِلِ في أَعناقِهم، حتى يَدخُلوا في الإسلام )) رواه البخاري (4557). .
وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا مدَح الله تعالى هذه الأُمَّةَ على تلك الصِّفات التي نالوا بها الخيريَّة من الإيمان بالله تعالى والأمرِ بالمعروف والنَّهي عن المُنكَر، شرَع في تأنيبِ أهلِ الكتاب، الذين ذمَّهم في آيةٍ أخرى بقوله سبحانه: كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة: 79] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/103). .
وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ
أي: ولو آمَن أهلُ التَّوراة والإنجيلِ من اليهود والنَّصارى بمحمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما جاءَهم به من عند اللهِ عزَّ وجلَّ، لاهتَدَوْا وكان ذلك خيرًا لهم عندَ الله تعالى في دُنياهم، وآخرتهم يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/677-678)، ((تفسير ابن كثير)) (2/103)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143-972). .
مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ
أي: ولكنْ لم يُؤمِنْ منهم إلَّا القليلُ، وأمَّا أكثرُهم فخارجون عن طاعةِ ربِّهم، وخارجون عن دِينِهم الذي فيه صفاتُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والأمرُ باتِّباعه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/678)، ((تفسير ابن كثير)) (2/103)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143-972). .
لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
هذا استئنافٌ نشأَ عن قولِه: وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ؛ لأنَّ الإخبارَ عن أكثرِهم بأنَّهم غير مؤمنين يُؤذِن بمُعاداتِهم للمؤمنين، وذلك مِن شأنه أنْ يُوقِع في نُفُوس المسلمين خَشيةً من بأسِهم يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/303)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/54). ، فقال تعالى:
لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى
أي: لن يَضُرَّكم- يا أُمَّة محمَّد- هؤلاء الفاسقون من اليهود والنَّصارى، في دِينِكم ولا في أبدانِكم، وإنَّما غايةُ ما تَلْقَون منهم أَذيَّةَ اللسان، كإسماعِكم كُفْرَهم، ودُعائِهم إيَّاكم إلى الضَّلالة، ولا يَضرُّونكم بذلك يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/678-679)، ((تفسير ابن كثير)) (2/103)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143، 972). .
وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ
أي: قد ردَّ الله تعالى كيدَهم في نُحُورهم؛ فإنَّهم لو قاتَلوكم لَلَاذُوا بالفِرار، ثم تستمرُّ هزيمتُهم ويدومُ ذُلُّهم يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/680)، ((تفسير ابن كثير)) (2/103)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143، 972). .
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112).
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا بيَّن الله تعالى أنَّه لا ينالُ المؤمنين ضررٌ من أهل الكتاب، وأنَّهم لو قاتَلوا المؤمنين لولَّوُا الأدبارَ فِرارًا، فلمَّا أَخبَر عنهم سبحانه وتعالى بهذا الذُّلِّ أَتْبَعه الإخبارَ بأنَّه في كلِّ زمان وكلِّ مكان مُعاملةً منه لهم بضدِّ ما أرادوا، فعوَّضهم عن الحِرصِ على الرِّئاسة إلزامَهم الذِّلَّةَ، وعن الإخلادِ إلى المال ضرْبَ المسكنة عليهم يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (5/28)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143). ، فقال:
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ
أي: أُلزِم اليهودُ الذِّلَّةَ والصَّغار، فجُعِل ذلك أمرًا محتومًا عليهم، لا يُفارِقهم حيثما وُجِدوا وأينما كانوا، لكنَّهم يَأمَنون على أموالِهم وأنفسِهم وذَراريهم بعهدٍ مِن الله تعالى، وعهدٍ من النَّاس يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/681-682)، ((تفسير ابن كثير)) (2/104)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143، 972)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/62- 65). قيل: المرادُ بقوله تعالى: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ أي: بذِمَّة من الله، وهو عقدُ الذمَّة لهم وضرْب الجزية عليهم، وإلزامهم أحكام المِلَّة. وهذا اختيارُ ابن كثير في ((تفسيره)) (2/104)، والسعدي في ((تفسيره)) (ص: 972)، وابن عاشور في ((تفسيره)) (4/56). وقيل: المرادُ بقوله سبحانه: وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ أي: أمان منهم ولهم، كما في المُهادَن والمُعاهَد والأسير إذا أمَّنه واحدٌ من المسلمين. وهذا اختيار ابن كثير في ((تفسيره)) (2/104). وقيل المراد: إذا كانوا تحتَ ولاية غيرِهم ونظارتهم أو إذا استنصروا بقبائلَ أو دولٍ أُولي بأس شديد. وهذا اختيارُ السعدي في ((تفسيره)) (ص: 972)، وابن عاشور في ((تفسيره)) (4/56)، واختار ابنُ عثيمين أنَّ ظاهر اللفظ العمومُ فيشمل كِلَا القولين. ينظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/64-65). .
وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ
أي: قد انصرَفوا مُستحقِّين غضبَ الله عليهم يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/687)، ((تفسير ابن كثير)) (2/104)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143، 972)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/65). .
وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ
أي: كما أُلزِموا قَدَرًا وشرعًا بالذُّلِّ في بَواطنِهم، عُوقِبوا كذلك ببُدوِّ أَثَرِ الحاجةِ وذُلِّ الفاقةِ على ظَواهِرهم يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/687)، ((تفسير ابن كثير)) (2/104)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143، 972)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/67). وممَّن فسَّر من السلف الْمَسْكَنَة بالفاقة: أبو العالية، والسُّدِّي، والربيع. انظر: ((تفسير ابن أبي حاتم)) (2/736). .
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ
أي: وقعتْ عليهم هذه العقوباتُ المذكورة؛ بسببِ كُفْرهم الدَّائم بدلائل الحقِّ بغيًا وعِنادًا، وقتْلِهم المستمرِّ لأنبيائه عليهم السَّلام ظلمًا واعتداء يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/687-688))، ((تفسير ابن كثير)) (2/104)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143، 972). .
ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
أي: إنَّما حمَلهم على هذا الكُفرِ والقتلِ أنَّهم مُقيمون على معصيةِ الله عزَّ وجلَّ، ومُستمِرُّون في الاعتداء على حدود شَرْع الله تعالى، فهذا الذي أوصَلهم إلى التجرُّؤ على الكفرِ بالله سبحانه، وقتْلِ أنبيائه عليهم السَّلام يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/688))، ((تفسير ابن كثير)) (2/104)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143، 972). .

الفَوائِد التربويَّة:

1- في قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فيه فضيلةُ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنَّهما أساسُ خيريةِ الأمَّة وأفضليتها على غيرِها، ومناطُ رِفعتها، وأنَّ خيريَّةَ الأُمَّةِ وفضْلها على غيرِها، تكون بالقيامِ بالأمر بالمعروف والنَّهيِ عن المُنكَر، المُتضمِّن لدعوة الخَلْقِ إلى الله وجهادِهم على ذلك، ولا توجد الأُمَّةُ وجودًا حقيقيًّا إلا بتوافُر هذه السِّمة، فكلَّما وُجِدتْ هذه الفريضةُ في الأُمَّة وُجِدَ الخيرُ فيها، وكلَّما ضَعُفت فيها ضَعُف الخيرُ يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (4/173)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (4/55)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/53). .
2- قوله تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ... ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ فيه الحَذَرُ من الكفر بآياتِ الله؛ والمعصية والاعتداء؛ لأنَّها سببٌ للعقوبات، فقد جعَل الله تعالى على اليهودِ الذِّلَّةَ والغضبَ والمسكنةَ لازِمًا لهم؛ بسبب هذه الأفعال يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/330)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/73). .

الفوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائِف:

1- قول الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ذِكْر الحُكم مقرونًا بالوصف المناسِبِ له يدلُّ على كونِ ذلك الحُكم مُعلَّلًا بذلك الوصف، يَقْوَى بقوَّته ويَضعُف بضَعْفه، فهاهنا حكَمَ تعالى بثُبوت وصْف الخيريَّة لهذه الأُمَّة، ثم ذكَر عُقَيبه هذه الطاعات: الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكَر، والإيمان؛ فوجَب كونُ تلك الخيريَّة مُعلَّلةً بهذه العبادات يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/325)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (4/50)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/53). .
2- قول الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ تفضيلُهم بالأمر بالمعروف فيه ضمانٌ من الله تعالى بأنَّ هذه الشَّعيرةَ لا تَنقطِعُ من المسلمين إنْ شاء اللهُ تعالى يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/49). .
3- قول الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فيه دليلٌ على حُجِيَّة الإجماع وعِصْمة الأُمَّة من الخطأ؛ فإنَّ (الألف واللام) في لفْظ بالمعروف ولفظ المُنكَر يُفيدان الاستغراقَ، وهذا يَقتضي كونَهم آمِرين بكلِّ معروف، وناهين عن كلِّ مُنكَر، ومتى كانوا كذلك كان إجماعُهم حقًّا وصِدقًا لا مَحالة يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/325)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/52). .
4- في قول الله تعالى: تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ قدَّم تعالى الأمرَ بالمعروف والنَّهي عن المنكرِ على الإيمانِ باللهِ لعِدَّة أسباب؛ منها:
- التنويهُ بفضيلةِ الأمْر بالمعروفِ والنَّهي عن المنكر.
- ولَمَّا كان الكلامُ في خيريَّة هذه الأُمَّة على جميعِ الأمم مُؤمِنهم وكافِرهم قدَّم الوصفَ المُتَّفَق على حُسْنه عندَ المؤمنين والكافرين يُنظر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (4/52). .
- ولأنَّ الأمرَ بالمعروف والنَّهي عن المُنكَر سِياجُ الإيمان وحِفاظُه، فكان تقديمُه في الذِّكر مُوافِقًا لمعهودٍ عندَ الناس في جَعْل سياجِ كلِّ شيء مُقدَّمًا عليه يُنظر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (4/52). .
- وأيضًا تعريضًا بأهل الكتاب الذين كانوا يَدَّعون الإيمان، ولا يَقدِرون على ادِّعاءِ القيام بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكَر يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/325)، ((تفسير أبي حيان)) (3/302)، ((تفسر المنار)) لمحمد رشيد رضا (4/52)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/50)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/48). .
- ولأنَّه هو الوصْفُ المؤثِّر في حصولِ هذه الخيريَّة لهذه الأُمَّة؛ إذ الإيمان قدَرٌ مُشترَك بين كلِّ الأمم المحِقَّة، والمؤثِّر في حصول هذه الزِّيادة هو كون هذه الأمَّة أقوى حالًا في الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكَر من سائر الأمم، وأمَّا الإيمانُ بالله فهو شرطٌ لتأثيرِ هذا المؤثِّر في هذا الحُكم؛ لأنَّه ما لم يوجدِ الإيمان لم يَصِرْ شيءٌ من الطَّاعات مؤثِّرًا في صِفة الخيريَّة يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/325)، ((تفسير أبي حيان)) (3/302). ، وللدَّلالة على أنَّهم أمَروا بالمعروف ونَهوا عن المنكر إيمانًا بالله، وتصديقًا به، وإظهارًا لدِينه يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (2/33)، ((تفسير الرازي)) (8/325)، ((تفسير أبي حيان)) (3/302). .
5- قول الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ، فيه أنَّ العامِلين يَتفاضلون يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/54). .
6- قول الله تعالى: ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ: فيه جوازُ تَعدُّد العِلل لمعْلولٍ واحد يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/64). .

بلاغة الآيات:

1- قوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ: استئنافٌ مُبيِّن لكونِهم خيرَ أُمَّة يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/71). ، وتعليل لأمْرهم بالدَّعوة إلى الخيرِ يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/48). .
- وعبَّر بصِيغة الاستقبال (تأمرون- وتَنْهون)؛ للدَّلالة على الاستمرارِ، والخِطابُ وإنْ كان خاصًّا بمَن شاهَد الوحيَ من المؤمنين، لكنَّ حُكمَه عامٌّ للكلِّ يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/71). .
- والمراد بـأُمَّة: عمومُ الأُمم كلِّها- على ما هو المعروفُ في إضافة أفعل التَّفضيل إلى النَّكرةِ أنْ تكون للجِنس، فتُفيد الاستغراق يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/50). .
- وفيه إيجازٌ؛ حيث اكتفَى بذِكر الإيمان بالله، ولم يذكُر الإيمانَ بالنُّبوَّة مع أنَّه لا بدَّ منه؛ لأنَّ الإيمانَ بالله يَستلزِم الإيمانَ بالنُّبوَّة؛ لأنَّ الإيمانَ بالله لا يَحصُل إلا إذا حصَل الإيمان بكونه صادقًا، والإيمان بكونه صادقًا لا يَحصُل إلَّا إذا كان الذي أَظهَر المعجِزَ على وَفْق دعواه صادقًا، وكان الاقتصارُ على ذِكْر الإيمان بالله تنبيهًا على هذه الدَّقيقة يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/326)، ((تفسير أبي حيان)) (3/302). .
2- قوله: وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ فيه تعريضٌ بأهلِ الكتابِ من اليهودِ وغيرِهم أنَّهم مُتوقِّفونَ في اتِّباع الإسلام، مع إمكانِ تحصيلِهم على هذا الفضلِ يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/52). .
3- قوله: مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ
- الألف والَّلام في المُؤْمِنُونَ وفي الفَاسِقُونَ يدلُّ على المبالَغةِ والكمالِ في الوصفينِ، وذلك ظاهرٌ؛ لأنَّ مَن آمَن بكتابه وبالقرآن فهو كاملٌ في إيمانه، ومَن كذَّب بكتابه إذ لم يتَّبِع ما تَضمَّنه من الإيمانِ برسول الله، وكذَّب بالقرآنِ فهو أيضًا كامِلٌ في فِسْقه مُتمرِّد في كُفْره يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/303). .
- قول الله تعالى: مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، لم يَقُل: (منهم مؤمنون)، فـ(أل) للعَهْد الذِّهنيِّ، فالمقصود الإيمان المعهود عندكم- أيُّها المسلمون- وهو الإيمانُ برسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/54). .
4- قوله: وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ: فيه مُبالَغةٌ في عدمِ مكافحةِ الكُفَّارِ للمؤمنين إذا أرادوا قِتالَهم، وأنَّهم ليسوا ممَّن يَغلِب ويَقتُل وهو مُقبِلٌ على محاربِه غيرُ مُدبِرٍ عنه، وهذه الجملة جاءتْ كالمؤكِّدة للجملةِ قَبلها لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى؛ إذ تضمَّنت الإخبارَ أنَّهم لا تكونُ لهم غَلَبةٌ ولا قَهْر، ولا دولةٌ على المؤمنين؛ لأنَّ حصولَ ذلك إنَّما يكون سَببَه صِدْقُ القتال والثَّبات فيه، أو النَّصرُ المستمدُّ من الله، وكِلاهما ليس لهم يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/303-304). .
- وأتى بلفظِ (الأدبار) لا بلفظِ الظُّهور؛ لِمَا في ذِكر الأدبارِ من الإهانة دون ما في الظُّهور، ولأنَّ ذلك أبلغُ في الانهزامِ والهَرَب يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/303-304). .
5- قوله: ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ فيه من وجوهِ البلاغةِ ما يأتي:
- تَعقيبُ الكلامِ الذي تمَّ بجُملةٍ تُوضِّح اليَقينَ [4659] وهو ما يُعرَف عند البلاغيِّين بالإيضاح. ، وهي قوله: ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ؛ تأكيدًا منه سبحانه للمؤمنين المجاهدين أنَّ النَّصرَ سيكونُ حليفَهم؛ ليفيدَ الدَّيمومةَ والاستمرار في الجهاد، وعدم الاستسلام للعدوِّ، ويُبشِّرهم بأنَّ عدوَّهم مخذول أبدًا، وأنَّ عليهم أنْ يُباشِروا قتالَه في كلِّ وقت يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/72)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/23). .
- تَعليقُ الكلامِ إلى حِينٍ من الزَّمن [4661] وهو ما يُعرَف عند البلاغيِّين بالتَّعليق. ؛ حيث اختير لفظ "ثمَّ" دون حروفِ العَطف؛ لأنَّه يدلُّ على المهلةِ الملائمة لدَلالة الفِعْل المضارع على الاستقبال، إشارة إلى أنَّ هؤلاء اليهودَ قومٌ لا يُنصَرون ألبتَّةَ مهما واتتْهم الإمكاناتُ، ومهما أُغدِقت عليهم المساعدات يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (1/401)، ((تفسير البيضاوي)) (2/33)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/55)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/23). ، أو تكون (ثم) هنا ليستْ للمُهْلة في الزَّمان، وإنَّما هي للتَّراخي في الإخبار، فالإخبارُ بتولِّيهم في القتال وخِذلانهم والظَّفَر بهم أَبْهجُ وأَسَرُّ للنَّفْس، ثُمَّ أَخبَر بعد ذلك بانتفاء النَّصرِ عنهم مُطلَقًا يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/304). .
-و مجيء حرْف العَطفِ (ثمَّ)؛ لأنَّ الكلامَ لو عُطِف بالواوِ مثلًا لظَنَّ قِصارُ النَّظر أنَّهم إنَّما وُعِدوا بالنَّصر في تلك الحالة ليس غيرُ، فدفَع هذا الظنَّ بكلمة (ثمَّ) التي تَقطُع هذا الشكَّ باليقين [4664] وهو ما يُعرَف عند البلاغيِّين بالاحتِراس. ، مؤكِّدًا أنَّ النتيجة الحتميَّة هي النَّصر المؤزَّر للمؤمنين؛ فقطع على هؤلاء الظَّانِّين الطريقَ لالتِماس المعاذير للتَّخلُّف عن الجهاد يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/54)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/23). .
6- قوله: وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ: التَّنكيرُ في (بغضب)؛ للتَّفخيم والتهويل، و(مِن) في قوله: مِنَ اللَّهِ مُتعلِّقةٌ بمحذوف وقَع صفةً لغضب مُؤكَّدةٌ؛ لِما أفاده التَّنكيرُ من الفخامة والهول، أي كائن من الله عزَّ وجلَّ يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/72). ، فتأكَّد التَّفخيم بالوصف في قوله تعالى (مِنَ اللَّهِ) يُنظر: ((دليل البلاغة القرآنية)) للدبل (ص: 516). .
7- قول الله تعالى: بِغَيْرِ حَقٍّ: ليس قيدًا، ولكنَّه للكشف والإيضاح لبيان الواقع، أي: إنَّ قتْلَ الأنبياء كلَّه بغير حقٍّ، والمقصود شِدَّة التَّوبيخ لهؤلاء، وأنَّهم يَقتُلون أشرفَ الخَلْق بغير حقٍّ، وللدَّلالة على أنَّه لم يكن حقًّا بحسب اعتقادهم أيضًا يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (2/33)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/69). .
8- قوله: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ مع قوله: ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ: فيه نشْرٌ ولفٌّ؛ فكُفْرهم بالآيات سببُه العِصيان، وقتْلهم الأنبياء سببُه الاعتداءُ يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/57). .