موسوعة الأخلاق والسلوك

سادسًا: مظاهِرُ وصُوَرُ الإطراءِ


للإطراءِ صُوَرٌ كثيرةٌ ومظاهِرُ متعَدِّدةٌ، لعَلَّ من أهمِّها:
1- وَصفُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ببعضِ خصائِصِ الرُّبوبيَّةِ، كقولِ البوصيريِّ يمدحُ النَّبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ:
فإنَّ من جُودِك الدُّنيا وضَرَّتَها
ومن علومِك عِلمَ اللَّوحِ والقَلَمِ [456] ((الديوان)) للبوصيري (ص: 252). .
2- مبالغةُ بعضِ طوائِفِ الرَّافضةِ في مدحِ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، حتى ادَّعَوا فيه الإلهيَّةَ [457] ((المختار في أصول السنة)) لابن البناء (ص: 99). .
3- غُلُوُّ الإماميَّةِ في إطراءِ أئمَّتِهم، حتَّى ادَّعوا لهم عِلمَ الغيبِ، وأنَّهم يملِكون الدُّنيا والآخِرةَ، واختَلَقوا مئاتِ بل آلافَ الآثارِ في مدحِ أئمَّتِهم بالباطِلِ، ووَصْفِهم بما ليس فيهم [458] وفي (أصول الكافي) كتاب (الحجة)، باب بعنوان: (باب إن الأرض كلها للإمام عليه السلام) ((أصول الكافي)) (ص: 258). .
4- إفراطُ النَّصارى في مدحِ عيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، حتَّى قالوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة: 17] ؛ لذا قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تُطْروني كما أطْرَتِ النَّصارى ابنَ مريمَ؛ فإنَّما أنا عبدُه، فقولوا عبدُ اللهِ ورسولُه)) [459] أخرجه البخاري (3445). .
5- ظهورُ طائفةٍ من النَّاسِ يحترفونَ المدْحَ، ويجعلونَه بضاعةً يَستأكِلونَ به الممدوحَ ويفتِنونَه [460] ((معالم السنن)) للخطابي (4/ 111). .
6- أنَّه قد يُفضي إلى القَطعِ على ما في ضميرِ الممدوحِ وعاقبتِه؛ فعن خارجةَ بنِ زيدِ بنِ ثابتٍ أنَّ أمَّ العلاءِ امرأةً من الأنصارِ بايعَت النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبرَتْه: ((أنَّه اقتسم المهاجرونَ قُرعةً، فطار لنا عثمانُ بنُ مظعونٍ، فأنزَلْناه في أبياتِنا، فوَجِعَ وَجَعَه الذي تُوفِّيَ فيه، فلمَّا تُوُفِّيَ وغُسِّلَ وكُفِّن في أثوابِه، دخل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقُلتُ: رحمةُ اللهِ عليك أبا السَّائِبِ، فشهادتي عليك: لقد أكرَمَك اللهُ! فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وما يدريكِ أنَّ اللهَ قد أكرمَه؟! فقُلتُ: بأبي أنت يا رسولَ اللهِ، فمن يُكرِمُه اللهُ؟! فقال: أمَّا هو فقد جاءه اليقينُ، واللهِ إنِّي لأرجو له الخيرَ، واللهِ ما أدري، وأنا رسولُ اللهِ، ما يُفعَلُ بي؟! قالت: فواللهِ لا أزكِّي أحدًا بعده أبدًا)) [461] أخرجه البخاري (1243). .
7-استئجارُ بعضِ الأبواقِ الإعلاميَّةِ للمبالغةِ في الثَّناءِ على من لا يستحِقُّ الثَّناءَ؛ تلبيسًا على العامَّةِ.
8- التَّظاهُرُ بذَمِّ النَّفسِ طَلَبًا للمدحِ؛ ولِيُنسَبَ إلى ما ليس فيه من التَّواضُعِ والسَّمتِ ونحوِه، قال الحَسَنُ البصريُّ: (ذمُّ الرَّجُلِ نفسَه في العلانيةِ مَدحٌ لها في السِّرِّ) [462] ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (3/ 446). .

انظر أيضا: