موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- مِن القرآنِ الكريمِ


أمَر اللهُ تعالى في كثيرٍ مِن الآياتِ بالدَّعوةِ إلى الخيرِ، والأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ، والتَّواصي بالحقِّ، وأثنى على مَن قام بها، ومن ذلك:
1- قال تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران: 104] .
قال السَّعديُّ: (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ: وهو الدِّينُ؛ أصولُه، وفُروعُه، وشرائِعُه، وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ: وهو ما عُرِف حُسنُه شَرعًا وعَقلًا، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ: وهو ما عُرِف قُبحُه شَرعًا وعَقلًا، وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ: المُدرِكونَ لكُلِّ مطلوبٍ، النَّاجونَ مِن كُلِّ مرهوبٍ، ويدخُلُ في هذه الطَّائِفةِ أهلُ العِلمِ والتَّعليمِ، والمُتصَدُّونَ للخَطابةِ ووَعظِ النَّاسِ عُمومًا وخُصوصًا، والمُحتسِبونَ الذين يقومونَ بإلزامِ النَّاسِ بإقامةِ الصَّلواتِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، والقِيامِ بشرائِعِ الدِّينِ، ويَنهَونَهم عن المُنكَراتِ، فكُلُّ مَن دعا النَّاسَ إلى خيرٍ على وَجهِ العُمومِ، أو على وَجهِ الخُصوصِ، أو قام بنصيحةٍ عامَّةٍ أو خاصَّةٍ؛ فإنَّه داخِلٌ في هذه الآيةِ الكريمةِ) [9148] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 971). .
2- وقال تعالى في الحَثِّ على التَّواصي بالخيرِ، وهو أعظَمُ ضُروبِ النَّصيحةِ، ومِن سُبلِ النَّجاةِ مِن الخُسرانِ: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالْحَقِّ وَتَواصَوا بِالصَّبْرِ [العصر: 2 - 3] .
قال الرَّازيُّ: (هذه الآيةُ فيها وَعيدٌ شديدٌ، وذلك لأنَّه تعالى حكَم بالخَسارِ على جميعِ النَّاسِ إلَّا مَن كان آتِيًا بهذه الأشياءِ الأربعةِ، وهي: الإيمانُ، والعَملُ الصَّالِحُ، والتَّواصي بالحقِّ، والتَّواصي بالصَّبرِ؛ فدلَّ ذلك على أنَّ النَّجاةَ مُعلَّقةٌ بمجموعِ هذه الأمورِ، وأنَّه كما يلزَمُ المُكلَّفَ تحصيلُ ما يخُصُّ نَفسَه فكذلك يلزَمُه في غَيرِه أمورٌ؛ منها: الدُّعاءُ إلى الدِّينِ، والنَّصيحةُ، والأمرُ بالمعروفِ، والنَّهيُ عن المُنكَرِ، وأن يُحِبَّ له ما يُحِبُّ لنَفسِه) [9149] ((مفاتيح الغيب)) (32/ 282). .
3- وقال تعالى في بَيانِ السِّمةِ المُميِّزةِ لهذه الأمَّةِ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: 110] .
قال السَّعديُّ: (هذا تفضيلٌ مِن اللهِ لهذه الأمَّةِ بهذه الأسبابِ التي تميَّزوا بها، وفاقوا بها سائِرَ الأمَمِ، وأنَّهم خيرُ النَّاسِ للنَّاسِ؛ نُصحًا، ومحبَّةً للخيرِ، ودعوةً، وتَعليمًا، وإرشادًا، وأمرًا بالمعروفِ، ونَهيًا عن المُنكَرِ، وجَمعًا بَينَ تكميلِ الخَلقِ والسَّعيِ في منافِعِهم، بحسَبِ الإمكانِ) [9150] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 972). .
4- وقال تعالى آمِرًا المُسلِمينَ جميعًا بالتَّعاوُنِ فيما بَينَهم على البِرِّ والتَّقوى، ولا شكَّ أنَّ النَّصيحةَ النَّافِعةَ مِن أوجَهِ البِرِّ والتَّقوى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] .
قال القُشَيريُّ: (المُعاوَنةُ على البِرِّ بحُسنِ النَّصيحةِ وجميلِ الإشارةِ للمُؤمِنينَ، والمُعاوَنةِ على التَّقوى بالقَبضِ على أيدي الخطَّائِينَ بما يقتضيه الحالُ مِن جميلِ الوَعظِ، وبليغِ الزَّجرِ، وتمامِ المَنعِ، على ما يقتضيه شَرطُ العِلمِ) [9151] ((لطائف الإشارات)) (1/398). .

انظر أيضا: