موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ وغَيرِهم


- قيل للحَسَنِ بنِ عَليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: فيك عَظَمةٌ؟ قال: لا، بل فيَّ عِزَّةُ اللهِ تعالى؛ قال اللهُ تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8] [6369] ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (2/220). .
- وعن سُفيانَ بنِ عُيَينةَ قال: (ثنا أبو موسى، قال: سمِعتُ الحَسَنَ يقولُ، وأتاه رجلٌ فقال: إني أريدُ السِّندَ فأوصِني، قال: حيثما كنتَ فأعِزَّ اللهَ يُعِزَّك. قال: فحَفِظتُ وَصيَّتَه، فما كان بها أحدٌ أعَزَّ مني حتى رجَعْتُ) [6370] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (2/ 152). .
- وقال إبراهيمُ بنُ شيبانَ: (الشَّرَفُ في التَّواضُعِ، والعِزُّ في التَّقوى، والحُرِّيَّةُ في القناعةِ) [6371] ((الرسالة القشيرية)) (1/ 279). .
- وعن سُفيانَ الثَّوريِّ أنَّه قال: (أعَزُّ الخَلقِ خمسةُ أنفُسٍ: عالمٌ زاهدٌ، وفقيهٌ صوفيٌّ، وغنيٌّ متواضِعٌ، وفقيرٌ شاكرٌ، وشريفٌ سُنِّيٌّ) [6372] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/314). .
- وقال الغزاليُّ: (من رزقه القناعةَ حتَّى استغنى بها عن خَلقِه، وأمدَّه بالقُوَّةِ والتَّأييدِ حتَّى استولى بها على صفاتِ نفسِه؛ فقد أعزَّه، وآتاه المُلكَ عاجِلًا، وسيُعِزُّه في الآخرةِ بالتَّقريبِ) [6373] ((المقصد الأسنى))، بتصرف يسير (ص: 89). .
- وقال أيضًا: (العزيزُ مِن العبادِ: من يحتاجُ إليه عبادُ اللهِ في أهمِّ أمورِهم، وهي الحياةُ الأخرويَّةُ، والسَّعادةُ الأبَديَّةُ، وذلك ممَّا يَقِلُّ -لا محالةَ- وجودُه، ويَصعُبُ إدراكُه، وهذه رتبةُ الأنبياءِ -صلواتُ اللهِ عليهم أجمعين- ويشارِكُهم في العِزِّ من ينفَرِدُ بالقُربِ من درجتِهم في عَصرِه، كالخُلَفاءِ وورثتِهم من العُلَماءِ، وعِزَّةُ كُلِّ واحدٍ منهم بقَدْرِ عُلُوِّ رتبتِه عن سُهولةِ النَّيلِ والمشاركةِ، وبقَدرِ عنائِه في إرشادِ الخَلقِ) [6374] ((المقصد الأسنى)) للغزالي، بتصرف يسير (73، 74). .
- وقال زيادٌ: (يُعجِبُني من الرَّجُلِ إذا ... سِيمَ خُطَّةَ خَسفٍ [6375] الخَسفُ: الإذلالُ وتحميلُ الإنسانِ ما يَكرَهُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (9/ 68). أن يقولَ: لا، بملءِ فيه) [6376] ((نثر الدر في المحاضرات)) للآبي (5/ 16). .
- وقال شَريكُ بنُ عبدِ اللَّهِ النَّخعيُّ: (أعِزَّ أمرَ اللَّهِ يُعِزَّك اللَّهُ) [6377] ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (10/ 395). .
- وقال ابنُ الحاجِّ: (من أراد الرِّفعةَ فليتواضَعْ للهِ تعالى؛ فإنَّ العزَّةَ لا تقعُ إلَّا بقَدرِ النُّزولِ؛ ألا ترى أنَّ الماءَ لمَّا نزَل إلى أصلِ الشَّجَرةِ صَعِد إلى أعلاها، فكأنَّ سائلًا سأله: ما صَعِد بك هاهنا -أعني في رأسِ الشَّجَرةِ- وأنت قد نزَلْتَ تحتَ أصلِها؟ فكأنَّ لسانِ حالِه يقولُ: من تواضَع للهِ رفَعَه اللَّهُ) [6378] ((المدخل)) لابن الحاج (2/ 120). .
- وقال الرَّاغبُ الأصفهانيُّ: (العِزَّةُ: منزلةٌ شريفةٌ، وهي نتيجةُ مَعرِفةِ الإنسانِ بقَدرِ نفسِه، وإكرامِها عن الضَّراعةِ للأعراضِ الدُّنيويَّةِ، كما أنَّ الكِبرَ نتيجةُ جَهلِ الإنسانِ بقَدرِ نَفسِه، وإنزالِها فوقَ منزلتِها) [6379] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص: 215). .
- وقال ابنُ القَيِّمِ: (العِزَّةُ والعُلُوُّ إنَّما هما لأهلِ الإيمانِ الذي بعَث اللهُ به رُسُلَه، وأنزل به كُتُبَه، وهو عِلمٌ وعَمَلٌ وحالٌ؛ قال تعالى: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 139] فللعبدِ من العُلُوِّ بحسَبِ ما معه من الإيمانِ، وقال تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8] ، فله من العِزَّةِ بحسَبِ ما معه من الإيمانِ وحقائقِه، فإذا فاته حظٌّ من العُلُوِّ والعِزَّةِ ففي مقابلةِ ما فاته من حقائِقِ الإيمانِ علمًا وعملًا، ظاهرًا وباطنًا) [6380] ((إغاثة اللهفان)) (2/181). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (العِزُّ ضِدُّ الذُّلِّ، والذُّلُّ أصلُه الضَّعفُ والعَجزُ، فالعِزُّ يقتضي كمالَ القدرةِ والقُوَّةِ؛ ولهذا يوصَفُ به المُؤمِنُ، ولا يكونُ ذَمًّا له، بخِلافِ الكِبرِ... فالعِزَّةُ من جِنسِ القُدرةِ والقوَّةِ، وقد ثبت في الصَّحيحِ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((المُؤمِنُ القويُّ خيرٌ وأحَبُّ إلى اللَّهِ من المُؤمِنِ الضَّعيفِ، وفى كُلِّ خيرٍ)) ) [6381] ((طريق الهجرتين وباب السعادتين)) (ص: 109). والحديث أخرجه مسلم (2664). .
- وعن أبي الجَلدِ جيلانَ بنِ فَروةَ، قال: (قرأتُ في الحِكمةِ: من كان له من نفسِه واعظٌ كان له من اللهِ حافظٌ، ومن أنصَف النَّاسَ من نفسِه زاده اللهُ بذلك عِزًّا، والذُّلُّ في طاعةِ اللهِ أقربُ من التَّعزُّزِ بالمعصيةِ) [6382] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (6/ 55). .
- وقال ابنُ المقفَّعِ: (من تعزَّز باللَّهِ لم يُذِلَّه سُلطانٌ، ومن توكَّل عليه لم يَضُرَّه إنسانٌ) [6383] ((روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار)) للأماسي (ص: 242). .
- وقال المنفلوطيُّ: (جاء الإسلامُ بعقيدةِ التَّوحيدِ؛ ليرفعَ نفوسَ المسلِمين، ويغرِسَ في قلوبِهم الشَّرَفَ والعِزَّةَ والأنَفةَ والحَمِيَّةَ، وليُعتِقَ رقابَهم من رِقِّ العبوديَّةِ، فلا يَذِلَّ صغيرُهم لكبيرِهم، ولا يهابَ ضعيفُهم قويَّهم، ولا يكونَ لذي سُلطانٍ بَيْنَهم سُلطانٌ إلَّا بالحَقِّ والعَدلِ) [6384] ((النظرات)) (2/18). .
- وقال محمَّدٌ الغزاليُّ: (العِزَّةُ والإباءُ والكرامةُ من أبرَزِ الخِلالِ التي نادى بها الإسلامُ، وغرَسَها في أنحاءِ المجتَمَعِ، وتعهَّد نماءَها بما شَرَع من عقائدَ، وسَنَّ من تعاليمَ) [6385] ((خلق المسلم)) (ص: 181). .
- وقال محمَّدٌ الغزاليُّ أيضًا: (أمَّا تهيُّبُ الموتِ وتحمُّلُ العارِ طَلَبًا للبقاءِ في الدُّنيا على أيَّةِ صورةٍ، فذلك حمقٌ؛ فإنَّ الفرارَ لا يُطيلُ أجَلًا، والإقدامَ لا يَنقُصُ عُمُرًا، كيف؟ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف: 34] . إنَّ القضاءَ يصيبُ العزيزَ وله أجرُه، ويصيبُ الذَّليلَ وعليه وِزرُه؛ فكُنْ عزيزًا ما دام لن يُفلِتَ من محتومِ القضاءِ إنسانٌ)) [6386] ((خلق المسلم)) (ص:189). .
وقال الشَّرباصيُّ: (إنَّ العِزَّةَ ميراثُ المُؤمِنِ؛ فليَحرِصْ كُلُّ مُؤمِنٍ على ميراثِه) [6387] ((أخلاق القرآن)) (1/21). .

انظر أيضا: