موسوعة الأخلاق والسلوك

حادِيَ عَشَرَ: أخطاءٌ شائِعةٌ


مِنَ النَّاسِ مَن يستَعمِلُ بَدَلَ العَدلِ المُساواةَ، وهذا خَطَأٌ؛ لا يُقالُ: مُساواةٌ، لأنَّ المُساواةَ قد تَقتَضي التَّسويةَ بَينَ شَيئَينِ الحِكمةُ تَقتَضي التَّفريقَ بَينَهما.
ومِن أجلِ هذه الدَّعوةِ الجائِرةِ إلى التَّسويةِ صاروا يقولونَ: أيُّ فرقٍ بَينَ الذَّكرِ والأُنثى؟! سَوَّوا بَينَ الذُّكورِ والإناثِ، حتَّى إنَّ الشُّيوعيَّةَ قالت: أيُّ فرقٍ بَينَ الحاكِمِ والمَحكومِ، لا يُمكِنُ أن يكونَ لأحَدٍ سُلطةٌ على أحَدٍ، حتَّى بَينَ الوالدِ والوالِدِ، ليسَ للوالدِ سُلطةٌ على الوَلَدِ... وهَلُمَّ جَرًّا.
لكِنْ إذا قُلْنا بالعَدل، وهو إعطاءُ كُلِّ أحَدٍ ما يستَحِقُّه، زال هذا المَحذورُ، وصارَتِ العِبارةُ سَليمةً.
ولهذا، لم يأتِ في القُرآنِ أبَدًا أنَّ اللهَ يأمُرُ بالتَّسويةِ! لكِن جاءَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ [النحل: 90] ، وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء: 58] .
وأخطَأ على الإسلامِ مَن قال: إنَّ دينَ الإسلامِ دينُ المُساواةِ! بل دينُ الإسلامِ دينُ العَدلِ، وهو الجَمعُ بَينَ المُتَساويَينِ، والتَّفريقُ بَينَ المُفتَرِقَينِ، إلَّا أن يُريدَ بالمُساواةِ العَدلَ، فيكونُ أصابَ في المَعنى وأخطَأ في اللَّفظِ.
لهذا كان أكثَرَ ما جاءَ في القُرآنِ نَفيُ المُساواةِ: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [الزمر: 9] ، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ [الرعد: 16] ، لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا [الحديد: 10] ، لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [النساء: 95] . ولم يأتِ حَرفٌ واحِدٌ في القُرآنِ يأمُرُ بالمُساواةِ أبَدًا، إنَّما يأمُرُ بالعَدلِ.
وكلمةُ (العَدل) أيضًا تَجِدونَها مَقبولةً لدى النُّفوسِ.
فينبغي التَّنَبُّهُ لهذا؛ لئَلَّا نَكونَ في كلامِنا إمَّعةً؛ لأنَّ بَعضَ النَّاسِ يأخُذُ الكلامَ على عواهِنِه، فلا يُفكِّرُ في مَدلولِه، وفيمَن وضَعَه، وفي مَغزاه عِندَ مَن وضَعَه [6302] ((شرح العقيدة الواسطية)) لابن عثيمين (1/ 229). .

انظر أيضا: