موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- نماذِجُ من الشَّهامةِ عندَ الأنبياءِ والمُرسَلينَ


- شهامةُ موسى عليه السَّلامُ
قال تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص: 23 - 24] .
فموسى عليه السَّلامُ لمَّا وصل ماءَ مَدْيَنَ وجَد على الماءِ جماعةً كثيرةً من النَّاسِ يَسْقون مواشيَهم، ووجَد من دونِهم امرأتينِ تمنعانِ غَنَمَهما؛ لئلَّا تختَلِطَ بأغنامِ النَّاسِ.
قال موسى للمرأتينِ: ما شأنُكما؟! قالتا: لا نسقي غنَمَنا إلَّا بعد أن يصرِفَ الرُّعاةُ مواشِيَهم، وأبونا شيخٌ كبيرٌ لا يستطيعُ سَقْيَ الغَنَمِ بنَفسِه؛ فسقى موسى لهما غنمَهما بلا أُجرةٍ كما ينبغي أن يفعَلَ الرِّجالُ ذوو الشَّهامةِ.
- شهامةُ يوسُفَ عليه السَّلامُ:
قال تعالى: يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ [يوسف: 46 - 49] .
فيوسُفُ عليه السَّلامُ رَغمَ كَونِه في السِّجنِ فقد أوَّل رؤيا المَلِكِ التي حار في تأويلِها المتأوِّلون، أوَّلها يوسُفُ عليه السَّلامُ دونَ مُساومةٍ على حرِّيَّتِه، وبلا أجرٍ، وهو المسجونُ ظُلمًا، وكان لتأويلِه أثرٌ في نجاةِ العبادِ والبلادِ.
وأيضًا فيوسُفُ عليه السَّلامُ تعَرَّض للظُّلمِ على يدِ إخوتِه، الذين أبعَدوه عن أبيه وألقَوه في البئرِ، وحينَ تمكَّن منهم لم يعامِلْهم عليه السَّلامُ إلَّا بشهامتِه ورحمتِه، فعفا عنهم؛ قال تعالى: قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف: 91 - 92] .   

انظر أيضا: