موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- نماذِجُ مِن الحِلمِ عندَ الأنبياءِ والمُرسَلينَ


يُروى عن الحَسنِ البَصريِّ أنَّه قال: ما نعَت اللهُ أحدًا مِن الأنبياءِ نَعتًا أقَلَّ ممَّا نعَتهم به مِن الحِلمِ؛ فإنَّه قال: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة: 114] ، وإِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ [هود: 75] ، قال أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سلَّامٍ: (يعني أنَّ الحِلمَ في النَّاسِ عزيزٌ) [3761] ((الأمثال)) للقاسم بن سلام (ص: 150). .
ووصَف اللهُ عزَّ وجلَّ إسماعيلَ عليه السَّلامُ بالحِلمِ؛ قال تعالى: فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ [الصافات:101] ، والحادِثةُ شهِدَت بحِلمِهما؛ قال تعالى: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبُحَكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرْ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِريِنَ [الصافات: 102] ، وأيُّ حِلمٍ أعظَمُ مِن حِلمِه حينَ عرَض عليه أبوه الذَّبحَ، فقال:سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات: 102] )؟! [3762] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (4/332). .
ومِن ذلك (حِلمُ هودٍ عليه السَّلامُ وهو يستمِعُ إلى إجابةِ قومِه بَعدَما دعاهم إلى توحيدِ اللهِ، قالوا: إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ [الأعراف: 66 - 68] . إنَّ شتائِمَ هؤلاء الجُهَّالِ لم يطِشْ لها حِلمُ هودٍ؛ لأنَّ الشُّقَّةَ بعيدةٌ بَينَ رجُلٍ اصطَفاه اللهُ رسولًا؛ فهو في الذُّؤابةِ مِن الخيرِ والبِرِّ، وبَينَ قومٍ سَفِهوا أنفُسَهم، وتهاوَوا على عِبادةِ الأحجارِ يحسَبونَها -لغَبائِهم- تضُرُّ وتنفَعُ! كيف يضيقُ المُعلِّمُ الكبيرُ بهَرفِ هذه القُطعانِ؟!) [3763] ((خلق المسلم)) لمحمد الغزالي (ص: 108، 109). .

انظر أيضا: