موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- مِن القرآنِ الكريمِ: 


وردَت آياتٌ قرآنيَّةٌ كثيرةٌ تُشيرُ إلى صفةِ الحِلمِ، ووصَف اللهُ نَفسَه بالحِلمِ، وسمَّى نَفسَه الحَليمَ، ووردَت آياتٌ تدعو المُسلِمينَ إلى التَّحلِّي بهذا الخُلقِ النَّبيلِ، وعَدمِ المُعامَلةِ بالمِثلِ ومُقابَلةِ الإساءةِ بالإساءةِ، والحثِّ على الدَّفعِ بالتي هي أحسَنُ، والتَّرغيبِ في الصَّفحِ عن الأذى والعَفوِ عن الإساءةِ.
1- قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133- 134] .
قال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ قولِه تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ: (أي: لا يُعمِلونَ غَضبَهم في النَّاسِ، بل يكُفُّونَ عنهم شرَّهم، ويحتسِبونَ ذلك عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ.
ثمَّ قال تعالى: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ أي: معَ كفِّ الشَّرِّ يَعفونَ عمَّن ظلَمهم في أنفُسِهم، فلا يبقى في أنفُسِهم مَوجِدةٌ على أحدٍ، وهذا أكمَلُ الأحوالِ؛ ولهذا قال: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، فهذا مِن مقاماتِ الإحسانِ) [3669] ((تفسير القرآن العظيم)) (2/122). .
2- وقال عزَّ وجلَّ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف: 199] ، (والأمرُ بالإعراضِ عن الجاهِلينَ حضٌّ على التَّخلُّقِ بالحِلمِ، والتَّنزُّهِ عن مُنازَعةِ السُّفَهاءِ، وعلى الإغضاءِ عمَّا يسوءُ) [3670] ((البحر المحيط في التفسير)) لأبي حيان (5/ 256). .
3- قولُه تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت: 34] ، (أي: إذا أحسنْتَ إلى مَن أساء إليك قادَته تلك الحَسنةُ إليه إلى مُصافاتِك ومحبَّتِك، والحُنوِّ عليك، حتَّى يصيرَ كأنَّه وليٌّ لك حميمٌ، أي: قريبٌ إليك مِن الشَّفقةِ عليك والإحسانِ إليك، ثُمَّ قال: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا [فصلت: 35] ، أي: وما يقبَلُ هذه الوَصيَّةَ ويعمَلُ بها إلَّا مَن صبَر على ذلك؛ فإنه يشُقُّ على النُّفوسِ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُوْ حَظٍّ عَظِيمٍ أي: ذو نصيبٍ وافِرٍ مِن السَّعادةِ في الدُّنيا والآخِرةِ.
قال عليُّ بنُ أبي طَلحةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما في تفسيرِ هذه الآيةِ: (أمَر اللهُ المُؤمِنينَ بالصَّبرِ عندَ الغَضبِ، والحِلمِ عندَ الجَهلِ، والعفوِ عندَ الإساءةِ، فإذا فعَلوا ذلك عصَمهم اللهُ مِن الشَّيطانِ، وخضَع لهم عدوُّهم كأنَّه وليٌّ حميمٌ) [3671] ((جامع البيان)) لابن جرير الطبري (20/ 432)، ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (7/181). .
4- قال تعالى: وِعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا [الفرقان: 63] ، قال الحَسنُ: (حُلَماءُ، إن جُهِل عليهم لم يجهَلوا) [3672] ((تفسير يحيى بن سلام)) (1/ 489). .
5- قال تعالى: وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ [الرعد: 22] ، يُقالُ: يَدفَعونَ بالحِلمِ جَهلَ الجاهِلِ [3673] ((تفسير القرآن)) لأبي المظفر السمعاني (4/ 147). .

انظر أيضا: