موسوعة الفرق

المَطلَبُ السَّادِسُ: الفَرْقُ بَينَ الخَوارِجِ والشِّيعةِ في مسألةِ الإمامةِ


عِندَ المقارَنةِ بَينَ آراءِ الخَوارِجِ والشِّيعةِ في موضوعِ الإمامةِ يَظهَرُ بَينَهم بَونٌ شاسِعٌ؛ فمن تلك الفُروقِ بَينَهما:
1- الخَوارِجُ منهم من يقولُ بالاستغناءِ عن الإمامِ، والشِّيعةُ على العَكسِ يَرَون أنَّ وجودَ إمامٍ من آلِ البيتِ أصلٌ من أصولِ الدِّينِ.
2- الإمامةُ عِندَ الخَوارِجِ حَقٌّ مُشاعٌ بَينَ كُلِّ طَبَقاتِ المجتَمَعِ إذا وُجِد الكُفءُ، بينما الشِّيعةُ تحصُرُ الخلافةَ في عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه، ونَسْلِه مِن بَعدِه.
3- مَذهَبُ الخَوارِجِ لا يقولُ بعِصمةِ الأئمَّةِ، ومَذهَبُ الشِّيعةِ يدَّعي عِصمَتَهم.
4- لا يعتَقِدُ الخَوارِجُ رَجعةَ أحدِ أئمَّتِهم، والشِّيعةُ تعتَقِدُ رَجعةَ الإمامِ المُنتَظَرِ، والقَولُ بعَدَمِ رجعةِ أحَدٍ هو قَولُ عامَّةِ الخَوارِجِ إلَّا فِرقةً شَذَّت عنهم تُسَمَّى الخَلَفيَّةَ، ورئيسُهم يُسَمَّى مسعودَ بنَ قَيسٍ؛ ففي أثناءِ محاربةِ حَمزةَ بنِ أكرَكَ لهذه الفِرقةِ وهزيمتِها هَرَب مسعودُ بنُ قَيسٍ فغَرِق في وادٍ ومات غريقًا، إلَّا أنَّ طائفتَه لم تُصَدِّقْ بموتِه واعتَقَدوا رجْعَتَه، وصاروا ينتَظِرونه انتِظارَ الشِّيعةِ للإمامِ المنتَظَرِ الذي يسألون له الرُّجوعَ، وتعجيلَ الخُروجِ في كُلِّ لَفظةٍ يُذكَرُ فيه المَهديُّ.
5- يرى الخَوارِجُ جوازَ الخُروجِ مع أيِّ شَخصٍ كان ما دام مُستقيمًا على الحَقِّ، بينما الشِّيعةُ يَرَون أنَّه لا يجوزُ الخُروجُ على مُخالِفيهم إلَّا مع وجودِ الإمامِ الحَقِّ، وبدونِه لا يجِبُ ولا يلزَمُ، بل هو إضرارٌ بالغيرِ، ولا صِحَّةَ لإمامةِ مَن ليس من أهلِ البيتِ، فمتى وُجِد هؤلاء جاز الخُروجُ معهم على الحُكَّامِ الجائِرين، وبدونِهم لا يجوزُ.
6- التَّقيَّةُ عِندَ الشِّيعةِ واجِبةٌ ويَحُضُّون على التِزامِها دائِمًا، وخصوصًا عِندَما تقتضي الظُّروفُ، أمَّا عندَ الخَوارِجِ فلا مكانَ لها عِندَ الأزارِقةِ منهم، ولا مكانَ للتَّقيَّةِ العَمَليَّةِ عِندَ الصُّفْريَّةِ كذلك، أمَّا الشِّيعةُ فإنَّهم جميعًا يُوجِبونَها.
7- يرى الزَّيديَّةُ من الشِّيعةِ جوازَ إمامةِ المفضولِ مع وجودِ الفاضِلِ، وهم بذلك يخالِفون معظَمَ الخَوارِجِ الذين يمنَعون ذلك.
وإذا كانت هذه الفوارِقُ تمَثِّلُ اختِلافًا حادًّا بَينَ الخَوارِجِ والشِّيعةِ في كثيرٍ من مسائِلِ الإمامةِ، فإنَّ هذا الخِلافَ لم يكُنْ جديدًا فيما بَينَهم؛ فقد بدأ حادًّا في قضيَّةِ الإمامةِ مُنذُ أوَّلِ أمرِهم حينما انفَصَل الخَوارِجُ عن الشِّيعةِ على عهدِ عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه.

انظر أيضا: