موسوعة الفرق

المَطلَبُ الخامِسُ: الصِّراطُ


كما أنكَرَ الإباضيَّةُ الميزانَ فقد أنكَروا الصِّراطِ كذلك، فقالوا عنهُ: إنَّه ليس بجِسرٍ على ظَهرِ جَهنَّمَ، كما وُصِف في الأحاديثِ النَّبويَّةِ.
قال السَّالميُّ في "غاية المُراد":
ولا الصِّراطُ بجِسرٍ مِثلَ ما زَعَموا
وما الحِسابُ بِعَدٍّ مِثْلَ مَن ذَهَلَا [412] ((غايَة المراد)) (ص: 9). .
قال الشَّارحُ الخليليُّ: (يعني أنَّ الصِّراطَ ليس هو جِسرًا على مَتنِ جَهنَّمَ يَعبُرُه السَّالِكون كما هو رأيُ كثيرٍ من العُلَماءِ، وإنَّما الصِّراطُ هو دينُ اللهِ الحَقُّ الذي تتوقَّفُ نجاةُ كُلِّ أحدٍ على سلوكِه بحِذقٍ وحَذَرٍ) [413] ((شرح غايَة المراد)) (ص: 100). .
أمَّا السَّلَفُ فإنَّهم يعتَقِدون أنَّ الصِّراطَ هو جِسرُ جَهنَّمَ، وقد بوَّب البخاريُّ على هذا بقولِه: (بابُ: الصِّراطُ جِسرُ جَهنَّمَ)، ثُمَّ أورد عدَّةَ أحاديثَ؛ منها حديثٌ عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، وفيه يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ويُضرَبُ جِسرُ جَهنَّمَ)). قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فأكونُ أوَّلَ من يُجيزُ، ودُعاءُ الرُّسُلِ يَومَئذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وبه كلاليبُ مِثلُ شَوكِ السَّعْدانِ... غيرَ أنَّها لا يَعلَمُ قَدْرَ عِظَمِها إلَّا اللهُ، فتَخطَفُ النَّاسَ بأعمالِهم، منهم الُموبَقُ بعَمَلِه، ومنهم المُخَرْدَلُ [414] معناه: أنَّ كلاليبَ النَّارِ تُقَطِّعُه فيهوي في النَّارِ. ويحتَمِلُ أن يكونَ من الخَردَلِ، أي: جُعِلت أعضاؤه كالخَرْدَلِ، وقيل: معناه أنها تَقطَعُهم عن لحوقِهم بمن نجا، وقيل: ‌المُخَردَلُ: المصروعُ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (11/ 454). ثُمَّ ينجو )) [415] أخرجه البخاري (6573) واللَّفظُ له، ومُسلِم (182). .
قال ابنُ قُدامةَ: (الصِّراطُ حَقٌّ، وتجوزُه الأبرارُ، ويَزِلُّ عنه الفُجَّارُ) [416] ((لمعة الاعتقاد)) (ص: 23). .
وقال ابنُ حَجَرٍ عن الصِّراطِ: (إنَّه الجِسرُ المنصوبُ على جَهنَّمَ لعُبورِ المُسلِمين عليه إلى الجنَّةِ) [417] ((فتح الباري)) (11/446). ، وهذا هو اعتِقادُ السَّلَفِ فيه [418] يُنظر: ((مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على الواسطية)) للسلمان (ص: 93). ويُنظر: ((شرح مُسلِم)) للنووي (1/20). .

انظر أيضا: