موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ العاشِرُ: أبو العَبَّاسِ الشُّمُنِّيُّ (ت: 872 هـ)


أبو العبَّاسِ، تَقيُّ الدِّينِ، أحمدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ عَلِيٍّ الشُّمُنِّي، القُسَنْطيني الأصلِ، الإسكندريُّ، المالكِيُّ ثمَّ الحَنَفيُّ.
مَوْلِدُه:
وُلِد سَنةَ واحدٍ وثَمان مِائةٍ.
مِن مَشَايِخِه:
والِدُه كمالُ الدِّينِ، وابنُ حجر، وعليُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ الكَريمِ الفوي، وأبو الفَضلِ بنُ التِّلْمسانيِّ، وشَمسُ الدِّينِ الزَّراتيتي، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ الصَّائغِ.
ومِن تَلَامِذَتِه:
السُّيوطيُّ، والسَّخاويُّ، وابن تغري بردي، وأبو المعالى بنُ الشَّمسِ الجَلالي، وأحمدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّنَسيُّ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
العالِمُ العَلَّامةُ، أحَدُ أئِمَّةِ الحَنفيَّةِ، الفَقيهُ، المُفسِّرُ، المُحَدِّثُ، الأُصوليُّ، المُتَكَلِّمُ، النَّحْويُّ، البَيانيُّ، المُحَقِّقُ، إمامُ النُّحاةِ في زَمانِه، كان إمامًا مُتَّفَنِّنًا مَتينَ الدِّيانةِ زاهِدًا عَفيفًا مُتَواضِعًا حَسَنَ الصِّفاتِ قَويَّ الإدراكِ، واحِدَ عَصرِه في العُلومِ بحَيثُ خَضَعَت له رِجالُها، ورَسَمَ له السَّلطانُ بفَرَسٍ يَرْكَبُها فرَكِبَها قَليلًا، ولم يَكُنْ يُحابي في الدِّينِ أحَدًا.
ومِن شِعْرِه:
يقول خليلي العِدا أضمَرَت
إذا مات ذا المَلكِ سُوءَ الوَرَى
فقُلْتُ سَلِ اللهَ إبقاءَه
ويكفينا الظَّاهِرُ المُضْمَرَا
عَقيدتُه:
قال السَّخاويُّ: ((وكان إمامًا عَلَمًا علَّامةً مُفَنِّنًا سُنِّيًّا متينَ الدِّيانةِ زاهِدًا عفيفًا متواضِعًا ... كُلُّ ذلك مع الشَّهامةِ وحُسنِ الشِّكالةِ والأُبَّهةِ وبَشاشةِ الوَجْهِ، ومحَبَّةِ الحديثِ وأهْلِه، وحَطِّهِ على الاتِّحاديَّةِ، ومَن زاغ ممَّن يُنسَبُ إلى التصَوُّفِ)) [682] ينظر: ((الضوء اللامع لأهل القرن التاسع)) للسخاوي (2/ 176). .
وقال السُّيوطيُّ: ((وأمَّا الكلامُ فلو رآه الأشعَريُّ لَقَرَّ بِهِ وقَرَّبَه، وعَلِمَ أنَّه نصيرُ الدِّينِ ببراهينِه وحُجَجِه المُهَذَّبةِ المُرَتَّبةِ)) [683] ينظر: ((بغية الوعاة)) للسيوطي (1/ 376). .
ولَمَّا كان السَّخاويُّ أشعريًّا، كان معنى قَولِه: «سُنِّيًّا» أي: أشعَرِيًّا؛ فإنَّ الأشاعِرةَ يرَون أنَّهم هم أهلُ السُّنةِ، فيتَّفِقُ بذلك كلامُ السَّخاويِّ والسُّيوطيِّ. وينضافُ إلى ذلك أنَّه علَّق على كِتابِ: ((الشفا)) للقاضي عِياضٍ، رَغْمَ ما فيه من اتِّباعٍ للأشعَريِّ، ولو كان الشُّمُنِّي على غَيرِ اعتِقادِه لنَبَّه على ذلك، ولم يفعَلْ.
وفي مُؤَلَّفاتِ الشُّمُنِّي ما يدُلُّ على معارضتِه المُعتَزِلةَ وغَيرَهم؛ فمِن ذلك قَولُه: ((والقَدَريَّةُ: هم طائفةٌ يُنكِرون أنَّ اللهَ قَدَّر الأشياءَ في القِدَمِ. وقد انقَرَضوا وصار القَدَريَّةُ لقبًا للمُعتَزِلةِ لإسنادِهم أفعالَ العِبادِ إلى قُدرتِهم، وإنكارِهم القَدَرَ فيها ... والمُرجِئةُ: لُقِّبوا بذلك لأنَّهم يُرجِئون العَمَلَ عن النِّيَّةِ، أي: يؤخِّرون في الرُّتبةِ عنها وعن الاعتِقادِ، مِن إرجاءِ آخِرِه. ومنه قَولُه تعالى: أَرْجِهْ وَأَخَاهُ أو لأنَّهم يقولون: لا تَضُرُّ مع الإيمانِ مَعصيةٌ كما لا ينفَعُ مع الكُفرِ طاعةٌ، فهم يُعَطِّلون الرَّجاءَ)) [684] ينظر: ((حاشية الشمني على الشفا للقاضي عياض)) (2/274). .
مُصَنَّفَاتُه:
 مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((مُزيل الخَفاءِ عن ألفاظ الشِّفاء))، وكتاب: ((المنصف من الكلام على مغني ابن هشام))، وكتاب: ((شَرْح نَظْم النُّخْبة)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ اثنَتَين وسبعين وثَمان مِائةٍ [685] يُنظَر: ((المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي)) لابن تغري بردي (2/ 100)، ((الضوء اللامع لأهل القرن التاسع)) للسخاوي (2/ 174)، ((الطبقات السنية في تراجم الحنفية)) لتقي الدين الغزي (2/ 81)، ((الفوائد البهية في تراجم الحنفية)) لمحمد بن عبد الحي (ص: 37). .

انظر أيضا: