موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الرَّابع والثلاثون: أَبُو سَعِيدٍ السِّيرَافِي (ت: 368 هـ)


أَبُو سَعِيدٍ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَرْزُبَان السِّيرَافِي، الفارسيُّ، القَاضِي، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ، المُقْرِئ، صَاحِبُ التَّصَانِيف.
مَوْلِدُه:
وُلِد سَنةَ أربعٍ وثَمانينَ ومائَتَينِ.
مِن مَشَايِخِه:
أَبُو بِكْرِ بنُ دُرَيْدٍ، وابنُ زِيَاد النَّيْسَابُورِيُّ، وابنُ مُجَاهِدٍ، وابنُ السَّرَّاجِ، وأَبُو بِكْرٍ مَبْرَمَانُ.
ومِن تَلَامِذَتِه:
ابنُ خالويه، والجوهري، وأبو حيان التوحيدي، وعلي بن عيسى الربعي، وعَلِيُّ بنُ أَيُّوبَ القُمِّي، ومُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوَاحِدِ بنِ رِزْمَةَ.
سَبَبُ تَسْمِيَتِه بالسِّيرَافِي:
سُمِّيَ بالسِّيرَافِي نِسْبَةً إلى "سِيرَاف"، وهي بَلْدَةٌ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ مِن أَرْضِ فَارِسَ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان أَبُو سَعِيدٍ السِّيرَافيُّ عَالِمًا بِاللُّغَة، والنَّحْو، والعَرُوض، وَالْقِرَاءَات، والفَرَائِض، والحِسَاب، وغَيْرِ ذلك مِنْ فُنُونِ العِلْم.
وكان من أعيانِ الحَنَفيَّةِ، وقد تفَقَّه في عُمَان، وسَكَن بَغْدَاد، فَتَوَلَّى نِيَابَةَ القَضَاءِ وتُوفِّي فيها، وكان مُتَعَفِّفًا دَيِّنًا مُتَوَرِّعًا، لا يَأْكُلُ إلَّا مِن كَسْبِ يَدِه، يَنْسَخ الكُتُبَ بالأُجْرَة ويَعِيش منها، وكان أبوه مَجُوسِيًّا، اسمُه بَهْزَاد فَأَسْلَم، فَسَمَّاه ابنُه: "عبدَ اللهِ".
وكان أَبُو حَيَّان التَّوْحِيدِيُّ -كما ذَكَر الحَافِظُ ابنُ حَجَر في لِسَان المِيزَان [347] ينظر: ((لسان الميزان)) لابن حجر (2/218). - يُبَالِغ في تَعْظِيمِه والثَّنَاءِ عليه في العُلُوم، حتى قال أبو حَيَّان عنه: (إنَّه صَام أربعين سَنةَ أو أكثَرَ الدَّهْر، وأَفْتَى في جَامِعِ الرُّصَافَة خمسين سنة، وما وُجِد له خَطَأٌ أو زَلَّة!) [348] ينظر: ((بغية الوعاة)) للسيوطي (1/507). .
وقد شَرَح كِتَابَ سِيبَوَيْه شَرْحًا لم يُسْبَقْ إلى مِثْلِه، فَحَسَدَه عليه أبو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ وغَيْرُه مِن مُعَاصِرِيه، وهَجَاه أبو الفَرَج -صَاحِبُ الأَغَانِي- لمُنَاقَشَةٍ كانت بَيْنَهُما بقوله:
لَعَن اللهُ كُلَّ شِعْرٍ ونَحْوٍ
وعَرُوضٍ يَجِيءُ مِن سِيرَاف
عقيدتُه:
ذكر بَعْضُ المؤرِّخينَ أنَّه كان على مَذهَبِ الاعتِزالِ، من أصحابِ الجُبَّائيِّ، إلَّا أنَّه كان لا يُظهِرُ شيئًا من ذلك [349] ينظر: ((طبقات النحويين واللغويين)) للزبيدي (ص: 119)، ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (8/ 316)، ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (2/ 78). .
وفي بعضِ كُتُبِه إشاراتٌ إلى التَّأويل؛ منها قَولُه: ((أمَّا قَولُه تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: 54] فإنَّ الاستواءَ -بمعنى الاستيلاءِ كان أو بمعنى غيرِه- لا يصِحُّ إلَّا على الموجوداتِ بَعْدَ خَلْقِه إيَّاها، والعَرْشُ داخِلٌ في خَلْقِ السَّمَواتِ والأرضِ، ثمَّ صَرَّفَها ودَبَّرها كيف شاء قاهِرًا لها)) [350] ينظر: ((شرح كتاب سيبويه)) للسيرافي (2/ 334). .
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((أخْبَار النَّحْويِّين البَصْريِّين))، وكتاب: ((الإقناع)) في النَّحْو، وكتاب: ((شرح كتاب سِيبَوَيه))، وكتاب: ((صَنْعَة الشِّعْر))، وكتاب: ((البلاغة))، وكتاب: ((شرح المقصورة الدُّرَيْدِيَّة)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ ثمانٍ وستِّين وثلاثِ مِائة. وقيل: سَنةَ أربعٍ وستِّين وثلاثِ مِائة. وقيل: سَنةَ خمسٍ وستِّين وثلاثِ مِائة [351] يُنظَر: ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص 119)، ((تاريخ العلماء النحويين)) للتنوخي (ص 28)، ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (8/ 316)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحموي (2/876)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (1/ 348)، ((وفيات الأعيان)) لابن خَلِّكان (7/ 72)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (16/ 247)، ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (12/ 47)، ((البداية والنهاية)) لابن كثير (15/ 393)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 115)، ((لسان الميزان)) لابن حجر (3/ 64)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (1/ 507)، ((الأعلام)) للزركلي (2/ 195). .

انظر أيضا: