موسوعة اللغة العربية

المسألةُ الرابعةُ: إهمالُ بَعضِ الأدواتِ الجازمةِ


قد تهمَلُ بعضُ الأدواتِ الجازمةِ لشَبَهِها بأُخرى غيرِ جازمةٍ وحَمْلِها عليها، كما حملوا إذا على إنْ وجَزَموا بها.
ومن تلك الأدواتِ "متى" فإنها أداةُ شَرطٍ جازمةٌ، غيرَ أنها قد تحمَلُ على إذا، ومنه حديثُ أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَاءَ بِلالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلاةِ، فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ »، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُومُ مَقَامَكَ لا يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ أخرجه البخاري (713) ومسلم (418) باختلاف يسير مطولاً. والروايةُ برفعِ (يقوم) روايةَ المستملي والحموي. ينظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (2/ 62). .
وقد تُهمَلُ "إنْ" حملًا على "لو" كقَولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديثِ جبريل لَمَّا سأله عن الإحسانِ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » أخرجه البخاري (50)، ومسلم (9) واللَّفظُ له من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. .
تقديمُ مَعمولِ الفِعْلِ المَجزومِ في جوابِ الشَّرْطِ:
يجوزُ أن يتقدَّمَ مَعمولُ الفِعْل المجزومِ في جوابِ الشَّرْطِ عليه، سواءٌ كان مرفوعًا أو كان منصوبًا، ويُجزَمُ الفِعْلُ جوابًا للشَّرطِ، ولا يجِبُ رَفعُه؛ فتَقولُ: إنْ تأتِني زيدٌ يُكرِمْك، وإنْ تأتِني زيدًا أكرِمْ.
ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
وللْخَيْلِ أَيَّامٌ؛ فَمَنْ يَصْطَبِرْ لهَا
ويَعْرِفْ لها أيَّامَهَا الخَيْرَ تُعْقِبِ
فجَزَم جوابَ الشَّرْطِ "تُعقِبِ" والكَسرةُ للقافيةِ، وقد تقدَّمها الاسمُ المنصوبٌ، وهو معمولُها يُنظَر: ((الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين)) للعكبري (2/ 508)، ((شرح التسهيل)) لابن مالك (4/ 84). .

انظر أيضا: