موسوعة اللغة العربية

المسألةُ الخامِسةُ: الصَّدارةُ لأدواتِ الشَّرْطِ


لأداةِ الشَّرْطِ الصَّدارةُ في الجُملةِ، فلا تقَعُ إلَّا استئنافيَّةً أو خَبَرًا لمُبتَدَأٍ أو نحوَ ذلك، فيجوزُ أن تَقولُ: زيدٌ إنْ يقُمْ يَقُمْ أخوه.
لكنَّ الصَّدارةَ واجِبةٌ بين أركانِ الجُملةِ الشَّرْطيةِ، فلا يجوزُ أن يتقدَّمَ مَعمولُ فِعلِ الشَّرْطِ أو جوابِ الشَّرْطِ على الأداةِ، فلا يُقالُ: طعامَك إنْ تذهَبْ نأكُلْ، بنَصْبِه على أنَّه مفعولٌ لجوابِ الشَّرْطِ، بل هو مُبتَدَأٌ مَرفوعٌ، والجُملةُ الشَّرْطيَّةُ خَبَرٌ له.
كذلك لا يجوزُ أن تتقَدَّمَ جُملةُ الجوابِ على الأداةِ ولا على فِعلِ الشَّرْطِ، فإذا تقدَّمت جُملةٌ هي الجوابُ في المعنى فليست الجوابَ حقيقةً، وإنما هي دليلٌ عليه؛ فإنَّ حَرفَ الشَّرْطِ دالٌّ على معنًى في الشَّرْطِ والجزاءِ، وهو الملازمةُ بينهما، فوجب تقديمُه عليهما، كما وجب تقديمُ سائرِ حُروفِ المعاني على ما فيه معناه، فإذا تقدَّمت جُملةٌ، مِثْلُ قَولِه: آتيك إن أتيتَني؛ فإنَّ تلك الجُملةَ المتقَدِّمةَ على أداةِ الشَّرْطِ دليلٌ على الجوابِ، والجوابُ محذوفٌ للدَّلالةِ عليه.
لا يجوزُ أن تَدخُلَ (هل) على أداةِ الشَّرْطِ، فإن دخلت لم ينجَزِمِ الفِعْلان؛ فإنَّ "هل" لا يُستفْهَم بها عن الشَّرْطِ؛ فتَقولُ: هل مَن يأتينا نأتيه؟ لأنَّ "مَن" هنا موصولةٌ، وإنما يجوزُ أن تَدخُلُ الهمزةُ وَحْدَها على أداةِ الشَّرْطِ؛ تَقولُ: (أَإِنْ تأتِني آتِك؟) (أَمَنْ يَأتِنَا نُكْرِمْه؟)
ويجوزُ لأداةِ الشَّرْطِ أن تُسبَقَ بحَرفِ عَطفٍ أو استدراكٍ ممَّا يقتضيه المعنى، بشَرطِ ألا يخرِجَها عن الصَّدارةِ، كقَولِ الشَّاعِرِ:
ولا أتمنَّى الشَّرَّ والشَّرُّ تَارِكِي
وَلَكِنْ مَتَى أُحْمَلْ عَلَى الشَّرِّ أَرْكَبِ
فجاءت معطوفةً لكِنَّها لم تخرُجْ عن حُكمِ الصَّدارةِ يُنظَر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (4/ 86)، ((تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد)) لناظر الجيش (9/ 4369). .

انظر أيضا: