موسوعة اللغة العربية

المَسألةُ الثَّانيةُ: العَطفُ على فِعلِ الشَّرْطِ وجوابِه


الفِعْلُ المضارعُ إنِ اقترن بالفاءِ أو بالواوِ بَعْدَ الجوابِ المجزومِ أو المقرونِ بالفاءِ غيرَ جوابِ النَّفيِ وجوابِ (إذا)؛ يجوزُ فيه ثلاثُ حالاتٍ: يُجزَمُ عطفًا على لفظِ الجوابِ أو محلِّه، ويُرفَعُ استئنافًا، ويُنصَبُ بإضمارِ (أن).
مِثالُه بعد المجزومِ: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ [البقرة: 284] ؛ حيث قرأ ابنُ عامرٍ وعاصِمٌ ويَعقوبُ بالرَّفعِ، وقرأ الباقونَ بالجَزْمِ، وقرأ ابنُ عَبَّاسٍ بالنَّصبِ يُنظَر: ((السبعة في القراءات)) لابن مجاهد (ص: 195)، ((معاني القراءات)) للأزهري (1/ 237). .
ومَثلُه قَولُ الشَّاعِرِ:
فإن يَهلِكْ أبو قابوسَ يَهلِكْ
ربيعُ النَّاسِ، والبَلَدُ الحرامُ
ونأخُذْ بَعْدَه بذَنابِ عَيشٍ
أجبَّ الظَّهرِ ليس له سَنامُ
برَفعِ "نأخُذ" ونَصبِه وجَزْمِه.
ومِثالُه بعد غيرِ المجزومِ لاقترانِه بالفاءِ قَولُه تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ [البقرة: 271] ؛ حيث قرأ عاصِمٌ برِواية حَفصٍ: (يُكفِّرُ) بالياءِ وبالرَّفعِ، وقرأ ابنُ كثيرٍ وأبو عَمرٍو ويعقوبُ وشُعبةُ عن عاصمٍ: (ونُكفِّرُ) بالنُّون والرَّفع، وقرأ نافِعٌ وحمزةُ والكِسائيُّ بالنُّون وبالجَزمِ: (نُكفِّرْ) يُنظَر: ((السبعة في القراءات)) لابن مجاهد (ص: 191)، ((معاني القراءات)) للأزهري (1/ 229). .
أمَّا إذا عُطِفَ على فِعلِ الشَّرْطِ فإنَّه يجوزُ فيه وجْهانِ:
أ- الجَزمُ، كقَولِه تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 90] ؛ فـ(يصبرْ) فِعلٌ مُضارعٌ معطوفٌ على فِعلِ الشَّرْطِ مجزومٌ، وعَلامةُ جَزمِه السُّكونُ.
وتَقولُ: مَن يتكَلَّم ويُسْرِفْ -أو ثُمَّ يُسرِفْ- يَكُنْ عُرضةً للزَّلَلِ.
فتكونُ حروفُ العَطفِ هنا عاطِفةً مُجرَّدةً.
ب- النَّصبُ، على اعتبارِ تلك الحُروفِ للمَعِيَّةِ، ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
وَمَنْ يَقْتَرِبْ مِنَّا ويَخْضَعَ نُؤْوِهِ
فَلَا يَخْشَ ظُلْمًا مَا أَقَامَ وَلَا هَضْمَا
بنَصبِ "يخضَعَ" على أنَّ الواوَ هنا ناصبةٌ للمُضارعِ بمعنى المعيَّةِ، وقد سبق بيانُها في نواصِبِ المضارعِ يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 500)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (2/ 805). .

انظر أيضا: