موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّاني: اقترانُ (إنَّ) وأخواتِها بـ«ما» الكافَّةِ( سُمِّيَت كافَّةً لأنَّها تكُفُّ -أي تمنَعُ- الأداةَ عن عَملِها التي كانت تَعمَلُه قَبلَ أن تدخُلَ عليها. )


تنقَسِمُ الحروفُ النَّاسِخةُ (إنَّ وأخواتُها) إذا اتَّصَلت بها «ما» إلى قِسمَينِ:
القِسمُ الأوَّلُ: حروفٌ إذا اقترنت بها (ما) كفَّتْهَا عن العمَلِ، وهي خمسةٌ: (إنَّ، وأنَّ، لكنَّ، وكأنَّ، ولعلَّ).
سببُ الإهمالِ: أنَّها في هذه الحالةِ لا تختَصُّ بالأسماءِ، بل قد تدخُلُ على الأفعالِ أيضًا.
مثالُ دُخولِها على الأسماءِ مَكفوفةً عن العَمَلِ بـ«ما» قَولُه تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10] .
إعرابُ الشَّاهِدِ:
إِنَّمَا: «إنَّ»: حَرفُ توكيدٍ ونَصبٍ مكفوفٌ عن العَمَلِ بـ«ما» مَبْنيٌّ على الفَتحِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ، و«ما» كافَّةٌ، وهي حرفٌ زائِدٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
المؤمِنُونَ: مُبتَدَأٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الواوُ؛ لأنَّه جَمعُ مُذَكَّرٍ سالِمٌ.
إِخوَةٌ: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
ومِثلهُ قَولُك: لعلَّما زيدٌ قائمٌ، كأنما محمَّدٌ مهاجرٌ.
وتدخُلُ على الجُملةِ الفِعْليَّةِ، مِثْلُ قَولِه تعالى: كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ [الأنفال: 6] ، وقَولِه: إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا [العنكبوت: 17] . ومنه قَولُ امرِئِ القيسِ:
وَلَكِنَّمَا أسْعَى لمَجْدٍ مُؤَثَّلِ
وقد يُدْرِك المَجْدَ المؤثَّلَ أَمْثَالِي
لكنَّ: حرفٌ ناسِخٌ مَبْنيٌّ على الفَتحِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ، و(ما) كفَّته عن العَمَلِ.
أسعى: فِعلٌ مُضارعٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ المُقَدَّرةُ للتعَذُّرِ.
لمجدٍ: اللامُ حَرفُ جَرٍّ، ومجْد: اسمٌ مَجرورٌ باللامِ وعلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
مُؤَثَّلٍ: نعتٌ مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
القِسمُ الثَّاني: إذا اتَّصَلت بها (ما) فإنَّه يجوزُ فيها الوجهانِ (الإعمالُ والإهمالُ)، وهو حرفٌ واحِدٌ: (ليت).
سَبَبُ الإعمالِ: أنَّها تكونُ مختصَّةً بالجملةِ الاسميَّةِ.
وسَبَبُ الإهمالِ: أنها تُحمَلُ على أخواتها في الإهمالِ عندَ دُخولِ «ما».
مثالُ الوَجهَينِ قَولُ النابغةِ:
أَلَا لَيْتما هَذَا الْحَمَامَ لنا
إِلَى حَمامَتِنا أَو نِصْفَه فَقَدِ
فقد رُوِيَ برَفعِ «الحَمامِ» ونَصْبِه.
فالرَّفعُ: على وَجهِ الإهمالِ، على أنَّ «لَيْتَ» مُهمَلةٌ مكفوفةٌ بما، و«هذا» مُبتَدَأٌ، و«الحمامُ» بالرَّفعِ بَدَلٌ منه.
والنَّصبُ: على وَجهِ الإعمالِ على أنَّ «ليت» عامِلةٌ و«ما» حرفٌ زائدٌ، و«هذا» في مَحَلِّ نصبٍ اسمُ «لَيتَ»، و«الحَمَامَ» بَدَلٌ منه يُنظَر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (4/ 519)، ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 125). .

انظر أيضا: