موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الرابعُ: دُخولِ اللامِ على اسمِ (إنَّ) وخَبَرها


تدخُلُ لامُ الابتداءِ على جملة (إنَّ)، ويسَمِّيها بعضُ العُلَماءِ اللَّامَ المُزحْلَقةَ لأنَّها تزحلَقَت -انتقَلَت- مِن مكانِها الأصليِّ إلى غَيرِه. يُنظَرُ: ((النحو الوافي)) (1/ 659). ، وتدخُلُ على الجملةِ فتزيدُها توكيدًا، وهذه اللامُ حَقُّها الابتداءُ، فتأتي في أوَّلِ الجُملةِ، فتَقولُ: لَزَيدٌ قائِمٌ، لكنَّها لا تستَحِقُّ الابتداءَ في جملةِ (إنَّ)؛ لأنَّها تفيدُ التوكيدَ، فيجتَمِعُ في الجملةِ مُؤَكِّدان على التوالي، وهم يَكرَهون الجَمعَ بين حرفَيْنِ بمعنًى واحدٍ؛ وذلك أنَّ هذه الحُروفَ إنَّما أُتي بها نائبةً عن الأفعالِ اختِصارًا، والجمعُ بين حرفَيْنِ بمعنًى واحدٍ يُناقِضُ هذا الغَرَضَ يُنظَر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (4/ 533). .
وتدخُلُ اللامُ على جملةِ (إنَّ) مكسورةِ الهمزةِ فحَسْبُ دونَ سائِرِ أخواتِها. فتدخُلُ أولًا على الخَبَر، ويُشْترَطُ لدُخولِها الآتي:
1- أن يكونَ الخَبَرُ متأخِّرًا عن الاسمِ، تَقولُ: إنَّ زيدًا لَمَريضٌ، ولا يجوزُ أن تدخُلَ في مِثلِ: إنَّ عندي أموالًا كثيرةً.
2- أن يكونَ الخَبَرُ مُثبَتًا، فلا تدخُلُ على المنفيِّ، نَحوُ: إنَّ العَمَلَ ما طال بالأمسِ.
3- ألَّا يكونَ الخَبَرُ جملةً فِعليَّةً فِعلُها ماضٍ متصَرِّفٌ، فلا يجوزُ نحوُ: إنَّ الطَّائِرةَ لأَسرَعَت. أمَّا إن كان جامدًا مِثلُ (نِعْمَ) أو (بِئْسَ) فيجوزُ، تَقولُ: إنَّ عُثمانَ لَنِعْمَ المُنفِقُ، وإنَّ القِطارَ لَبِئسَ وسيلةُ سَفَرٍ.
4- ألَّا يكونَ الخَبَرُ جُملةً فِعليَّةً شَرطيَّةً؛ لأنَّ لامَ الابتداءِ لا تدخُلُ على أداةِ الشَّرْطِ ولا فِعلِه ولا جَوابِه يُنظَر: ((التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل)) لأبي حيان (5/ 100)، ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) (1/ 531). .
وتدخُلُ اللامُ على اسمِ (إنَّ)، ولكِنْ بشَرطِ أن يتأخَّرَ الاسمُ، ويتَقَدَّمَ الخَبَرُ -ولا يتقَدَّمُ إلَّا إن كان شِبهَ جُملةٍ-، تَقولُ: إنَّ في العَمَلِ لَغُنيةً عن سؤالِ النَّاسِ، ومنه قَولُه تعالى: وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ [ص: 49] ، وقَولُه تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى [النازعات: 26] . وإنما اشتُرِط تأخُّرُ الاسمِ؛ لأنَّ اللامَ مُؤَكِّدة و(إنَّ) مؤكِّدةٌ كذلك، فلا يجتَمِعُ مؤكِّدان مُتتاليان، فلمَّا تأخَّر جاز ذلك يُنظَر: ((كتاب اللامات)) لأبي القاسم الزجاجي (2/ 68)، ((شرح المفصل)) لابن يعيش (4/ 536). .
ويجوزُ أن تدخُلَ اللَّامُ على معمولِ الخَبَرِ، ولكِنْ بثلاثةِ شُروطٍ:
1- أن يتقدَّمَ المعمولُ على الخَبَر، ويتوسَّطَ بين الاسمِ والخَبَر، تَقولُ: إنَّ اللهَ لَعِبادَه ناصِرٌ، فإن تأخَّر المعمولُ لم يجُزْ دُخولُها عليه، فلا يُقالُ: إنَّ اللهَ ناصِرٌ لَعِبادَه.
2- أن يكونَ الخَبَرُ خاليًا من اللامِ، فلا تدخُلُ اللامُ على الخَبَر والمعمولِ معًا؛ فلا يقالُ في المثال السَّابقِ: إنَّ اللهَ لَعِبادَه لناصِرٌ.
3- أن يكونَ الخَبَرُ صالحًا لدُخولِ اللَّامِ عليه، فإن لم يجُزْ دُخولُها عليه -كأن يكونَ الخَبَرُ فعلًا ماضيًا متصَرِّفًا- لم يجُزْ دُخولُها على المعمولِ؛ فلا يقالُ: إنَّ الحُرَّ لَكِفاحًا رَضِيَ يُنظَر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (4/ 537)، ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (1/ 532). .
كما تدخُلُ على ضميرِ الفَصلِ -ويُسَمِّيه الكوفيُّون: ضميرَ العِمادِ- نَحوُ قَولِه تعالى: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ [آل عمران: 62] ، ونَحوُ قَولِه أيضًا: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ [الصافات: 165، 166]، وتَقولُ: إنَّ محمدًا لهو الصَّدِيقُ المخْلِصُ يُنظَر: ((شرح قطر الندى وبل الصدى)) لابن هشام (ص: 164). .

انظر أيضا: