موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الثَّامنُ: ائْتِلافِ اللَّفظِ معَ اللَّفظِ


وهُو: "أنْ تكونَ الألْفاظُ يُلائِمُ بعضُها بعضًا؛ بأنْ يُقرَنَ الغَريبُ بمِثلِه والمُتداوَلُ بمِثلِه؛ رِعايةً لحُسْنِ الجِوارِ والمُناسَبةِ".
كقَولِه تعالى: قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ [يوسف: 85] ؛ فإنَّه تعالى لمَّا أرادَ تَصْويرَ اسْتِغرابِهم مِنِ اسْتِمرارِ بُكاءِ يَعْقوبَ على ابنِه يُوسُفَ وقد تَطاوَلتِ السِّنونَ؛ أتى بحرْفِ التَّاءِ في القسَمِ، وهُو أقلُّ حُروفِ القسَمِ اسْتِعمالًا، ثمَّ أتى بعدَه بكَلمةِ "تَفْتَأ"، وهِي أنْدَرُ فِعلٍ مِنَ الأفْعالِ الرَّافِعةِ للمُبْتَدأ النَّاصبةِ للخبَرِ؛ فلو أتى بـ "تزالُ" لَكانت أسْرَعَ إلى الفَهْمِ وأقرَبَ إلى السَّمْعِ، ثمَّ أردَفَ بأغْرَبِ الألْفاظِ الَّتي تدُلُّ على الهَلاكِ، وهُو الحَرَضُ، فاقْتَضى حُسْنُ الوضْعِ في النَّظْمِ أنْ تُجاوِرَ كلَّ لفْظةٍ لفْظةٌ أخْرى مِن جنْسِها في الغَرابةِ؛ تَوخيًا لحُسْنِ الجِوارِ، ولتَتعادَلَ الألْفاظُ في الوضْعِ وتَتناسبَ في النَّظْمِ.
لكنَّه تعالى لمَّا أرادَ غيرَ ذلك أتى بألْفاظٍ سهْلةٍ سَلِسةٍ، فقال تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ [الأنعام: 109] [484] ينظر: ((الإتقان في علوم القرآن)) للسيوطي (3/ 299)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن حبنكة (2/ 521). .

انظر أيضا: