موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القرآنِ الكريمِ


- قال اللَّهُ تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا [الفَرْقان: 63] ، قال ابنُ القَيِّمِ: (أي: سكينةً ووقارًا، متواضِعين غيرَ أشِرينَ ولا مَرِحينَ ولا متكَبِّرينَ، قال الحسَنُ: عُلَماءُ حُلَماءُ. وقال محمَّدُ بنُ الحنفيَّةِ: أصحابُ وقارٍ وعفَّةٍ، لا يَسفَهون، وإن سُفِه عليهم حَلَموا. والهَونُ -بالفتحِ- في اللَّغةِ: الرِّفقُ واللِّينُ، والهُونُ -بالضَّمِّ-: الهوانُ؛ فالمفتوحُ منه: صفةُ أهلِ الإيمانِ، والمضمومُ: صِفةُ أهلِ الكُفرانِ، وجزاؤهم من اللَّهِ النِّيرانُ) [2186] ((مدارج السالكين)) (3/108). .
- (وقال تعالى مخاطبًا رسولَه، ممتَنًّا عليه وعلى المُؤمِنين فيما ألان به قلبَه على أمَّتِه المتَّبعين لأمرِه، التَّاركين لزجرِه، وأطاب لهم لفظَه، فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159] ) [2187] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/148). .
- كما أمره اللَّهُ سُبحانَه وتعالى أن يُلينَ جانبَه للمُؤمِنين، وأن يتواضَعَ لهم، فقال: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر: 88] .
قال القُرطبيُّ في تفسيرِ هذه الآيةِ: (أي: ألِنْ جانبَك لمن آمن بك، وتواضَعْ لهم) [2188] ((الجامع لأحكام القرآن)) (10/56). .
وقال عزَّ من قائلٍ: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء: 215] .
- ووصف اللَّهُ سُبحانَه وتعالى أصحابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّهم (يُظهِرون العطفَ والحُنُوَّ والتَّواضُعَ للمُؤمِنين، ويُظهِرون الشِّدَّةَ والغِلظةَ والتَّرفُّعَ على الكافرين) [2189] ((فتح القدير)) للشوكاني (2/75). ؛ حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة: 54] .
وقال ابنُ كثيرٍ: (هذه صفاتُ المُؤمِنين الكُمَّلِ أن يكونَ أحدُهم متواضعًا لأخيه ووليِّه، متعزِّزًا على خَصمِه وعدوِّه، كما قال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح: 29] ) [2190] ((تفسير القرآن العظيم)) (3/136). .
وقال ابنُ القيِّمِ: (لمَّا كان الذُّلُّ منهم ذُلَّ رحمةٍ وعَطفٍ وشَفَقةٍ وإخباتٍ، عدَّاه بأداةِ على؛ تضمينًا لمعاني هذه الأفعالِ، فإنَّه لم يُرِدْ به ذُلَّ الهوانِ الذي صاحبُه ذليلٌ، وإنَّما هو ذلُّ اللِّينِ والانقيادِ الذي صاحبُه ذَلولٌ، فالمُؤمِنُ ذلولٌ) [2191] ((مدارج السالكين)) (2/327). .
- وقولُه تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 24] ، (حيثُ أمر اللَّهُ بالتَّواضُعِ للوالدَينِ ذُلًّا لهما ورحمةً واحتسابًا للأجرِ) [2192] ((تيسير الكريم الرحمن)) لعبد الرحمن السعدي (1/456). .
- وقال سُبحانَه: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص: 83] .
قال ابنُ كثيرٍ: (يخبِرُ تعالى أنَّ الدَّارَ الآخرةَ ونعيمَها المُقيمَ الذي لا يحولُ ولا يزولُ، جعَلَها لعبادِه المُؤمِنين المتواضِعين لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ، أي: ترفُّعًا على خلقِ اللَّهِ وتعاظمًا عليهم وتجبُّرًا بهم، ولا فسادًا فيهم) [2193] ((تفسير القرآن العظيم)) (6/258). .

انظر أيضا: