موسوعة الأخلاق والسلوك

و- قِصَصٌ ونماذِجُ مِن التَّضحيةِ عِندَ العُلَماءِ المعاصِرينَ


تضحيةُ ابنِ بازٍ بجُهدِه ومالِه ووَقتِه في قضاءِ حَوائِحِ النَّاسِ:
يقولُ عبدُ اللهِ الحَكَميُّ مُديرُ مَكتَبِه: (هو أبو المساكينِ؛ سعى في رَفعِ مُعاناتِهم، وفَكِّ كُربتِهم، وقضاءِ دُيونِهم، وعلاجِ مَريضِهم، فامتَلَأت دواوينُ مَكتبِه بطَلَباتِهم، يخَصِّصُ لها الوَقتَ الطَّويلَ يَدرُسُها ويَبذُلُ الجُهدَ في نَفعِهم ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، فكم من مَدينٍ كان سببًا في قضاءِ دينِه! وكم من فقيرٍ رفَع عنه ألَمَ الحاجةِ! وكم مِن مِسكينٍ فَرَّج كُربَتَه! بَسَط لهم مائِدَتَه، وأوسَعَ لهم في مجلِسِه، حتَّى قال إفريقيٌّ فقيرٌ رَثُّ الثِّيابِ، جاء يسألُ عنه في مَوسِمِ الحَجِّ الأخيرِ، يسألُ: أين الشَّيخُ؟ فقيل له: لم يَستَطِعِ الحَجَّ، ماذا تريدُ؟ فقال: أنا لا أريدُ منكم شيئًا ولكِنَّني مِسكينٌ، والشَّيخُ أبو المساكينِ!) [1723] ((الدر الثمين في ترجمة فقيه الأمة العلامة ابن عثيمين)) لعصام عبد المنعم المري (ص: 62). .
تضحيةُ ابنِ عُثَيمين بجُهدِه ووَقتِه ومالِه في مُساعدةِ المحتاجينَ:
قال أحَدُ تلامِذةِ ابنِ عُثَيمين: (كم مَرَّةٍ اتَّصل عليَّ الشَّيخُ وقال لي: اذهَبْ إلى تلك المرأةِ أمِّ الأيتامِ، وتحقَّقْ من حالِها لنَقِفَ معها في محنتِها! وكم مَرَّةٍ قال: صَلِّ معي العَصرَ، وإذا به يُعطيني مساعداتٍ بشيكاتٍ مكتوبٍ على كُلِّ واحدٍ اسمُ صاحِبِها حتَّى يُتِمَّ إيصالَها إليهم! في عام 1407هـ فكَّرْنا بإنشاءِ صُندوقٍ لإقراضِ الرَّاغِبين في الزَّواجِ بعُنَيزةَ، بعدما شاهَدْنا الحاجةَ المُلِحَّةَ لإنشائِه، نَظَرًا لترَدُّدِ كثيرٍ من الشَّبابِ عن الإقدامِ على الزَّواجِ من كثرةِ تكاليفِ المهورِ، وعَدَمِ القُدرةِ على تحصيلِها، وعندَ عَرضِ هذه الفِكرةِ على فضيلتِه -رحمه الله- فَرِحَ جِدًّا بها، واستبشر خيرًا، وقال: أعِدُّوا نماذِجَ لهذا المشروعِ تحفَظُ حَقَّ الدَّائِنِ والمَدينِ.
وبعدَ إعدادِ النَّماذِجِ المطلوبةِ سارَع بتزكيةِ هذا المشروعِ والقائِمين عليه، وحَثَّ النَّاسَ وأهلَ الخيرِ أن يُسارعوا بالبَذلِ والعَطاءِ والصَّدَقةِ لهذا المشروعِ حتَّى يواصِلَ عطاءَه. وبحَمدِ اللهِ كان هذا المشروعُ النَّواةَ لجميعِ المشاريعِ الموجودةِ في مُعظَمِ المملكةِ، رَحِمَك اللهُ يا شيخَنا وأسكَنَك فسيحَ جَنَّاتِه) [1724] ((الدر الثمين في ترجمة فقيه الأمة العلامة ابن عثيمين)) لعصام عبد المنعم المري (ص: 252-253). .

انظر أيضا: