موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القُرآنِ الكريمِ


- قال تعالى: وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ [النمل: 50-51] .
قال السَّعديُّ: (وَمَكَرُوا مَكْرًا دبَّروا أمْرَهم على قَتلِ صالحٍ وأهلِه على وَجهِ الخُفيةِ -حتَّى من قومِهم؛ خوفًا من أوليائِه وَمَكَرْنَا مَكْرًا بنَصرِ نبيِّنا صالحٍ عليه السَّلامُ وتيسيرِ أمرِه، وإهلاكِ قومِه المكَذِّبين، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ، هل حَصَل مقصودُهم، وأدركوا بذلك المَكْرِ مطلوبَهم أم انتَقَض عليهم الأمرُ؟ ولهذا قال: أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ أهلَكْناهم واستأصَلْنا شأفَتَهم، فجاءتهم صيحةُ عذابٍ، فأُهلِكوا عن آخِرِهم) [6673] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 606). .
وقال ابنُ عاشورٍ: (سَمَّى اللَّهُ تآمُرَهم مَكرًا؛ لأنَّه كان تدبيرَ ضُرٍّ في خَفاءٍ، وأكَّد مَكْرَهم بالمفعولِ المُطلَقِ؛ للدَّلالةِ على قُوَّتِه في جنسِ المَكْرِ، وتنوينُه للتَّعظيمِ) [6674] ((التحرير والتنوير)) (19/284). .
- وقال سُبحانَه: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا * اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا [فاطر: 43] .
قال ابنُ كثيرٍ: (يخبرُ تعالى عن قُرَيشٍ والعَرَبِ أنَّهم أقسَموا باللَّهِ جَهْدَ أيمانِهم قبلَ إرسالِ الرَّسولِ إليهم: لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ أي: من جميعِ الأُمَمِ الذين أُرسِل إليهم الرُّسُلُ... قال اللَّهُ تعالى: فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ، وهو: محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما أُنزِل معه من الكتابِ العظيمِ، وهو القرآنُ المُبينُ، مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا، أي: ما ازدادوا إلَّا كُفرًا إلى كُفرِهم، ثمَّ بَيَّنَ ذلك بقولِه: اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ أي: استكبروا عن اتِّباعِ آياتِ اللَّهِ، وَمَكْرَ السَّيِّئِ أي: ومَكَروا بالنَّاسِ في صَدِّهم إيَّاهم عن سبيلِ اللَّهِ، وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ أي: وما يعودُ وَبالُ ذلك إلَّا عليهم أنفُسِهم دونَ غَيرِهم) [6675] ((تفسير القرآن العظيم)) (6/559). .
- وقال عزَّ وجَلَّ: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [الأنعام: 123] .
قال ابنُ عاشورٍ: (والمرادُ بالمَكْرِ هنا تحيُّلُ زُعَماءِ المُشرِكين على النَّاسِ في صَرفِهم عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعن متابعةِ الإسلامِ، قال مجاهِدٌ: كانوا جَلَسوا على كُلِّ عَقَبةٍ يُنَفِّرون النَّاسَ عن اتِّباعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ... ظَنًّا منهم بأنَّ صَدَّ النَّاسِ عن متابعتِه يَضُرُّه ويَحزُنُه، وأنَّه لا يَعلَمُ بذلك، ولعَلَّ هذا العَمَلَ منهم كان لمَّا كَثُر المُسلِمون في آخِرِ مُدَّةِ إقامتِهم بمكَّةَ قُبَيلَ الهِجرةِ إلى المدينةِ؛ ولذلك قال اللَّهُ تعالى: وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ. فالواوُ للحالِ، أي: هم في مَكْرِهم ذلك إنَّما يَضُرُّون أنفُسَهم...، فإنَّ غايةَ المَكْرِ ومآلَه إضرارُ الممكورِ به) [6676] ((التحرير والتنوير)) (8/51). .
- وقال تعالى: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ [الأنفال: 17-18] .
(يقولُ تعالى لَمَّا انهزم المُشرِكون يومَ بَدرٍ، وقَتَلهم المُسلِمون: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ بحولِكم وقُوَّتِكم، وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ؛ حيث أعانكم على ذلك... ذَلِكُمْ النَّصرُ من اللَّهِ لكم، وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ أي: مُضعِفُ كُلِّ مَكرٍ وكَيدٍ يَكيدونَ به الإسلامَ وأهلَه، وجاعِلُ مَكرِهم مُحيقًا بهم) [6677] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 317). .
- وقال سُبحانَه: قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ [يوسف: 5] .
- وقولُه تعالى حكايةً عن امرأةِ العزيزِ: ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ [يوسف: 52] .

انظر أيضا: