موسوعة الأخلاق والسلوك

 أ - مِن القُرآنِ الكريمِ


- قال اللهُ تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 142] .
قال الطَّبَريُّ: (وأمَّا قَولُه: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ [النساء: 142] ، فإنَّه يعني: أنَّ المُنافِقينَ لا يعمَلونَ شَيئًا مِن الأعمالِ التي فرَضَها اللهُ على المُؤمِنينَ على وَجهِ التَّقَرُّبِ بها إلى اللهِ؛ لأنَّهم غَيرُ موقِنينَ بمَعادٍ ولا ثَوابٍ ولا عِقابٍ، وإنَّما يعمَلونَ ما عَمِلوا مِن الأعمالِ الظَّاهرةِ إبقاءً على أنفُسِهم، وحِذارًا مِن المُؤمِنينَ عليها أن يُقتَلوا أو يَسلُبوا أموالَهم، فهم إذا قاموا إلى الصَّلاةِ -التي هي مِن الفرائِضِ الظَّاهرةِ- قاموا كُسالى إليها، رياءً للمُؤمِنينَ ليحسَبوهم منهم وليسوا منهم؛ لأنَّهم غَيرُ مُعتَقِدي فرضَها ووُجوبَها عليهم، فهم في قيامِهم إليها كُسالى) [6222] ((جامع البيان)) (9/330، 331). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (هذه صِفةُ المُنافِقينَ في أشرَفِ الأعمالِ وأفضَلِها وخَيرِها، وهي الصَّلاةُ. إذا قاموا إليها قاموا وهم كُسالى عنها؛ لأنَّهم لا نيَّةَ لهم فيها ولا إيمانَ لهم بها ولا خَشيةَ، ولا يعقِلونَ معناها... وعن ابنِ عَبَّاسٍ قال: يُكرَهُ أن يقومَ الرَّجُلُ إلى الصَّلاةِ وهو كَسلانُ، ولكِنْ يقومُ إليها طَلقَ الوَجهِ، عَظيمَ الرَّغبةِ، شَديدَ الفرَحِ؛ فإنَّه يُناجي اللهَ تعالى، وإنَّ اللهَ أمامَه يَغفِرُ له ويُجيبُه إذا دَعاه) [6223] ((تفسير القرآن العظيم)) (2/438). .
- وقال تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة: 54] .
وقال البَغَويُّ: (وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى مُتَثاقِلونَ؛ لأنَّهم لا يرجونَ على أدائِها ثَوابًا، ولا يخافونَ على تَركِها عِقابًا، فإن قيل: كيف ذُمَّ الكَسَلُ في الصَّلاةِ، ولا صَلاةَ لهم أصلًا؟ قيل: الذَّمُّ واقِعٌ على الكُفرِ الذي يبعَثُ على الكَسَلِ، فإنَّ الكُفرَ مُكسِّلٌ، والإيمانَ مُنَشِّطٌ) [6224] ((تفسير البغوي)) (4/58). .
وقال السَّعديُّ: (مُتَثاقِلينَ لها مُتَبَرِّمينَ مِن فِعلِها، والكَسَلُ لا يكونُ إلَّا مِن فقدِ الرَّغبةِ مِن قُلوبِهم، فلولا أنَّ قُلوبَهم فارِغةٌ مِن الرَّغبةِ إلى اللهِ وإلى ما عِندَه، عادِمةٌ للإيمانِ، لم يصدُرْ مِنهم الكَسَلُ) [6225] ((تيسير الكريم الرحمن)) (1/210). .
- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [التوبة: 38] .
قال ابنُ كثيرٍ: (أي: إذا دُعيتُم إلى الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أي: تَكاسَلتُم ومِلتُم إلى المُقامِ في الدَّعةِ والخَفضِ وطيبِ الثِّمارِ، أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ أي: ما لكم فعَلتُم هكذا أَرِضًا مِنكم بالدُّنيا بَدَلًا مِن الآخِرةِ؟! ثُمَّ زَهَّدَ تبارك وتعالى في الدُّنيا، ورَغَّبَ في الآخِرةِ، فقال: فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [التوبة: 38] ) [6226] ((تفسير القرآن العظيم)) (4/153). ويُنظَر: ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (1/337). .
- وقال تعالى عن موسى عليه السَّلامُ: اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى [طه: 42 - 43] .
(الوَنَى: الفُتورُ والتَّقصيرُ. وقُرِئ: تِنِيَا، بكَسرِ حَرفِ المُضارَعةِ للإتباعِ، أي: لا تَنسَياني، ولا أزالُ منكما على ذُكْرٍ حَيثُما تَقَلَّبتُما، واتَّخِذا ذِكري جَناحًا تَصيرانِ به مُستَمَدِّينَ بذلك العَونَ والتَّأييدَ منِّي، مُعتَقِدينَ أنَّ أمرًا مِن الأُمورِ لا يتَمَشَّى لأحَدٍ إلَّا بذِكري) [6227] ((الكشاف)) للزمخشري (3/65). .

انظر أيضا: