موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القُرآنِ الكريمِ


- قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر: 10] .
قَولُه: وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا أي: غِشًّا وحَسَدًا وبُغضًا [5142] يُنظَر: ((النكت والعيون)) للماوردي (5/507)، ((التفسير الوسيط)) للواحدي (4/275)، ((معالم التنزيل)) للبغوي (8/79). .
- وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء: 58] .
من الأمانة (أمانةُ العبدِ مع النَّاسِ، ومن ذلك رَدُّ الودائِعِ إلى أربابِها، وعَدَمُ الغِشِّ، وحِفظُ السِّرِّ، ونحوُ ذلك) [5143] ((تفسير المراغي)) (5/70). .
(والأمانةُ حَقٌّ عِندَ المكَلَّفِ، يتعَلَّقُ به حَقُّ غيرِه، ويُودِعُه لأجلِ أنيوصِلَه إلى ذلك الغيرِ؛ كالمالِ والعِلمِ، سواءٌ كان المودَعُ عندَه ذلك الحَقُّ قد تعاقَد معالمودِعِ على ذلك بعَقدٍ قَوليٍّ خاصٍّ صَرَّح فيه... أم لم يكُنْ كذلك، فإنَّ ما جرى عليه التَّعامُلُ بَيْنَ النَّاسِ في الأمورِ العامَّةِ هو بمثابةِ ما يتعاقَدُ عليه الأفرادُ في الأمورِ الخاصَّةِ) [5144] ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (5/138). .
- وقال تعالى: وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ [المائدة: 13] .
قال الواحِديُّ: (أي: على خيانةٍ، قال مقاتِلٌ: يعني بالخيانةِ: الغِشَّ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [5145] ((التفسير الوسيط)) (2/167). .
- وقال تعالى: تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [النحل: 92] .
قال الواحِديُّ: (الدَّخَلُ والدَّغَلُ: الغِشُّ والخيانةُ، قال الزَّجَّاجُ: غِشًّا ودَغَلًا) [5146] ((التفسير الوسيط)) (3/80). ويُنظر: ((النكت والعيون)) للماوردي (3/211). .
- وقال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ [الأعراف: 43] .
قال السَّمعانيُّ: (الغِلُّ: الغِشُّ والحِقدُ) [5147] ((تفسير القرآن)) (2/183). .
قال مقاتِلٌ: (يعني: ما كان في الدُّنيا في قُلوبِهم من غِشٍّ، يعني بعضَهم لبعضٍ) [5148] ((تفسير مقاتل)) (2/27). .
وقال البَغَويُّ: (مِن غِشٍّ وعداوةٍ كانت بَيْنَهم في الدُّنيا) [5149] ((معالم التنزيل في تفسير القرآن)) (3/229). .
- وقال تعالى: فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ [الأعراف: 85]
قال القُرطبيُّ: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ البَخسُ: النَّقصُ، وهو يكونُ في السِّلعةِ بالتَّعييبِ والتَّزهيدِ فيها، أو المخادَعةِ عن القيمةِ، والاحتيالِ في التَّزيُّدِ في الكَيلِ والنُّقصانِ منه. وكُلُّ ذلك من أكلِ المالِ بالباطِلِ، وذلك منهيٌّ عنه في الأُمَمِ المتقَدِّمةِ والسَّالِفةِ على ألسِنةِ الرُّسُلِ صلواتُ اللهِ وسلامُه على جميعِهم، وحَسْبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ) [5150] ((تفسير القرطبى)) (7/ 248). .
(والبَخسُ أعَمُّ مِن نَقصِ المَكيلِ والموزونِ؛ فإنَّه يَشمَلُ غَيرَهما من المبيعاتِ كالمواشي والمعدوداتِ، ويَشمَلُ البَخسَ في المساوَمةِ والغِشَّ والحِيَلَ التي تُنتقَصُ بها الحقوقُ، وكذا بخسُ الحُقوقِ المعنويَّةِ كالعُلومِ والفَضائِلِ) [5151] ((تفسير المنار)) (8/ 468). .
- وقال تعالى: أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ [الشعراء: 181-182] .
قال ابنُ كثيرٍ: (يأمُرُهم تعالى بإيفاءِ المكيالِ والميزانِ، وينهاهم عن التَّطفيفِ فيهما، فقال: أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ، أي: إذا دفَعْتُم إلى النَّاسِ فكَمِّلوا الكَيلَ لهم، ولا تُخسِروا الكَيلَ فتُعطوه ناقِصًا، وتأخُذوه -إذا كان لكم- تامًّا وافيًا، ولكن خُذوا كما تُعطون، وأعطوا كما تأخُذون) [5152] يُنظر: تفسير ابن كثير (6/ 159). .
- وقال تعالى: وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ [هود : 84] .
قال الآلوسيُّ: (وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ قيل: أي: لا تنقُصوا النَّاسَ من المكيالِ والميزانِ، يعني: ممَّا يُكالُ ويُوزَنُ على ذِكرِ المحَلِّ وإرادةِ الحالِّ، واستُظهِر أنَّ المرادَ: لا تَنقُصوا حَجمَ المِكيالِ عن المعهودِ، وكذا الصَّنجاتُ) [5153] يُنظر: روح المعانى للآلوسى (6/310 ). .
- وقال تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين: 1] .
قَولُه في الذين يُخسِرون الكَيلَ والميزانَ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، ويكفيك من التَّهديدِ والوعيدِ لفظةُ (وَيلٌ) المتوجِّهةُ من اللهِ إلى من يفعَلُ هذا الفِعلَ الخسيسَ الدَّنيءَ الرَّذيلَ! ثمَّ فسَّر المُطَفِّفين بأنَّهم الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوفُونَ [المُطَفِّفين: 1-2] يعني: إذا كان الكيلُ لهم من النَّاسِ كالوا كيلًا وافيًا، وإذا كالوا من متاعِهم للنَّاسِ أو وزنوا للنَّاسِ يُخْسِرون؛ أي: يَنقُصون بالحِيَلِ الخفيَّةِ؛ لأنَّ مَن تمرَّنَ على الكَيلِ والوَزنِ يَعلَمُ حِيَلًا لا يعلَمُها غيرُه، يحسَبُ النَّاظِرُ أنَّ المكيالَ تامٌّ، وأنَّ الميزانَ بتمامٍ، وهناك نقصٌ خَفيٌّ يَعرِفُه أصحابُ الصَّنعةِ بحِيَلِهم الدَّقيقةِ، هذا معروفٌ، فحَذَّرهم اللهُ من هذا، وهذا يدُلُّ على أنَّ كُلَّ من تولَّى مصلحةً اجتماعيَّةً عليه أن ينصحَ إخوانَه المُسلِمين فيها، فالقُرآنُ يذكُرُ منه الآياتِ ليُنَبِّهَ بها على غيرِها، فهذه مصلحةٌ اجتماعيَّةٌ عامَّةٌ؛ لأنَّ كُلَّ النَّاسِ يحتاجُ إلى طعامٍ يَكيلُه، أو إلى حاجةٍ يَزِنُها، وهذا به قِوامُ النَّاسِ في حاجاتِهم ومصالِحهم المتبادَلةِ؛ فالذي يغُشُّ فيه ويَنقُصُ ويُخسِرُ: خَسيسٌ من أخبَثِ خَلقِ اللهِ [5154] ((العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير)) للشنقيطي (2/ 514). .

انظر أيضا: