موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ وغَيرِهم


- قال أميرُ المؤمنين عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه: (الوفاءُ توءَمُ الصِّدقِ، ولا أعلمُ جُنَّةً أوقى منه، وما يَغدِرُ من عَلِم كيف المرجِعُ، ولقد أصبَحنا في زَمانٍ اتَّخَذَ أكثَرُ أهلِه الغَدرَ كَيسًا [5004] الكَيسُ: العَقلُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (6/201). ، ونسَبَهم أهلُ الجَهلِ فيه إلى حُسنِ الحيلةِ، ما لهم قاتَلهم اللهُ ؟! قد يَرى الحُوَّلُ القُلَّبُ وَجهَ الحيلةِ، ودُونَها مانِعٌ من اللهِ ونَهيِه، فيَدَعُها رَأيَ عَينٍ بعدَ القُدرةِ عليها، ويَنتَهِزُ فرصَتَها من لا حَريجةَ له في الدّينِ [5005] من لا حريجةَ له في الدِّينِ، أي: ليس بذي حرجٍ، والتَّحرُّجُ: التَّأثُّمُ. والحريجةُ: التَّقوى. يُنظَر: ((شرح نهج البلاغة)) لابن أبي الحديد (2/ 313). !) [5006] ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (5/300)، ((التذكرة)) لابن حمدون (3/ 10). .
- وقال أيضًا: (إذا كان الغَدرُ طَبعًا فالثِّقةُ بكُلِّ أحَدٍ عَجزٌ) [5007] ((المستطرف)) للأبشيهي (ص: 134). .
- وقال عَديُّ بنُ حاتِمٍ: (أتَينا عُمَرَ في وفدٍ فجَعل يَدعو رَجُلًا رَجُلًا ويُسَمِّيهم، فقُلتُ: أمَا تَعرِفُني يا أميرَ المؤمنينَ؟ قال: بلى، أسلَمْتَ إذ كَفَروا، وأقبَلتَ إذ أدبَروا، ووفَيتَ إذ غَدَروا، وعَرَفتَ إذ أنكَروا، فقال عَديٌّ: فلا أُبالي إذًا!) [5008] رواه البخاري (4394).
- وعن عُمَيرِ بنِ هانِئٍ أنَّ أبا الدَّرداءِ رَضيَ الله عنه كان يَقولُ: (ويلٌ لمن كَذَبَ وعَقَّ ونَقضَ العَهدَ الموثَّقَ، فما بَرَّ ولا صَدَقَ) [5009] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (1/ 223). .
- وقال مُحَمَّدُ بنُ كَعبٍ القُرَظيُّ رَضِيَ اللهُ عنه: (ثَلاثُ خِصالٍ مَن كُنَّ فيه كُنَّ عليه: البَغيُ، والنَّكثُ والمكرُ، وقَرَأ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطِر: 43] ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [يونس: 23] ، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح: 10] ) [5010] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((ذم البغي)) (36). .
- وقال أبو العاليةِ: (سِتُّ خِصالٍ في المنافِقينَ إذا كانت فيهم الظُّهرةُ على النَّاسِ أظهَروا هذه الخِصالَ: إذا حَدَّثوا كَذَبوا، وإذا وعَدوا أخلَفوا، وإذا ائتُمِنوا خانوا، ونَقضوا عَهدَ اللهِ مِن بعدِ ميثاقِه، وقَطَعوا ما أمَرَ اللهُ به أن يُوصَلَ، وأفسَدوا في الأرضِ، وإذا كانت الظُّهرةُ عليهم أظهَروا الخِصالَ الثَّلاثَ: إذا حَدَّثوا كَذَبوا، وإذا وعَدوا أخلَفوا، وإذا ائتُمِنوا خانوا) [5011] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/211). .
- وعن قَتادةَ قال: (عليكم بالوفاءِ بالعَهدِ، ولا تَنقُضوا هذه المواثيقَ؛ فإنَّ اللهَ قد نَهى عن ذلك، وقدَّمَ فيه أشَدَّ التَّقدِمةِ) [5012] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (2/ 337). .
- وقال مَيمونُ بنُ مِهرانَ: (لو أنَّ أقصَرَكم عِلمًا عَمِلَ بما يَعلَمُ لدَخَل الجَنَّةَ، ما منكم إلَّا من يَعلَمُ أنَّ الصَّلاةَ خَيرٌ من تَركِها، والأمانةَ خَيرٌ من الخيانةِ، والصِّدقَ خَيرٌ من الكَذِبِ، والوفاءَ بالعَهدِ خَيرٌ من نَقضِه، والصِّلةَ خَيرٌ من القَطيعةِ) [5013] ((البصائر والذخائر)) لأبي حيان التوحيدي (3/ 19). .
- وقال ابنُ حَزمٍ: (الغَدرُ، وهو الذي لا يَحتمِلُه أحَدٌ ولا يُغضي عليه كَريمٌ، وهو المَسلاةُ حَقًّا، ولا يُلامُ السَّالي عنه على أيِّ وجهٍ كان، ناسيًا أو مُتَصَبِّرًا، بل اللَّائِمةُ لاحِقةٌ لمن صَبَرَ عليه... ولا أَدْعى إلى السُّلُوِّ عِندَ الحُرِّ النَّفسِ وذي الحَفيظةِ والسَّريِّ السَّجايا من الغَدرِ؛ فما يَصبِرُ عليه إلَّا دَنيُّ المروءةِ خَسيسُ الهمَّةِ ساقِطُ الأنَفةِ) [5014] ((طوق الحمامة)) لابن حزم (ص: 253، 254). .
- ولمَّا حلفَ مُحَمَّدٌ الأمينُ للمأمونِ في بيتِ اللهِ الحَرامِ -وهما وليَّا عَهدٍ- طالبَه جَعفَرُ بنُ يَحيى أن يقولَ: خَذلَني اللهُ إن خَذَلْتُه، فقال ذلك ثَلاثَ مَرَّاتٍ، قال الفَضلُ بنُ الرَّبيعِ: قال لي الأمينُ في ذلك الوقتِ عِندَ خُروجِه من بيتِ اللهِ: (يا أبا العَبَّاسِ، أجِدُ نفسي أنَّ أمري لا يَتِمُّ! فقُلتُ له: ولمَ ذلك أعَزَّ اللهُ الأميرَ؟! قال: لأنِّي كُنتُ أحلفُ وأنا أنوي الغَدرَ! وكان كَذلك، لم يَتِمَّ أمرُه [5015] ((المستطرف)) للأبشيهي (ص: 218). !
- قال الأبشيهيُّ: (وكَم أوقَعَ القدرُ في المهالكِ من غادَر، وضاقَت عليه من مَوارِدِ الهلَكاتِ فسيحاتُ المصادِر، وطَوَّقَه غَدرُه طَوقَ خِزيٍ، فهو على فَكِّه غَيرُ قادِر!) [5016] ((المستطرف)) للأبشيهي (ص: 216). .
- وقال أيضًا: (أيُّ سوءٍ أقبَحُ من غَدرٍ يَسوقُ إلى النِّفاقِ، وأيُّ عارٍ أفضَحُ من نَقضِ العَهدِ إذا عُدَّت مَساوِئُ الأخلاقِ؟!) [5017] ((المستطرف)) للأبشيهي (ص: 217). .
- قال مَروانُ لعَبدِ الحَميدِ الكاتِبِ، عِندَ زَوالِ أمرِه: (صِرْ إلى هؤلاء القَومِ -يعني بني العَبَّاسِ- فإنِّي أرجو أن تَنفَعَني في مخلفي، فقال: وكيف لي بعِلمِ النَّاسِ جَميعًا أنَّ هذا رَأيُك؟ كُلُّهم يقولون: إني قد غَدَرتُ بك، وأنشَد:
وغَدري ظاهِرٌ لا شَكَّ فيه
لمبصِرِه وعُذري بالمَغيبِ.
ولمَّا أُتي به المنصورُ قال له: استَبْقِني؛ فإنِّي فردُ الدَّهرِ بالبَلاغةِ! فقَطعَ يَدَيه ورِجلَيه، ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَه!) [5018] ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/142). .
- قال الجاحِظُ: (الغَدرُ لُؤمٌ... وزَعَموا أنَّه لم يَغدِرْ غادِرٌ قَطُّ إلَّا لصِغَرِ هِمَّتِه عن الوفاءِ، وخُمولِ قَدرِه عن احتِمالِ المكارِهِ في جَنبِ نَيلِ المكارِمِ) [5019] ((الرسائل)) (1/ 124). .
- وقال أبو الطَّيِّبِ الوشاءُ: (الصَّبرُ على الخيانةِ والغَدرِ يَضَعُ من المروةِ والقَدْرِ) [5020] ((الموشى)) (ص: 151). .
- وكَتبَ طاهِرُ بنُ الحُسَينِ لابنِه عَبدِ اللهِ كِتابًا لمَّا ولَّاه المأمونُ عَبدُ اللهِ بنُ هارونَ الرَّشيدِ الرَّقَّةَ ومِصرَ وما بينَهما، وفيه: (لا تَحقِرَنَّ ذَنبًا، ولا تُمالئنَّ حاسِدًا، ولا تُداهِنَنَّ عَدوًّا، ولا تُصَدِّقنَّ نَمَّامًا، ولا تَأمَنَنَّ غَدَّارًا، ولا تُوالينَّ فاسِقًا، ولا تَتَّبعنَّ غاويًا، ولا تَحمَدَنَّ مُرائيًا، ولا تَحقِرَنَّ إنسانًا) [5021] يُنظَر: ((تاريخ الرسل والملوك)) لابن جرير الطبري (8/ 586). .
- وقال ابنُ تَيميَّةَ: (جاءَ الكِتابُ والسُّنَّةُ بالأمرِ بالوفاءِ بالعُهودِ والشُّروطِ والمواثيقِ والعُقودِ، وبأداءِ الأمانةِ ورِعايةِ ذلك، والنَّهيِ عن الغَدرِ ونَقضِ العُهودِ والخيانةِ، والتَّشديدِ على من يَفعَلُ ذلك) [5022] ((مجموع الفتاوى)) (29/145، 146). .
- وقال ابنُ كثيرٍ: (إنَّ من صِفاتِ المنافِقينَ أنَّ أحَدَهم إذا عاهَدَ غَدَرَ، وإذا خاصَمَ فجَرَ، وإذا حَدَّثَ كَذَب، وإذا ائتُمِنَ خانَ؛ ولذلك كان حالُ هؤلاء الأشقياءِ ومَصيرُهم إلى خِلافِ ما صار إليه المؤمنونَ، كما أنَّهم اتَّصفوا بخِلافِ صفاتِهم في الدُّنيا، فأولئك كانوا يوفونَ بعَهدِ اللهِ ويَصِلونَ ما أمَرَ اللهُ به أن يوصَلَ، وهؤلاء يَنقُضونَ عَهدَ اللهِ من بعدِ ميثاقِه) [5023] ((تفسير القرآن العظيم)) (4/453). .
- وقال ابنُ حَجَرٍ: (الغَدرُ حُرمَتُه غَليظةٌ لا سيَّما من صاحِبِ الوِلايةِ العامَّةِ؛ لأنَّ غَدرَه يَتعدَّى ضَرَرُه إلى خَلقِ كَثيرٍ، ولأنَّه غَيرُ مُضطَرٍّ إلى الغَدرِ لقُدرتِه على الوفاءِ) [5024] ((فتح الباري)) (6/284). .
- وصَفَ أعرابيٌّ قَومًا فقال: (أولئك قَومٌ أدَّبتْهم الحِكمةُ، وأحكَمَتْهم التَّجارِبُ، ولم تَغرُرْهم السَّلامةُ المُنطَويةُ على الهلَكةِ، ورَحَلَ عنهم التَّسويفُ الذي قَطَعَ النَّاسُ به مَسافةَ آجالِهم، فقالت ألسِنَتُهم بالوعدِ، وانبَسَطَت أيديهم بالإنجازِ؛ فأحسَنوا المقالَ، وشَفَعوه بالفِعالِ) [5025] ((المنتقى من كتاب مكارم الأخلاق ومعاليها للخرائطي)) لأبي طاهر الأصبهاني (ص: 55). .
- وقال أحمد شوقي: (من نَقَض مَوثِقَه نَفَضَ عنه الثِّقةَ) [5026] ((أسواق الذهب)) (ص: 140). .

انظر أيضا: