موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسِعًا: قِصَصٌ في العُجْبِ


- عن سُفيانَ بنِ عُيَينةَ، قال: (قال مقاتِلُ بنُ سُلَيمانَ يومًا: سلوني عمَّا دونَ العَرشِ، فقال له إنسانٌ: يا أبا الحَسَنِ، أرأيتَ الذَّرَّةَ أو النَّملةَ، مِعاها في مُقَدِّمِها أو مُؤَخِّرِها؟ قال: فبَقِيَ الشَّيخُ لا يدري ما يقولُ له! قال سُفيانُ: فظَنَنْتُ أنَّها عقوبةٌ عُوقِبَ بها) [4843] ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (15/ 214، 215). .
وفي روايةٍ: فقال له رَجُلٌ: آدَمُ حينَ حَجَّ مَن حَلَق رأسَه؟ قال: فقال له: ليس هذا من عِلْمِكم، ولكِنَّ اللَّهَ أراد أن يبتَلِيَني بما أَعجَبَتْني نفسي) [4844] ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (15/ 211)، ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (60/ 119). .
- قال الماوَرْديُّ: (وممَّا أُنذِرُك به مِن حالي أنَّني صنَّفْتُ في البُيوعِ كِتابًا جمَعْتُ فيه ما استطَعْتُ من كُتُبِ النَّاسِ، وأجهَدْتُ فيه نفسي، وكدَدْتُ فيه خاطري، حتَّى إذا تهذَّب واستكمَل وكِدتُ أُعجَبُ به وتصَوَّرتُ أنَّني أشدُّ النَّاسِ اضطِلاعًا بعِلمِه، حَضَرني وأنا في مجلسي أعرابيَّانِ، فسألاني عن بيعٍ عَقَداه في الباديةِ على شُروطٍ تضَمَّنَت أربَعَ مَسائِلَ لم أعرِفْ لواحدةٍ منهنَّ جوابًا، فأطرَقْتُ مُفَكِّرًا، وبحالي وحالِهما معتَبِرًا، فقالا: ما عندَك فيما سألناك جوابٌ، وأنت زعيمُ هذه الجماعةِ؟! فقُلتُ: لا. فقالا: واهًا لك! وانصَرَفا. ثمَّ أتيا مَن يتقَدَّمُه في العِلمِ كثيرٌ من أصحابي، فسألاه، فأجابهما مُسرِعًا بما أقنَعَهما، وانصرَفا عنه راضِيَينِ بجوابِه، حامِدَينِ لعِلمِه!
فبَقِيتُ مُرتَبِكًا، وبحالِهما وحالي معتَبِرًا، وإنِّي لعلى ما كنتُ عليه من المسائِلِ إلى وقتي، فكان ذلك زاجِرَ نصيحةٍ، ونذيرَ عِظةٍ تَذَلَّلَ بها قِيادُ النَّفسِ، وانخَفَض لها جَناحُ العُجْبِ؛ توفيقًا مُنِحتُه، ورُشدًا أُوتيتُه) [4845] ((أدب الدنيا والدين)) (ص: 73). .
- تكلَّم ربيعةُ الرَّأيِ يومًا بكلامٍ في العِلمِ فأكثَرَ، فكأنَّ العُجْبَ داخَلَه، فالتَفَت إلى أعرابيٍّ إلى جَنْبِه، فقال: ما تَعُدُّون البلاغةَ يا أعرابيُّ؟ قال: قِلَّةُ الكلامِ، وإيجازُ الصَّوابِ، قال: فما تَعُدُّونَ العِيَّ؟ قال: ما كُنتَ فيه منذُ اليومِ! فكأنَّما ألقَمَه حَجَرًا [4846] ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (2/112). .

انظر أيضا: