موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ العُجْبِ وبَعضِ الصِّفاتِ


قال ابنُ حَزمٍ: (العُجْبُ أصلٌ يتفَرَّعُ عنه التِّيهُ، والزَّهوُ، والكِبرُ، والنَّخوةُ، والتَّعالي، وهذه أسماءٌ واقعةٌ على معانٍ متقاربةٍ؛ ولذلك صَعُب الفَرْقُ بينها على أكثَرِ النَّاسِ) [4769] ((الأخلاق والسير)) (ص: 75). .
ومع ذلك فقد تكَلَّم العُلَماءُ -وخاصَّةً أهلَ اللُّغةِ- عن الفُروقِ بَيْنَ العُجْبِ وبينَ هذه الصِّفاتِ، ونذكُرُ منها ما يلي:
الفَرْقُ بَيْنَ العُجْبِ والكِبرِ:
قال أبو هِلالٍ العَسكريُّ: (إنَّ العُجْبَ بالشَّيءِ شِدَّةُ السُّرورِ به، حتَّى لا يعادِلَه شيءٌ عِندَ صاحِبِه، تقولُ: هو مُعجَبٌ بفُلانةَ: إذا كان شديدَ السُّرورِ بها، وهو مُعجَبٌ بنفسِه: إذا كان مسرورًا بخِصالِها.
ولهذا يُقالُ: أعجَبَه، كما يُقالُ: سُرَّ به، فليس العُجْبُ من الكِبرِ في شيءٍ، وقال عليُّ بنُ عيسى: العُجْبُ عَقدُ النَّفسِ على فضيلةٍ لها ينبغي أن يُتعَجَّبَ منها، وليست هي لها) [4770] ((الفروق اللغوية)) (ص: 352). .
وقال الغَزاليُّ: (فإنَّ الكِبرَ يستدعي مُتكبَّرًا عليه، ومتكبَّرًا به، وبه ينفَصِلُ الكِبرُ عن العُجْبِ ... فإنَّ العُجْبَ لا يستدعي غيرَ المُعجَبِ، بل لو لم يُخلَقِ الإنسانُ إلَّا وَحدَه تُصُوِّرَ أن يكونَ معجَبًا، ولا يُتصَوَّرُ أن يكونَ مُتكَبِّرًا إلَّا أن يكونَ مع غيرِه) [4771] ((إحياء علوم الدين)) (3/341). .
الفَرْقُ بَيْنَ العُجْبِ والتِّيهِ:
قال الرَّاغِبُ: (والتِّيهُ: قريبٌ من العُجْبِ، لكِنَّ المُعجَبَ يُصَدِّقُ نفسَه فيما يَظُنُّ بها وَهمًا. والتَّائِهُ يُصَدِّقُها قَطعًا) [4772] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص: 218). ويُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (3/318). .
الفَرْقُ بَيْنَ العُجْبِ والإدلالِ:
يقولُ المُحاسِبيُّ: (إنَّ الإدلالَ معنًى زائدٌ في العُجْبِ، وهو أن يَعجَبَ بعَمَلِه أو عِلمِه، فيرى أنَّ له عِندَ اللَّهِ قَدرًا عظيمًا قد استحَقَّ به الثَّوابَ على عَمَلِه، فإنَّ رَجاءَ المغفرةِ مع الخوفِ لم يكُنْ إدلالًا، وإن زايلَ الخوفُ ذلك فهو إدلالٌ) [4773] ((الرعاية لحقوق الله)) (343، 344). .

انظر أيضا: