موسوعة الأخلاق والسلوك

عاشِرًا: أخطاءٌ شائعةٌ حولَ البِرِّ


1- اعتقادُ أنَّ أعمالَ البِرِّ لا توجَّهُ إلَّا إلى المُسلِمين، وهذا الاعتقادُ خَطَأٌ؛ قال تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة: 8] ، فلَمَّا نهَى الله سُبحانَه في أوَّلِ السُّورةِ عنِ اتخاذِ المُسلِمينَ الكُفَّارَ أولياءَ، وقَطَعَ الموَدَّةَ بَينَهم وبينَهم، تَوَهَّمَ بعضُهم أنَّ بِرَّهُم والإحسانَ إليهم مِن الموُالاةِ والمودَّةِ؛ فبَيَّنَ اللَّهُ سُبحانَه أنَّ ذلك ليس مِن المُوالاةِ المنهيِّ عنها، وأنَّه لم يَنْهَ عن ذلك، بل هو مِن الإحسانِ الَّذي يُحِبُّه ويَرضاه، وكتَبَه على كُلِّ شَيءٍ، وإنَّما المنهيُّ عنه توَلِّي الكُفَّارِ، والإلقاءُ إليهم بالمودَّةِ [1252] يُنظر: ((أحكام أهل الذمة)) لابن القيم (1/602). ، والكافِرُ الذي لم يُنْهَ عن بِرِّه والإقساطِ إليه مَشروطٌ فيه عدَمُ القِتالِ في الدِّينِ، وعدمُ إخراجِ المؤمِنينَ مِن ديارِهم، والكافِرُ المَنهيُّ عن ذلك فيه هو المقاتِلُ في الدِّينِ، المُخرِجُ للمؤمِنينَ مِن ديارِهم، المُظاهِرُ للعَدُوِّ على إخراجِهم [1253] يُنظر: ((دفع إيهام الاضطراب)) للشنقيطي (ص: 236). .
وأيضًا فإنَّ فُسوقَ الوالِدَينِ وكُفْرَهما لا يُسقِطُ حقَّهما مِن البِرِّ؛ قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان: 15] ، فأمَرَ اللَّهُ بمُصاحَبةِ الوالِدَينِ بالمعروفِ في الدُّنيا مع أنَّهما مُشرِكانِ ويُجاهِدانِ ولَدَهما على الشِّركِ، وعن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالت: ((قَدِمَت علَيَّ أمِّي وهي مُشرِكةٌ في عَهدِ قُرَيشٍ إذ عاهَدوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومُدَّتِهم مع أبيها، فاستفتَتْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أمِّي قَدِمَت علَيَّ وهي راغِبةٌ، أفأصِلُها؟ قال: نَعَمْ صِلِيها)) [1254] أخرجه البخاري (3183) واللفظ له، ومسلم (1003). .

انظر أيضا: