موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القُرآنِ الكريمِ


1- قال تعالى: وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ [البقرة: 41] .
قال السُّدِّيُّ: (لا تأخُذوا طَمَعًا قليلًا وتكتُموا اسمَ اللهِ، وذلك الثَّمَنُ هو الطَّمَعُ) [4406] رواه الطبري في ((جامع البيان)) (821) واللفظ له، وابن أبي حاتم في ((التفسير)) (451). .
وعن قتادةَ قال: (أنبأَكم اللهُ بمكانِهم من الطَّمَعِ) [4407] رواه الطبري في ((جامع البيان)) (14730). .
2- وقال جَلَّ في عُلاه: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ص: 24] .
(لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ: بسائقِ الطَّمَعِ والحِرصِ، وحُبِّ التَّكاثُرِ بالأموالِ التي تميلُ بذَويها إلى الباطِلِ إنْ لم يتولَّهم اللهُ بلُطفِه) [4408] يُنظَر: ((بيان المعاني)) لعبد القادر العاني (1/304). .
3- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا [النساء: 29 - 30] ، ففي هذه الآيةِ ينهى اللهُ المُؤمِنين أن يأخُذَ بعضُهم أموالَ بعضٍ بغيرِ حقٍّ، أو أن يطمَعَ بعضُهم في أموالِ بعضٍ فيأخُذَها، فيحتالَ ليأخُذَها بالباطِلِ، لكِنْ إن كان ما يأخُذُه بعضُهم من بعضٍ عن طريقِ التِّجارةِ المبنيَّةِ على رِضا المتبايعينِ، فذلك حلالٌ لهم، كما ينهاهم سُبحانَه عن أن يَقتُلَ أحدُهم نفسَه، أو يقتُلَ أخاه في الدِّينِ؛ إنَّه سُبحانَه كان بهم رحيمًا، ثمَّ توعَّد سُبحانَه من يأخُذُ أموالَ النَّاسِ بالباطِلِ، ويقتُلُ الأنفُسَ التي حرَّمها اللهُ تعالى بغيرِ حَقٍّ، متجاوِزًا حدودَ اللهِ عن قصدٍ وعلمٍ بكونِه مُحرَّمًا، بأنَّه سيَحرِقُه سُبحانَه بنارٍ يُدخِلُه فيها، وكان ذلك أمرًا سهلًا على اللهِ [4409] يُنظَر: ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 176)، ((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (5/25)، ((تفسير ابن عثيمين - سورة النساء)) (1/2591-260). .
وممَّا يُستفادُ من هذه الآيةِ في إضافةِ الأموالِ للجميعِ في قولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ أنَّ صاحِبَ المالِ الحائزَ له يجبُ عليه بَذلُه، أو البَذلُ منه للمُحتاجِ، وألَّا يحمِلَه الطَّمَعُ على إمساكِه، فكما لا يجوزُ للمُحتاجِ أن يأخُذَ شيئًا من مالِ غيرِه بالباطِلِ، كالسَّرِقةِ والغَصبِ، لا يجوزُ لصاحبِ المالِ أن يبخَلَ عليه بما يحتاجُ إليه [4410] يُنظَر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (5/33). .
4- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة: 34] يقولُ اللهُ تعالى: يا أيُّها الذين آمنوا، إنَّ كثيرًا من عُلَماءِ اليهودِ، وعُبَّادِ النَّصارى، حمَلهم الطَّمَعُ والحِرصُ على أن يتمَلَّكوا أموالَ النَّاسِ بغيرِ حَقٍّ ، وأن يُعرِضوا عن الحَقِّ، ويصُدُّوا النَّاسَ عنه، ثمَّ أخبر سُبحانَه أنَّ الذين يجمَعون الذَّهبَ والفِضَّةَ، وحمَلهم الطَّمَعُ والجشَعُ والحِرصُ على ألَّا يُخرِجوا حقوقَ اللهِ منها، وألَّا يُنفِقوا منها في سبيلِ اللهِ، فبَشِّرْهم -يا محمَّدُ- بعذابٍ موجعٍ، فيومَ القيامةِ يوقَدُ على كنوزِهم في نارِ جهنَّمَ، فتُكوى بها جِباهُهم وجُنوبُهم وظُهورُهم، ويُقالُ لهم توبيخًا وتهكُّمًا: هذا ما جمَعتُم لأنفُسِكم، فذوقوا عذابَ ما كُنتُم تَكنِزونَه.
وهذا كُلُّه فيه تحذيرُ المُؤمِنين من حالِ الذين صار جمعُ الأموالِ والافتِتانُ بكَثرتِها وخَزْنِها في الصَّناديقِ، أعظَمَ هَمِّهم في الحياةِ [4411] يُنظَر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (10/349). .
5- لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحَجَرٍ: 88] ففي هذه الآيةِ ينهى اللهُ تعالى نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الإعجابِ بالدُّنيا وزينتِها أو الطَّمَعِ فيها، فيقولُ: ولا تنظُرْ -يا محمَّدُ- بإعجابٍ ورغبةٍ وتمَنٍّ إلى ما أعطَيناه للأغنياءِ المُترَفين من هؤلاء المُعرِضين عن آياتِ رَبِّهم من نِعَمٍ ومباهِجَ زائلةٍ، يتمَتَّعون بها من زينةِ الدُّنيا الفانيةِ؛ لنَبتَليَهم بها، ورِزقُ رَبِّك وثوابُه خيرٌ لك من زينةِ الدُّنيا وأدوَمُ، وهو أحرى أن تطمَعَ في تحصيلِه من عِندِ اللهِ بطاعتِه، فإذا رأى العبدُ من نفسِه طُموحًا إلى زينةِ الدُّنيا وإقبالًا عليها وطمَعًا فيها، أن يُذَكِّرَ نفسَه بما أمامَها من رِزقِ رَبِّه، وأن يوازِنَ بَيْنَ هذا وهذا [4412] يُنظَر: ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 516)، ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (3/45).  .

انظر أيضا: