موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ وغَيرِهم


- قال ابنُ مسعودٍ: (لا تعادوا نِعَمَ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ. قيل: ومَن يعادي نِعَمَ اللَّهِ؟ قال: الذين يحسُدون النَّاسَ على ما آتاهم اللَّهُ مِن فضلِه) [2644] ((بهجة المجالس)) لابن عبد البر (1/ 407). .
- وعن أنَسِ بنِ مالِكٍ أنَّه مرَّ على ديارٍ خَرِبةٍ خاويةٍ، قال: (هذه أهلَكها وأهلَك أهلَها البَغيُ والحَسَدُ؛ إنَّ الحَسَدَ لَيُطفئُ نورَ الحسَناتِ، والبَغيَ يُصَدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُه، فإذا حسَدتُم فلا تَبْغُوا) [2645] ((بهجة المجالس)) لابن عبد البر (1/ 407). .
- وقال معاويةُ بنُ أبي سفيانَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: (كُلُّ النَّاسِ أستطيعُ أن أُرضيَه إلَّا حاسِدَ نعمةٍ؛ فإنَّه لا يُرضيه إلَّا زوالُها!) [2646] رواه الدِّينَوَري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (657م)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (59/200). .
- وقال مُعاويةُ أيضًا: (ليس في خِلالِ الشَّرِّ خَلَّةٌ أعدَلُ من الحَسَدِ؛ فإنَّه يقتُلُ الحاسِدَ قبلَ أن يَصِلَ إلى المحسودِ) [2647] ((الفاضل)) (ص: 100). .
- وقال معاويةُ أيضًا: (لا ينبغي للمَلِكِ أن يكون كذَّابًا؛ لأنَّه إن وَعَد خيرًا لم يُرْجَ، وإن أوعَد شرًّا لم يُخَفْ. ولا غاشًّا؛ لأنَّه لم ينصَحْ، ولا تَصِحُّ الوِلايةُ إلَّا بالمناصحةِ. ولا حديدًا؛ لأنَّه إذا احتَدَّ هلَكَت رعيَّتُه. ولا حسودًا؛ لأنَّه لا يَشرُفُ أحدٌ فيه حَسَدٌ، ولا يَصلُحُ النَّاسُ إلَّا بأشرافِهم. ولا جبانًا؛ لأنَّه يجترئُ عليه عدُوُّه، وتضيعُ ثُغورُه) [2648] ((محاضرات الأدباء)) للراغب (1/ 199). .
- وقال ابنُ سِيرينَ: (ما حسَدتُ أحَدًا على شيءٍ من أمرِ الدُّنيا؛ لأنَّه إن كان من أهلِ الجنَّةِ، فكيف أحسُدُه على الدُّنيا، وهي حقيرةٌ في الجنَّةِ؟! وإن كان من أهلِ النَّارِ، فكيف أحسُدُه على أمرِ الدُّنيا، وهو يصيرُ إلى النَّارِ؟!) [2649] ((إحياء علوم الدين)) للغزلي (3/189). .
- وقال الحَسَنُ البصريُّ: (ما رأيتُ ظالـمًا أشبَهَ بمظلومٍ من حاسِدٍ؛ نَفَسٌ [2650] أي: حَسَدٌ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (16/567). دائمٌ، وحَزَنٌ لازمٌ، وغَمٌّ لا يَنفَدُ) [2651] ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (2/170). .
- وقال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ: (الغِبطةُ من الإيمانِ، والحَسَدُ من النِّفاقِ، والمُؤمِنُ يَغبِطُ ولا يحسُدُ، والمُنافِقُ يحسُدُ ولا يَغبِطُ، والمُؤمِنُ يستُرُ ويَعِظُ وينصَحُ، والفاجِرُ يهتِكُ ويُعَيِّرُ ويُفشي) [2652] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (8/ 95). .
- وقال أبو حاتمِ بنُ حبَّانَ: (الواجِبُ على العاقِلِ مجانبةُ الحَسَدِ على الأحوالِ كُلِّها؛ فإنَّ أهوَنَ خِصالِ الحَسَدِ هو تَركُ الرِّضا بالقضاءِ، وإرادةُ ضِدِّ ما حَكَم اللَّهُ جَلَّ وعلا لعبادِه، ثمَّ انطواءُ الضَّميرِ على إرادةِ زَوالِ النِّعَمِ عن المُسلِمِ، والحاسِدُ لا تهدَأُ رُوحُه، ولا يستريحُ بَدَنُه إلَّا عِندَ رؤيةِ زوالِ النِّعمةِ عن أخيه، وهيهاتَ أن يُساعِدَ القضاءُ ما للحُسَّادِ في الأحشاءِ!) [2653] ((روضة العقلاء)) (ص: 133). . وقال كذلك: (الحَسَدُ من أخلاقِ اللِّئامِ، وتَركُه من أفعالِ الكِرامِ، ولكُلِّ حريقٍ مُطفِئٌ، ونارُ الحَسَدِ لا تُطفَأُ) [2654] ((روضة العقلاء)) (ص: 134). .
- وقال أبو اللَّيثِ السَّمَرْقَنديُّ: (ليس شيءٌ من الشَّرِّ أضَرَّ من الحَسَدِ؛ لأنَّه يَصِلُ إلى الحاسِدِ خمسُ عُقوباتٍ قَبلَ أن يَصِلَ إلى المحسودِ مكروهٌ؛ أوَّلُها: غَمٌّ لا ينقَطِعُ. والثَّانيةُ: مصيبةٌ لا يؤجَرُ عليها. والثَّالثةُ: مَذَمَّةٌ لا يُحمَدُ بها. والرَّابعةُ: يَسخَطُ عليه الرَّبُّ. والخامسةُ: تُغلَقُ عليه أبوابُ التَّوفيقِ) [2655] ((تنبيه الغافلين)) (ص: 177، 178). .
- وقال الجاحِظُ: (ومتى رأيتَ حاسِدًا يُصَوِّبُ إليك رأيًا إن كنتَ مُصيبًا، أو يُرشِدُك إلى صوابٍ إن كنتَ مُخطِئًا، أو أفصَحَ لك بالخيرِ في غَيبتِه عنك، أو قصَر من غيبتِه لك؟ فهو الكَلْبُ الكَلِبُ [2656] الكَلْبُ الكَلِبُ: الذي يَكلَبُ في أكلِ لحومِ النَّاسِ، فيأخذُه شِبهُ جُنونٍ. يُنظَر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (10/ 144). ، والنَّمْرُ النَّمِرُ [2657] يقال: نَمِر نَمَرًا: غَضِب، وساء خُلُقُه. ويقالُ للرَّجُلِ السَّيِّئِ الخُلُقِ: قد نَمِرَ وتنَمَّرَ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (14/ 295). ، والسُّمُّ القَشِبُ [2658] أي: القاتِلُ. يُنظَر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/ 90). ، والفَحلُ القَطِمُ [2659] فَحلٌ قَطِمٌ: ضَؤولٌ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/488). ، والسَّيلُ العَرِمُ [2660] السَّيلُ الذي لا يطاقُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/396). . إن مَلَك قتَلَ وسبى، وإن مُلِك عصى وبغى. حياتُك موتُه، وموتُك عُرسُه وسُرورُه. يُصَدِّقُ عليك كُلَّ شاهدِ زُورٍ، ويُكَذِّبُ فيك كُلَّ عَدلٍ مَرضيٍّ. لا يحِبُّ مِن النَّاسِ إلَّا مَن يُبغِضُك، ولا يُبغِضُ إلَّا من يحِبُّك. عدوُّك بِطانةً [2661] البِطانةُ: السَّريرةُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (13/55). وصديقُك علانيةً... أحسَنُ ما تكونُ عندَه حالًا أقَلَّ ما تكونُ مالًا، وأكثَرَ ما تكونُ عيالًا، وأعظَمَ ما تكونُ ضَلالًا. وأفرَحُ ما يكونُ بك أقرَبَ ما تكونُ بالمصيبةِ عَهدًا، وأبعَدَ ما تكونُ من النَّاسِ حمدًا، فإذا كان الأمرُ على هذا فمُجاورةُ الموتى، ومخالطةُ الزَّمْنى [2662] الزَّمْنى: ذوو العاهاتِ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (13/199). ، والاجتنانُ بالجُدرانِ، ومَصرُ المُصرانِ، وأكلُ القِردانِ: أهوَنُ من معاشرتِه والاتِّصالِ بحَبْلِه!) [2663] ((الرسائل)) (3/17-21) بتصرُّفٍ. .
- وقال الجُرْجانيُّ: (كم من فضيلةٍ لو لم تَستَثِرْها المحاسِدَ لم تَبرَحْ في الصُّدورِ كامنةً، ومنقبةٍ لو لم تُزعِجْها المنافَسةُ لبَقِيَت على حالِها ساكنةً! لكِنَّها برَزَت فتناولَتْها ألسُنُ الحَسَدِ تجلوها وهي تَظُنُّ أنَّها تمحوها، وتَشهَرُها وهي تحاوِلُ أن تستُرَها، حتَّى عثر بها من يَعرِفُ حَقَّها، واهتدى إليها مَن هو أولى بها، فظَهَرت على لسانِه في أحسَنِ مَعرِضٍ، واكتَسَت مِن فضلِه أزيَنَ مَلبَسٍ؛ فعادت بعدَ الخُمولِ نابهةً، وبعدَ الذُّبولِ ناضِرةً، وتمكَّنَت من بِرِّ والِدِها فنوَّهَت بذِكْرِه، وقدَرَت على قضاءِ حَقِّ صاحِبِها، فرفَعَت مِن قَدرِه وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: 216] ) [2664] ((الوساطة بَيْنَ المتنبي وخصومه)) (1، 2). .
- وقال ابنُ المعتَزِّ: (الحاسِدُ مُغتاظٌ على مَن لا ذَنْبَ له، ويَبخَلُ بما لا يملِكُه، ويطلُبُ ما لا يجِدُه) [2665] ((غرر الخصائص الواضحة)) للوطواط (ص: 603). .
- وقال ابنُ حزمٍ: (إنَّ ذوي التَّراكيبِ الخبيثةِ يُبغِضون لشِدَّةِ الحَسَدِ كُلَّ من أحسَنَ إليهم، إذا رأوه في أعلى من أحوالِهم) [2666] ((الأخلاق والسير)) (ص: 42). .
- وقال الخطَّابُ بنُ نُمَيرٍ السَّعديُّ: (الحاسِدُ مجنونٌ؛ لأنَّه يحسُدُ الحَسَنَ والقبيحَ) [2667] ((الرسائل)) للجاحظ (1/345). .
- وقال أكثَمُ بنُ صَيفيٍّ: (لن يَعدَمَ الحَسودُ أن يُتعِبَ قَلْبَه، ويُشغِلَ فِكرَه، ويُوري [2668] أي: يوقِدُ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (40/ 188). غَيظَه، ولا يجاوِزَ ضُرُّه نَفسَه) [2669] ((البصائر والذخائر)) لأبي حيان (1/ 154)، ((نثر الدر)) للآبي (6/ 248). .
- وقال الأحنَفُ بنُ قَيسٍ: (خمسٌ هنَّ كما أقولُ: لا راحةَ لحَسودٍ، ولا مُروءةَ لكَذوبٍ، ولا إخاءَ لمَلولٍ، ولا حيلةَ لبخيلٍ، ولا سُؤدُدَ لسَيِّئِ الخُلُقِ) [2670] يُنظَر: ((الزهد)) لأحمد بن حنبل (1310)، ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (2/ 13)، ((المروءة)) لابن المرزبان (ص: 81)، ((الأمالي)) لأبي علي القالي (1/ 231، 232)، ((شعب الإيمان)) للبيهقي (9/ 27) و (11/ 46). .
- وقال الشَّعبيُّ: (الحاسِدُ مُنغَصَّ بما في يدِ غَيرِه) [2671] ((البيان والتبيين)) للجاحظ (3/ 286). .
- وقال الشَّافعيُّ: (الحاسِدُ طويلُ الحَسَراتِ، عادِمُ الدَّرَجاتِ) [2672] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (9/ 147). .
-وقال حاتِمٌ الأصَمُّ: (أصلُ المعصيةِ ثلاثةُ أشياءَ: الكِبرُ، والحِرصُ، والحَسَدُ) [2673] ((طبقات الصوفية)) للسلمي (ص: 88)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (8/ 79)، ((شعب الإيمان)) للبيهقي (10/ 498). .
- وقال ذو النُّونِ المِصريُّ: (الحَسَدُ داءٌ لا يَبرَأُ، وحَسْبُ الحَسودِ من الشَّرِّ ما يلقى) [2674] ((شعب الإيمان)) للبيهقي (9/ 32، 33). .
- وقال ابنُ المقَفَّعِ: (الحَسَدُ خُلُقٌ دَنيءٌ، ومن دناءتِه أنَّه يبدَأُ بالأقرَبِ فالأقرَبِ) [2675] ((الفاضل)) (ص: 100). .
- وأوصى عبدُ المَلِكِ بنُ صالحٍ ابنًا له فقال: (أي بُنَيَّ احلُمْ؛ فإنَّ مَن حَلُم ساد، ومن تفَهَّم ازداد... وحُسنُ التَّدبيرِ مع الكَفافِ خيرٌ من الكثيرِ مع الإسرافِ، والاقتصادُ يُثمِرُ القليلَ، والإسرافُ يُبيرُ الكثيرَ، ونِعمَ الحَظُّ القناعةُ! وشَرُّ ما صَحِب المرءَ الحَسَدُ...) [2676] ((البيان والتبيين)) للجاحظ (3/ 306، 307). .
- وقال الحَصكَفيُّ في خُطبةِ كتابِه ((الدُّرُّ المختار)): (أستغفِرُ اللَّهَ مُستعيذًا به من حَسَدٍ يسُدُّ بابَ الإنصافِ، ويَرُدُّ عن جميعِ جَميلِ الأوصافِ. ألا وإنَّ الحَسَدَ حَسَكٌ، من تعَلَّق به هَلَك، وكفى للحاسِدِ ذَمًّا في آخِرِ سورةِ الفَلَقِ، في اضطرابِه بالقَلَقِ، للهِ دَرُّ الحَسَدِ ما أعدَلَه! بدأ بصاحِبِه فقَتَله!
وما أنا من كَيدِ الحَسودِ بآمِنٍ
ولا جاهِلٍ يُزري ولا يتدَبَّرُ
وللهِ دَرُّ القائِلِ:
هم يحسُدوني وشَرُّ النَّاسِ كُلِّهِم
مَن عاش في النَّاس يومًا غيرَ محسودِ
إذ لا يسودُ سَيِّدٌ بدونِ وَدودٍ يَمدَحُ، وحَسودٍ يَقدَحُ؛ لأنَّ مَن زَرَع الإحَنَ [2677] الإِحَنُ: جَمعُ الإحنةِ، وهي الحِقدُ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 14). حَصَد المِحَنَ، فاللَّئيمُ يَفضَحُ، والكريمُ يُصلِحُ) [2678] ((الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار)) (ص: 7، 8). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (الحَسَدُ خُلُقُ نَفسٍ ذميمةٍ وضيعةٍ ساقطةٍ، ليس فيها حِرصٌ على الخيرِ، فلعَجْزِها ومهانتِها تحسُدُ من يكسِبُ الخيرَ والمحامِدَ ويفوزُ بها دونَها، وتتمَنَّى أنْ لو فاته كسْبُها حتَّى يساويَها في العَدَمِ) [2679] ((الروح)) (ص: 252). .
- وقال أحمد شوقي: (اثنانِ في النَّارِ دُنيا وأُخرى: الحاقِدُ، والحاسِدُ) [2680] ((أسواق الذهب)) (ص: 143). .

انظر أيضا: