موسوعة الأخلاق والسلوك

رابعًا: آثارُ الحَسَدِ


الحَسَدُ مذمومٌ مرذولٌ، أجمَلَ الماوَرْديُّ مذَمَّتَه في قولِه: (ولو لم يكُنْ من ذَمِّ الحَسَدِ إلَّا أنَّه خُلُقٌ دنيءٌ، يتوجَّهُ نحوَ الأكْفاءِ والأقارِبِ، ويختَصُّ بالمُخالِطِ والمُصاحِبِ، لكانت النَّزاهةُ عنه كَرَمًا، والسَّلامةُ منه مَغنَمًا، فكيف وهو بالنَّفسِ مُضِرٌّ، وعلى الهَمِّ مُصِرٌّ، حتَّى رَّبما أفضى بصاحبِه إلى التَّلَفِ، من غيرِ نِكايةٍ في عَدُوٍّ، ولا إضرارٍ بمحسودٍ) [2681] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (1/269، 270). ، ثمَّ ذَكَر للحَسَدِ أربَعَ مَساوئَ فقال:
1- حَسَراتُ الحَسَدِ وسَقامُ الجَسَدِ، ثمَّ لا يجِدُ لحَسرتِه انتهاءً، ولا يؤمِّلُ لسَقامِه شفاءً، قال ابنُ المعتَزِّ: الحَسَدُ داءُ الجَسَدِ.
2- انخفاضُ المنزلةِ وانحِطاطُ المرتبةِ؛ لانحرافِ النَّاسِ عنه، ونفورِهم منه، وقد قيل في منثورِ الحِكَمِ: الحَسودُ لا يَسودُ.
3- مَقتُ النَّاسِ له حتَّى لا يجِدَ فيهم محبًّا، وعداوتُهم له حتَّى لا يرى فيهم وليًّا، فيصيرُ بالعداوةِ مأثورًا، وبالمَقتِ مزجورًا.
4- إسخاطُ اللَّهِ تعالى في معارضتِه، واجتناءُ الأوزارِ في مخالفتِه؛ إذ ليس يرى قضاءَ اللَّهِ عَدلًا، ولا لنِعَمِه من النَّاسِ أهلًا [2682] ((أدب الدنيا والدين)) (1/273، 274) بتصرُّفٍ. .
وقال الجاحِظُ: (الحَسَدُ -أبقاك اللَّهُ- داء يَنهَكُ الجَسَدَ، ويُفسِدُ الوُدَّ، علاجُه عَسِرٌ، وصاحِبُه ضَجِرٌ، وهو بابٌ غامضٌ، وأمرٌ متعَذِّرٌ، فما ظهر منه فلا يُداوى، وما بَطَن منه فمُداويه في عَناءٍ) [2683] ((الرسائل)) (3/3، 4). ، ثمَّ قال: (ولو لم يَدخُلْ- رحمك اللَّهُ- على الحاسِدِ بَعدَ تراكُمِ الهمومِ على قَلبِه، واستمكانِ الحُزنِ في جَوفِه، وكثرةِ مَضَضِه [2684] مَضَضُه: توَجُّعُه. يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (3/1106). ، ووَسواسِ ضَميرهِ، وتنغيصِ عُمُرِه، وكَدَرِ نفسِه، ونَكَدِ لَذاذةِ معاشِه، إلَّا استصغارُه لنعمةِ اللَّهِ عندَه، وسَخَطُه على سَيِّدِه بما أفاد اللَّهُ عبدَه، وتمنِّيه عليه أن يرجِعَ في هبتِه إيَّاه، وألَّا يرزُقَ أحدًا سِواه؛ لكان عِندَ ذوي العُقولِ مرحومًا، وكان عندَهم في القياسِ مظلومًا) [2685] ((الرسائل)) (3/5). .
5- يؤدِّي إلى المقاطعةِ والهَجرِ، والبَغضاءِ والشَّحناءِ.
6- يؤدِّي إلى الغِيبةِ والنَّميمةِ.
7- يؤدِّي إلى الظُّلمِ والعُدوانِ.
8- يؤدِّي إلى السَّرِقةِ والقَتلِ [2686] ((سلامة الصدر)) لسعيد بن وهف القحطاني (ص: 18). .

انظر أيضا: