موسوعة الأخلاق والسلوك

حاديَ عَشَرَ: أخطاءٌ شائِعةٌ


كثيرٌ مِنَ النَّاسِ يظُنُّ أنَّ التَّنازُعَ والاختِلافَ في الأحكامِ الفرعيَّةِ التي يُحتَمَلُ فيها الخِلافُ مَدعاةٌ للتَّهاجُرِ والتَّقاطُعِ، وموجِبٌ للإثمِ على المُخالِفِ، وهذا خَطَأٌ ظاهِرٌ.
قال ابنُ تيميَّةَ: (قدِ اتَّفقَ الصَّحابةُ في مَسائِلَ تَنازَعوا فيها، على إقرارِ كُلِّ فريقٍ للفريقِ الآخَرِ على العَمَلِ باجتِهادِهم، كمَسائِلَ في العِباداتِ والمناكِحِ والمَواريثِ والعَطاءِ والسِّياسةِ وغَيرِ ذلك... وهذه المَسائِلُ مِنها ما أحَدُ القَولينِ خَطَأٌ قَطعًا، ومِنها ما المُصيبُ في نَفسِ الأمرِ واحِدٌ عِندَ الجُمهورِ أتباعِ السَّلفِ، والآخَرُ مُؤَدٍّ لِما وجَبَ عليه بحَسبِ قوَّةِ إدراكِه، وهَل يُقالُ له: مُصيبٌ أو مُخطِئٌ؟ فيه نِزاعٌ. ومِنَ النَّاسِ مَن يجعَلُ الجَميعَ مُصيبينَ ولا حُكمَ في نَفسِ الأمرِ. ومَذهَبُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ أنَّه لا إثمَ على مَنِ اجتَهَدَ وإن أخطَأ) [159] ((مجموع الفتاوى)) (19/122، 123). .
وقال أيضًا: (كان العُلماءُ مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعينِ ومَن بَعدَهم إذا تَنازَعوا في الأمرِ اتَّبَعوا أمرَ اللهِ تعالى في قَولِه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59] ، وكانوا يتَناظَرونَ في المَسألةِ مُناظَرةَ مُشاورةٍ ومُناصَحةٍ، ورُبَّما اختَلف قَولُهم في المَسألةِ العِلميَّةِ والعَمَليَّةِ مَعَ بَقاءِ الأُلفةِ والعِصمةِ وأُخوَّةِ الدِّينِ. نعَمْ، مَن خالف الكِتابَ المُستَبينَ والسُّنَّةَ المُستَفيضةَ أو ما أجمَعَ عليه سَلَفُ الأُمَّةِ خِلافًا لا يُعذَرُ فيه، فهذا يُعامَلُ بما يُعامَلُ به أهلُ البدَعِ) [160] ((مجموع الفتاوى)) (24/172). .
وعن أبي سَلَمةَ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ وسَعيدِ بنِ المُسَيِّبِ: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ وعُثمانَ بنَ عَفَّانَ رَضي اللهُ عنهما كانا يتَنازَعانِ في المَسألةِ بَينَهما حتَّى يقولَ النَّاظِرُ: إنَّهما لا يجتَمِعانِ أبَدًا! فما يفتَرِقانِ إلَّا على أحسَنِه وأجمَلِه!) [161] ((تاريخ الخلفاء)) للسيوطي (ص: 114). .

انظر أيضا: