موسوعة الأخلاق والسلوك

هـ- قِصصٌ ونماذِجُ مِن النَّصيحةِ عندَ العُلماءِ المُعاصِرينَ


مِن نصائِحِ ابنِ بازٍ:
كتَب لمَن طلَب منه النَّصيحةَ: (إنَّ الواجِبَ عليك الثَّباتُ على الحقِّ، والمُبادَرةُ بالزَّواجِ حيثُ أمكَن، والإنكارُ بالكلامِ على مَن يُخاطِبُك بما أشرْتَ إليه في رسالتِك، واذكُرْ قولَ اللهِ تعالى: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46] ، وقولَه تعالى عن وَصيَّةِ لُقمانَ لابنِه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان: 17] ، وإنَّ عليك الحَذرَ مِن جميعِ المحارِمِ، والاستِعانةَ باللهِ على ذلك، وسُؤالَه التَّوفيقَ والهِدايةَ في ذلك، والاستِقامةَ على التَّوبةِ ولا تيأسْ، ونوصيك بصُحبةِ الأخيارِ، والحَذرِ مِن صُحبةِ الأشرارِ؛ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المرءُ على دينِ خَليلِه، فلينظُرْ أحدُكم مَن يُخالِلُ)) [9224] أخرجه أبو داود (4833)، والترمذي (2378)، وأحمد (8417) واللفظُ له من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. قال الترمذي: (حسَنٌ غريبٌ)، وصحَّح إسنادَه النوويُّ في ((رياض الصالحين)) (ص: 188)، وحسَّن الحديثَ ابنُ حجر في ((الأمالي المطلقة)) (ص: 151)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4833)، وصحَّحه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (6/306)، وحسَّن إسنادَه شعيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4833). ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما مَثلُ الجليسِ الصَّالِحِ وجَليسِ السُّوءِ كحامِلِ المِسكِ ونافِخِ الكيرِ، فحامِلُ المِسكِ إمَّا أن يُحذِيَك، وإمَّا أن تبتاعَ منه، وإمَّا أن تجِدَ منه ريحًا طيِّبةً، ونافِخُ الكيرِ إمَّا أن يُحرِقَ ثِيابَك، وإمَّا أن تجِدَ منه ريحًا مُنتِنةً)). مُتَّفَقٌ عليه [9225] أخرجه البخاري (2101)، ومسلم (2628)، من حديثِ أبي موسى الأشعَريِّ رَضِيَ اللهُ عنه. .
وأسألُ اللهَ سبحانَه للجميعِ التَّوفيقَ للعِلمِ النَّافِعِ، والعَملَ به، والثَّباتَ على الحقِّ؛ إنَّه سميعٌ قريبٌ. والسَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبَركاتُه [9226] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (27/ 505). .
وقال بَعدَ لِقائه هيئةَ تحريرِ إحدى الصُّحفِ ناصِحًا: (الواجِبُ على جميعِ العامِلينَ في الصُّحفِ أن يتَّقوا اللهَ، وأن ينشروا ما ينفَعُ النَّاسَ في دينِهم ودُنياهم، وأن يحذَروا نَشرَ ما يضُرُّ النَّاسَ في دينِهم أو دُنياهم) [9227] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (30/ 317 - 321). .
نصيحةُ ابنِ عُثَيمينَ حَولَ العَملِ بالعِلمِ:
سُئِل: ما نصيحةُ فَضيلتِكم حَولَ العَملِ بالعِلمِ؟
فأجاب بقولِه: (لا بُدَّ مِن العَملِ بالعِلمِ؛ لأنَّ ثمرةَ العِلمِ العَملُ؛ لأنَّه إذا لم يعمَلْ بعِلمِه صار مِن أوَّلِ مَن تُسعَّرُ بهم النَّارُ يومَ القيامةِ، وقد قيل:
وعالِمٌ بعِلمِه لم يعمَلَنْ مُعذَّبٌ مِن قَبْلِ عُبَّادِ الوَثَنِ، فإذا لم يعمَلْ بعِلمِه أُورِث الفَشلَ في العِلمِ وعَدمَ البركةِ ونِسيانَ العِلمِ؛ لقولِ اللهِ تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة: 13] ، وهذا النِّسيانُ يشمَلُ:
1- النِّسيانَ الذِّهنيَّ.
2- والنِّسيانَ العَمليَّ.
فيكونُ بمعنى ينسَونَه ذِهنيًّا، أو ينسَونَه: يترُكونَه؛ لأنَّ النِّسيانَ في اللُّغةِ العربيَّةِ يُطلَقُ بمعنى التَّركِ، أمَّا إذا عمِل الإنسانُ بعِلمِه فإنَّ اللهَ تعالى يزيدُه هُدًى؛ قال تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى [محمد: 17] ، ويزيدُه
تقوى؛ ولهذا قال تعالى: وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ [محمد: 17] .
فإذا عمِل بعِلمِه ورَّثه اللهُ عِلمَ ما لم يعلَمْ؛ ولهذا قال بعضُ السَّلفِ: العِلمُ يهتِفُ بالعَملِ، فإن أجابه وإلَّا ارتحَل [9228] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (26/ 104). .
نصيحةُ بكر أبو زيد لقارِئِ القُرآنِ:
قال بكر أبو زيد: (وأنصَحُ كُلَّ مُسلِمٍ قارِئٍ لكتابِ اللهِ تعالى -وبخاصَّةٍ أئمَّةُ المساجِدِ- أن يكُفُّوا عن المُحاكاةِ والتَّقليدِ في قِراءةِ كلامِ ربِّ العالَمينَ؛ فكلامُ اللهِ أجَلُّ وأعظَمُ مِن أن يجلِبَ له القارِئُ ما لم يُطلَبْ منه شَرعًا زائِدًا على تحسينِ الصَّوتِ حسَبَ وُسعِه لا حسَبَ قُدرتِه على التَّقليدِ والمُحاكاةِ، وقد قال اللهُ عن نبيِّه مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص: 86] ، ولْيجتهِدِ العبدُ في حُضورِ القَلبِ، وإصلاحِ النِّيَّةِ، فيقرَأُ القرآنَ مُحسِّنًا به صَوتَه مِن غَيرِ تكلُّفٍ، ولْيجتنِبِ التَّكلُّفَ مِن الأنغامِ، والتَّقعُّرَ في القراءةِ، والممنوعَ مِن حُرمةِ الأداءِ) [9229] ((تصحيح الدعاء)) (ص: 317). .
نصيحةُ الألبانيِّ للشَّبابِ وطَلبةِ العِلمِ:
قال الألبانيُّ: (عَجبًا مِن أمَّةٍ تُريدُ النَّصرَ مِن اللهِ، وهُم يُخالِفونَ اللهَ في الاعتقادِ في توحيدِه، في عِبادتِه،  في الأحكامِ الأخرى التي جاءت على لِسانِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لذلك أقولُ ناصِحًا ومُذكِّرًا: إن كنْتُم مُخلِصينَ وجادِّينَ وصادِقينَ في أن ينصُرَنا اللهُ عزَّ وجلَّ على أعدائِنا، وبخاصَّةٍ الذين احتلُّوا أرضَنا، فعليكم أن ترجِعوا إلى ربِّنا، وأن تتوبوا إليه توبةً نَصوحًا، ولن تكونَ هذه التَّوبةُ النَّصوحُ إلَّا بالعِلمِ النَّافِعِ والعَملِ الصَّالِحِ، إذًا فتعلَّموا أحكامَ دينِكم، ثُمَّ اعمَلوا بها؛ ينصُرْكم اللهُ على أعدائِكم، وأوَّلُ عدُوٍّ لكم هو نُفوسُكم القائِمةُ في أشخاصِكم) [9230] ((جامع تراث العلامة الألباني في الفقه)) لشادي بن محمد بن سالم آل نعمان (5/ 378). .

انظر أيضا: