موسوعة الأخلاق والسلوك

د- نماذِجُ من الأُلفةِ عِندَ العُلَماءِ المُتأخِّرين


1-كان أبو طاهِرٍ السِّلَفيُّ حَليمًا متحَمِّلًا لجَفاءِ الغُرَباءِ، لا تبدو منه جَفوةٌ لأحَدٍ [760] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (21/ 24). .
2- قال أبو عَمرِو بنُ مَنْدَهْ: (كان أبي ربَّما أنامني إلى جَنْبِه في الفِراشِ، وكان أسمَرَ وكنتُ أبيَضَ، فكان يمازِحُني ويُعانِقُني) [761] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (18/ 441). .
3- ولأخلاقِ أبي إسحاقَ الشِّيرازيِّ أحبَّه النَّاسُ، وزادهم حبًّا له تواضُعُه الشَّديدُ، وطلاقةُ وَجهِه، وبِشرُه الدَّائِمُ، وحُسنُ مجالَستِه وملاحةُ مجاوَرتِه، فكان رَغْمَ الفَقرِ والتَّقَشُّفِ ذا دُعابةٍ لطيفةٍ، قال أبو نَصرٍ أحمَدُ بنُ محمَّدِ بنِ عَبدِ القاهِرِ خَطيبُ المَوصِلِ: (حدَّثني والِدي قال: توجَّهتُ من الموصلِ سَنةَ تِسعٍ وخمسينَ وأربعِمائةٍ إلى بغدادَ، قاصِدًا للشَّيخِ أبي إسحاقَ، فلمَّا حَضَرْتُ عنده بالمسجِدِ الذي يُدَرِّسُ فيه رحَّب بي، وقال: من أينَ أنت؟ قلتُ: من الموصِلِ، فقال: أنت بلديِّي، فقال: ولكِنْ يا سَيِّدي أنا من المَوصِلِ وأنت من فَيرُوزابادَ، فقال: يا وَلَدي، أمَا جمعَتْنا سفينةُ نُوحٍ؟ قال: فشاهَدْتُ من حُسنِ أخلاقِه ولطافتِه وزُهدِه ما حبَّب إليَّ لُزومَه، فصَحِبتُه إلى أن مات) [762] ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (10/ 389)، ((طبقات الشافعية)) لتاج الدين السبكي (4/ 224). .
4- وسعى ابنُ تيميَّةَ في إصلاحِ ذاتِ البَينِ وتأليفِ القُلوبِ، يقولُ: (والنَّاسُ يَعلَمون أنَّه كان بَينَ الحَنبليَّةِ والأشعَريَّةِ وَحشةٌ ومُنافَرةٌ، وأنا كنتُ من أعظَمِ النَّاسِ تأليفًا لقُلوبِ المُسلِمين، وطلَبًا لاتِّفاقِ كَلِمتِهم، واتِّباعًا لِما أُمِرْنا به من الاعتصامِ بحَبلِ اللهِ، وأزلْتُ عامَّةَ ما كان في النُّفوسِ من الوَحشةِ...، وفَرِح المُسلِمون باتِّفاقِ الكَلِمةِ) [763] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (3/228، 229). .
5- قال الضِّياءُ المَقْدسيُّ: (ما أعرِفُ أحَدًا من أهلِ السُّنَّةِ رأى شيخَنا عبدَ الغَنيِّ بنَ عبدِ الواحدِ المَقْدِسيَّ إلَّا أحَبَّه ومدَحه كثيرًا، وكان إذا خرج للجمُعةِ لا نَقدِرُ نمشي معه من كَثرةِ الخَلقِ، ... يجتَمِعون حَولَه، وكُنَّا أحداثًا نكتُبُ الحديثَ حَولَه، فضَحِكْنا من شيءٍ، وطال الضَّحِكُ، فتبَسَّم ولم يَحرَدْ [764] أي: يَغضَبُ. ينظر: ((المصباح المنير)) للفيومي (1/ 128). علينا، وكان سخِيًّا جَوادًا) [765] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (21/456، 457). .
6- وكان أبو العلاءِ الهَمذانيُّ لطيفًا حَسَنَ الأُلفةِ جميلَ الصُّحبةِ، وكانت السُّنَّةُ شِعارَه ودِثارَه اعتقادًا وفِعلًا؛ فعَظُم شأنُه في القلوبِ، حتى إن كان يمُرُّ في هَمذانَ فلا يبقى أحَدٌ رآه إلَّا قام ودعا له حتَّى الصِّبيانُ واليهودُ، وربَّما كان يَمضي إلى بلدةٍ يُصَلِّي بها الجُمُعةَ، فيتلَقَّاه أهلُها خارِجَ البلَدِ؛ المُسلِمون على حِدَةٍ، واليهودُ على حِدَةٍ، يَدْعون له إلى أن يدخُلَ البَلَدَ، وكان يُقرِئُ نِصفَ نهارِه الحديثَ، ونِصفَه القُرآنَ والعِلمَ، ولا تأخُذُه في اللهِ لَومةُ لائمٍ، ولا يمكِنُ أحَدًا أن يعمَلَ في مجلِسِه منكَرًا، وكان يُنزِلُ كُلَّ إنسانٍ مَنزِلتَه، حتى تألَّفت القلوبُ على محبَّتِه، وحُسنِ الذِّكرِ له في الآفاقِ البعيدةِ، حتى أهلُ خَوارِزمَ الذين هم مُعتَزِلةٌ مع شِدَّتِه في الَحنبَليَّةِ [766] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (21/ 43، 44)، ((طبقات علماء الحديث)) لابن عبد الهادي (4/ 104). .

انظر أيضا: